وقبل أيام أعلنت ليتوانيا عدم السماح لهيئة السكك الحديدية الروسية بنقل السلع، التي حظر الاتحاد الأوروبي توريدها من روسيا عبر أراضي ليتوانيا.
وعلى الفور توالت التهديدات الروسية لليتوانيا والاتحاد الأوروبي، حيث أكد رئيس لجنة حماية سيادة الدولة في الغرفة العليا للبرلمان الروسي، أندريه كليموف، أهمية تولي الاتحاد حل مشكلة إعاقة نقل السلع عبر كالينينغراد، متوعدا بقوله: “وإلا ستحل روسيا الأمر، وتعتبر ليتوانيا بلدا لا يتنسب للاتحاد الأوروبي”.
وهدد الكرملين بإجراءات انتقامية، معتبرا ما حصل “حصار غير مسبوق وانتهاك للقوانين”، مستندا على البيان المشترك بين روسيا والاتحاد الأوروبي في 2002 بشأن المرور بين الأولى وكالينينغراد.
ولم يتوقف الأمر عند التصريحات، فاستدعت موسكو مبعوث ليتوانيا وسفير الاتحاد الأوروبي لديها، للإعراب عن احتجاجها الشديد.
مناوشات متبادلة
ورغم تحميل روسيا الاتحاد الأوروبي تداعيات الوضع نظر لأن ليتوانيا عضوا بالاتحاد، إلا أن الولايات المتحدة تولت الدفاع عن ليتوانيا.
وخرج الناطق باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، معلنا تمسك بلاده بالمادة 5 من ميثاق الناتو المتعلقة بالدفاع عن الأعضاء، قائلا: “ندعم ليتوانيا، فقد عززنا التزامنا تجاه الحلف، وعززنا الجناح الشرقي، خاصة الدول الأكثر عرضة للتهديدات الروسية”.
وانعكس الدعم الأميركي على مواقف مسؤولي ليتوانيا التي أبدى رئيسها جيتاناس نوسيدا، استعداد بلاده للتصدي لأي أعمال انتقامية من موسكو أو الانفصال عن شبكة الكهرباء التي تربط روسيا وبيلاروسيا ودول البلطيق، مستبعدا مهاجمة روسيا بلاده عسكريا.
ونوهت رئيسة الوزراء إنغريد شيمونيتي، إلى أن بلادها لا تريد التصعيد، مؤكدة استمرار نقل الركاب وفقا للاتفاق الثلاثي بين الاتحاد وموسكو وفيلنيوس ونقل البضائع غير الواردة في العقوبات.
أهمية كاليننغراد
تقع كالينينغراد الروسية على بحر البلطيق بين ليتوانيا وبولندا، وتتجلى أهميها في أنها ممر للكثير من البضائع؛ لذا يعد قرار الحظر بمثابة عزل لروسيا، حيث لا يمكن الوصول لجيب كالينيغراد إلا عبر ليتوانيا.
وترتبط موسكو وفيلنيوس باتفاقية تعاون منذ 1994 للحفاظ على المرور بينهما عبر هذا الجيب، وبعد قرار ليتوانيا الأخير، لن يسمح بمرور منتجات الحديد والصلب والأسمدة والأخشاب والصناعات الزجاجية والفحم.
احتمالية الصدام
وعن سبب حظر ليتوانيا عبور بضائع روسية، يقول الدبلوماسي السابق وخبير الشؤون الأميركية مسعود معلوف إن ذلك تنفيذ لقرار الناتو والاتحاد الأوروبي في مارس بفرض عقوبات إضافية على موسكو.
ويوضح معلوف لموقع “سكاي نيوز عربية” أن التصريحات الروسية تبعث بأربعة رسائل، منها رسالة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتن إلى شعبه بأن جيش روسيا قوي، ويستطيع تهديد دول أخرى حتى وإن كانت عضو بالناتو.
والرسالة الثانية موجهة للناتو بأن بوتن لا يخشى أي رد فعل من الحلف، وتأتي الرسالة الثالثة لواشنطن بأن الرئيس الأميركي، جو بايدن، ضعيف، وموسكو قادرة على تهديد حلفائه، بينما تؤكد الرسالة الرابعة لحلفاء روسيا أنها تأخذ المبادرة بتهديد من يقف أمامها.
أما عن إمكانية تصعيد الموقف بين الناتو وروسيا لأكثر من التهديدات، فيستبعد معلوف الأمر بقوله: “لا أظن أنه في صالح الغرب أو روسيا اندلاع حرب عالمية ثالثة، لاسيما وأن الأخيرة لم تنهِ حربها في أوكرانيا، فكيف تقوم بحرب ضد دول الناتو وفي مقدمتها الولايات المتحدة؟”.