وشككت رئيسة حزب “الخير” المعارض، ميرال أكشنار، بقدرة الرئيس التركي على تنفيذ إصلاحات تطال الاقتصاد والقضاء، مبررة شكوكها بأنها تجد أن أردوغان “يفتقر إلى الإرادة لإجراء الإصلاحات”.
وقالت في تصريح أمام كتلة حزبها بالبرلمان: “إنه لا يمتلك الإرادة لإجراء الإصلاحات التي يتحدث عنها، ولا يتمتع تشكيله الوزاري بالكفاءة لتنفيذ هذه الإصلاحات.. سيد أردوغان توقف عن تسويق حرصك على الحفاظ على منصبك لهذا الشعب تحت مظلة الإصلاحات”.
كما أوضح نائب رئيس الكتلة البرلمانية لـحزب الشعب الجمهوري، إنجين أوزكوتش، في مؤتمر صحفي، أن حكومة حزب العدالة والتنمية “قضت على نظام العدالة في تركيا”.
وأضاف: “في الجزء الثاني من توصيات أردوغان، قال سنعزز حكم القانون في الأشهر المقبلة، ووزير العدل عبد الحميد غول يتحدث عن الإصلاح القضائي، وكأنهم لم يخرقوا نظام العدالة بأنفسهم.. لقد انخفضت الثقة في القضاء إلى أدنى نقطة”.
وتابع أوزكوتش: “حكومات حزب العدالة والتنمية مسؤولة عن ذلك، لا يمكنك إنقاذ الموقف بالخروج الآن والمناداة بالإصلاح، كيف ستؤسسون دولة القانون التي لم تتمكنوا من إقامتها منذ 18 عاما في غضون أشهر قليلة؟ لا أحد سيصدق هذا. إلى جانب ذلك، هل يمكن الحديث عن أن هناك قانونا في بلد لا يتم فيه تنفيذ قرارات المحكمة الدستورية؟”.
أما أرغون أوزبودون، القيادي في حزب “المستقبل” المعارض، وهو خبير في القانون الدستوري التركي، فقد قال في تصريحات صحفية، إنه “لا يؤمن بصدق الحكومة في خطط الإصلاح القضائي”، ويعتقد أنه لن يكون هناك سوى إطلاق سراح “رمزي” لعدد قليل من الأشخاص.
واستطرد موضحا: “لست مقتنعا بأن حزب العدالة والتنمية سيسن إصلاحا قضائيا جادا، لأن الإصلاح الشامل سيعني التراجع الكامل عن سياسات الحكومة التي ترجع لسنوات. لا أعتقد أنه يعتزم ذلك بجدية”.
وتابع: “لكن، ما دام هذا النظام قائما، وطالما أن القضاء يعتمد على الحكومة، فستستمر هذه القضايا”.
رسالة للخارج
وقال المحلل السياسي التركي هشام جوناي، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن استقالة بولنت أرينج، الذي شغل منصب مستشار الرئيس، “رسالة لحليف أردوغان، دولت بهجلي، الذي يمثل الجناح القومي المتطرف، ويساند حزب العدالة والتنمية بعد تغيير النظام إلى نظام رئاسي”.
وأضاف: “هذا الحزب لديه سياسات معينة وتوجهات محددة في استمرار النظام التركي بشكله الحالي، وممارسة سياسات القمع للأكراد، وأيضا الصحفيين الذين كانوا يعملون في مؤسسات فتح الله غولن، وسيمنع إحداث أي تحولات في المشهد السياسي التركي”.
واستطرد جوناي حديثه، قائلا: “دعوة الانفتاح على الاتحاد الأوروبي أو توسيع دائرة الحقوق وحريات التعبير، رسالة موجهة للاتحاد الأوروبي الذي سيجتمع في العاشر من ديسمبر المقبل، لمناقشة فرض عقوبات على تركيا. أعتقد أن هذه الدعوة كان هدفها الأساسي، إيصال رسالة للأوروبيين أن الحكومة ماضية قدما في إصلاحات، ربما توسع من سقف حريات التعبير وحقوق الإنسان”.
كما اعتبر المحلل السياسي أن هناك أيضا رسالة للإدارة الأميركية الجديدة، مشيرا إلى أن إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن “كان لديها رسائل مباشرة للرئيس التركي، حذرت فيها من انتهاك حقوق الإنسان”.
زيف وسراب
من جانبه، قال المحلل السياسي التركي نوزاد صواش إن انتخاب بايدن “هز أدروغان”، مضيفا: “شعر الأخير بضرورة العودة للديمقراطية وحقوق الإنسان، لأن بايدن والاتحاد الأوروبي سيهتمون بذلك، ولو خالف هذه الأمور ستكون هناك عقوبات على نظامه، قد تضرب الاقتصاد التركي في مقتل، لذا بدأ التبشير بوجود إصلاحات في القانون والاقتصاد وغيرها”.
وتابع صواش، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”: “تصريحات أردوغان عن الإصلاح، لم يستوعب بولنت أرينج أنها مجرد مناورة وليست نية صافية، فخرج على وسائل الإعلام يبشر بوجود إصلاح في القضاء والاقتصاد، ومعاقبة من ظلموا الناس، والعودة مرة أخرى لدولة القانون، لكن أردوغان بعدها هاجم حديث أرينج ولم يذكر حتى اسمه، كما قام شريكه في الحكم دولت بهجلي بتوجيه إهانات صريحة لأرينج وصفه فيها بالحمق والغباء”.
وأضاف: “هذا دليل على أن من المستحيل أن يعود أردوغان إلى الديمقراطية أو سيادة القانون، فهو مستمر في طريقه ولا يمكن لأحد أن يسلم من مقصلة أردوغان، فالقريب والبعيد سيذوقونها. أردوغان يخذل الجميع ولا مستقبل لتركيا في ظل حكمه.. لقد اتضح أن وعود أردوغان مجرد زيف وسراب”.
فقاعة هواء
كما شكك الكاتب التركي إمره كونجار، في مقال له بصحيفة “جمهورييت” التركية، في التنفيذ الفعلي لما أعلنه الرئيس من إصلاحات في القانون والاقتصاد، واصفا تصريحات أردوغان بأنه “مجرد فقاعة هواء”.
وأوضح كونجار أن ما يثبت ذلك هو استقالة بولنت أرينتش، مستشار الرئيس وأحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية، بعد أن دعا للإفراج عن صلاح الدين دميرتاش وعثمان كافالا، وهي التصريحات التي أزعجت الرئيس كثيرا.
دور اليمين القومي
ويرى المحلل السياسي التركي حسن سيفري، أن تصريحات أردوغان بشأن إصلاحات جديدة في القضاء والحقوق والتوجه نحو الاتحاد الأوروبي في ظل المشكلات الاقتصادية وتدهور الليرة، جاءت لأنه “يرى أن الوضع لن يستمر هكذا مستقبلا، خاصة في ظل نجاح بايدن بانتخابات أميركا”.
وتابع سيفري لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “ردة فعل حليف العدالة والتنمية كانت باستخدام كلمات شديدة تجاه أرينج، لكن لم نر أي ردة فعل من حزب العدالة والتنمية دفاعا عن أرينج، مما يثبت أن استقالته تمت بضغط من حزب الحركة القومية، رغم وجود إشارات من داخل العدالة والتنمية تتحدث عن إصلاحات لدعم الاقتصاد التركي“.
واختتم حديثه بالقول: “نرى أن حزب الحركة القومية لا يريد وجود أي إصلاحات في القضاء والحقوق، ويضغط على أردوغان للبقاء على نفس الخط القومي المتشدد، الذي يمنع أي صوت معارض أو الذهاب نحو أي إصلاحات”.