وأعلن ترامب ترشحه لخوض انتخابات الرئاسة في 2024، في مسعى منه لأن يعود إلى مواجهة خلفه الديمقراطي، جو بايدن، لكن الرئيس السابق يحتاج إلى عبور انتخابات تمهيدية محمومة وسط الحزب الجمهوري، بينما تشتد قوة منافسين له من أمثال حاكم ولاية فلوريدا، رون دي سانتيس.
وقال الكاتب والباحث السياسي، غريغ سيرجنت، في صحيفة “واشنطن بوست”، إن استطلاعي رأي حديثين أظهرا، خلال الأسبوع الجاري، أن ديسانتيس تفوق بواقع الضعف على ترامب، وسط مصوتين محتملين في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري.
ويوضح سيرجنت الذي سبق له أن طرح كتابا حول ترامب وسياساته، أن دي سانتيس يستفيد من “نقطة قوة” بارزة غير متاحة لدى ترامب، وهي أن حاكم فلوريدا يسوق نفسه بمثابة حاكم مؤثر اولاية ذات اقتصاد قوي، لأنها الرابعة على مستوى الولايات المتحدة من حيث الناتج المحلي.
وبفضل هذه القوة الاقتصادية لولاية فلوريدا، يمكن لدي سانتيس أن يقدم نفسه للناخبين كمرشح قادر على دحر من يوصفون بـ”الأعداء اليساريين” ورؤيتهم الاقتصادية، في حين أن ترامب لم يتول أي مهمة سياسية بعد مغادرته البيت الأبيض في يناير 2021.
استراتيجية ترامب الجديدة
في خضم هذا الواقع الجديد، تقول صحيفة “وول ستريت جورنال”، إن ترامب سيتخلى عن إقامة تجمعات انتخابية ضخمة، على غرار ما دأب عليه في السابق، وسيتحول إلى إلقاء كلمات أمام أنصاره في تجمعات تحضرها حشود أقل.
ويتوقع الخبراء أن يركز ترامب على مواضيع تثير الجدل وسط الناخبين الأميركيين من قبيل الجريمة وحماية الحدود والتقنية والعلاقات الخارجية، وسيركز كعادته على ما يراه إخفاقا ذريعا من الديمقراطيين في النهوض بالبلاد.
وانتقد ترامب مرارا الأداء الاقتصادي لجو بايدن، مستغلا في ذلك، معدل التضخم الكبير الذي سجلته البلاد بسبب جائحة كورونا، وتبعات العمليات العسكرية التي أطلقتها روسيا في أوكرانيا المجاورة.
ويسري الاعتقاد وسط مؤيدي ترامب بأن تأييد دي سانتيس قد يكون مآله الخفوت مستقبلا، لأن حاكم ولاية فلوريدا سيكون على محك أكثر شدة وحسما، ولن يظل في نطاق جمهوري محدود فقط.
لكن دي ساينتيس يعرف بدوره كيف يعزف على الأوتار الحساسة لدى الناخبين المحافظين في الولايات المتحدة، فقبل أيام، دعا إلى إحداث لجنة تحقيق حتى تنظر في ما وصفها بمخالفات تورطت فيها شركات الأدوية، عند توزيع لقاحات “كوفيد 19”.
ويبدي الجمهوريون، والمحافظون، بشكل عام في الولايات المتحدة، استخفافا بوباء كورونا، ويرون أن الديمقراطيين بالغوا في الحديث عن المخاطر، ولذلك، فقد كانوا من الأكثر رفضا لإجراءات مثل ارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي.
وفي المنحى نفسه، قام دي سانتيس بترحيل العشرات من المهاجرين وإرسالهم إلى جزيرة “مارتاز فينيارد” في ولاية ماساشوستس، من أجل إظهار الحزم في ملف الهجرة.
ترامب المتعب
يقول الكاتب إن ترامب متعب أيضا بسبب ملفاته أمام القضاء، لأن منزله في فلوريدا تعرض للمداهمة قبل أشهر قليلة بسبب احتفاظه بوثائق لم يكن مرخصا له بأن يدعها في بيته، بدون حماية من السلطات الفيدرالية المختصة.
وفي نوفمبر الماضي، مني ترامب بخيبة أمل، بعدما خسر المرشحون الجمهوريون الذين دعمهم خلال انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، في مؤشر على أن كلمته لم تعد مسموعة وسط الناخبين كما كانت من ذي قبل.
وحيال هذا الوضع، لم يتوان سياسيون جمهوريون كبار عن انتقاد ترامب، وتحميله مسؤولية “الأداء الجمهوري المحدود” في انتخابات الكونغرس، في حين كانوا يراهنون على فوز كبير، بسبب تردي شعبية بايدن، ووجود استياء عارم في البلاد من ارتفاع التضخم وتراكم مشاكل أخرى.