وأعلن المكتب الإعلامي للرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشنكو، الأربعاء، التواصل بينه وبين المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، بشأن بدء مفاوضات على مستوى أوروبي، لحل أزمة المهاجرين بين حدود بيلاروسيا والاتحاد الأوروبي.

وأوضح أن الطرفين اتفقا على أن “المشكلة تعود بالأساس إلى مستوى علاقات دول الاتحاد ببيلاروسيا”.

ويعد هذا الاتصال بين ميركل ولوكاشنكو الثاني خلال 3 أيام، بعد المحادثة الأولى التي جرت بينهما الاثنين الماضي، التي تعد التواصل الأول منذ انتخابات بيلاروسيا الرئاسية في أغسطس 2020، التي تعتبر دول الاتحاد نتائجها “مزورة”، ولا تعترف بلوكاشنكو رئيسا لبيلاروسيا.

وتوالت التحركات الأوروبية لتهدئة المشهد بين بولندا وبيلاروسيا، حيث بحث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، إمكانية الوساطة للتواصل مع الجانب البيلاروسي.

في المقابل، حذرت الحكومة البولندية من استمرار الأزمة لسنوات، مع تدفق آلاف المهاجرين على مدار الشهر الجاري للسياج الحدودي، حيث لجأت الشرطة البولندية لتفريقهم بالغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه، بعد اشتباكات اندلعت الثلاثاء على الحدود، متهمة بيلاروسيا بتدبير “هجوم غير مسبوق” على حدودها.

بينما وصفت بيلاروسيا ممارسات بولندا ضد اللاجئين عند معبر بروزغي، بـ”انتهاك للقانون الدولي، لاستخدام القوة ضد مدنيين على أراضيها”، واتهمت روسيا الاتحاد الأوروبي بـ”تطبيق معايير مزدوجة نحو أزمة المهاجرين”.

ويرى مراقبون أن الأزمة بين مينسك ووارسو تضع الاتحاد الأوروبي في تحد للتعامل مع الوضع بكل أبعاده الجيوسياسية والاقتصادية، لدعم روسيا المباشر لبيلاروسيا، مما يتطلب التعاون بين الدول الـ 27 الأعضاء في الاتحاد، للتوافق على سياسة واضحة للهجرة.

وفي الوقت نفسه، ألمح المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، غابريال أتال، إلى تنسيق بين تكتل الاتحاد مع الولايات المتحدة، لفرض عقوبات جديدة ضد النظام في بيلاروسيا، مشددا على “وحدة أوروبا بشأن هذه الأزمة، رغم محاولات حشد المهاجرين على الحدود لإحداث انقسام بين دول الاتحاد”.

وسيلة ضغط

وتوجه دول في الاتحاد الأوروبي، اتهامات صريحة إلى مينسك بـ”استخدام اللاجئين سلاحا ضدها، بدعم من موسكو”، ردا على العقوبات المفروضة نتيجة قمعها للمعارضة البيلاروسية منذ العام الماضي، وتنفي الثانية هذه الاتهامات، مؤكدة على ترحيل أكثر من 5 آلاف لاجئ.

وحاول نحو 7935 شخصا، من بينهم عراقيون وسوريون وأفغان، دخول الاتحاد عبر الحدود المشتركة مع بيلاروسيا خلال العام الجاري.

وتقدر الأعداد بزيادة بالغة مقارنة بالعام الماضي، حيث وصل 150 شخصا فقط للحدود، بحسب تقديرات الاتحاد الأوروبي.

ويرى نائب رئيس المجلس الاتحادي للهجرة بالحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا، حسين خضر، أن “الأسباب الحقيقة وراء أزمة المهاجرين سياسية بحتة، والمتهم الرئيسي وراءها بيلاروسيا، إضافة إلى اتهامات موجهة لكل من تركيا وروسيا، لتقديمهما الدعم لهذه التحركات بشكل غير مباشر”.

ويوضح في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”: “تستغل بيلاروسيا ملف اللاجئين كورقة ضغط على الاتحاد الأوروبي لتحقيق مكاسب سياسية ورفع العقوبات المفروضة عليها من قبل الاتحاد، حيث منحت بيلاروسيا تأشيرات إلى جميع طالبي اللجوء وقدمت عروضا شبه مجانية لاستقبال لاجئين ومهاجرين من دول عديدة، مع السماح لهم للوصول إلى حدودها مع بولندا”.

وأضاف خضر أن “تلك المحاولات لن تفلح في ابتزاز الاتحاد الأوروبي”.

احتواء الموقف

وعن خطوات الاتحاد الأوروبي للتعامل مع ملف المهاجرين العالقين على الحدود، يعتبر خضر أنها “متوازنة”، قائلا إنه “لم يتخل عن مهمته الإنسانية في تقديم الدعم اللوجيستي من توفير الطعام وأدوات التدفئة اللازمة للاجئين المتواجدين على أراضي بيلاروسيا، بجانب المساعدة في العودة الطوعية للراغبين عبر المنظمة الدولية للهجرة”.

ويؤكد على موقف الاتحاد الرافض للضغوط المفروضة عليه من مينسك، حيث تم التوافق على نقل اللاجئين إلى مراكز إيواء وإبعادهم تماما عن الحدود، بعد مناوشات مع قوات الأمن البولندية.

كما يشيد بدور المستشارة الألمانية، في التواصل مع جميع الأطراف في بيلاروسيا والدول المانحة للتأشيرة لطالبي اللجوء، لإيقاف سفر الأشخاص الذين لا يملكون إقامة أو جنسية.

وفي تحرك لتهدئة الصراع المحتدم بين بيلاروسيا وبولندا، وفرت الأولى مأوى لنحو ألف مهاجر وطالب لجوء بالقرب من الحدود البولندية في مساكن مؤقتة، بينما عاد البعض منهم إلى المخيم الذين يمكثون فيه، في ظل ظروف معيشية سيئة، مع انخفاض درجات الحرارة إلى أقل من الصفر.

توتر العلاقات

وينوه خضر إلى أن إجراءات الاتحاد الأوروبي الراهنة، تهدف إلى “حل الأزمة ووقف استغلال اللاجئين كورقة ضغط سياسية ضده”، متوقعا “مفاوضات قريبة بين أوروبا وبيلاروسيا، وتدهور الوضع بين بيلاروسيا وبولندا نظرا لحدوث شرخ في العلاقات بالاتهامات المتبادلة بين الطرفين مؤخرا، حيث اتجهت بولندا لبناء سياج حدودي بارتفاع يقدر بنحو 5 أمتار مع بيلاروسيا”.

وأعلنت بولندا عن بناء جدار على طول الحدود مع بيلاروسيا على امتداد 180 كم، في ديسمبر المقبل، بهدف منع أي محاولات تسلل لأراضيها وطمأنة البولنديين.

وقدرت الشرطة الفدرالية الألمانية، وصول أكثر من 5 آلاف شخص غير مصرح لهم عبر بيلاروسيا خلال العام الجاري، وتسجيل حوالي 10 آلاف محاولة عبور غير قانوني على الحدود مع بيلاروسيا خلال أكتوبر الماضي، و6 آلاف محاولة خلال سبتمبر الماضي، مما دفع بولندا ولاتفيا وليتوانيا لإغلاق حدود الاتحاد مع بيلاروسيا وبناء أسوار حدودية.

skynewsarabia.com