وخلال الفترة بين عامي 1996 و2001، وقعت أفغانستان التي كانت تسمي نفسها “إمارة إسلامية” تحت حكم الحركة، وقد شهدت حالات عنف قصوى باتجاه المرأة والحريات العامة، حيث كان يتعين على المرأة ارتداء ملابس فضفاضة وارتداء البرقع، وتقييد حركتها وعدم الخروج من المنزل والتوقف عن العمل.
بحسب أحمد عبد الحكيم الباحث المتخصص في الشأن الآسيوي: “قبل سنوات الحرب في أفغانستان وتبعاتها الصعبة والمأساوية كانت كابل مدينة تشهد درجة من الانفتاح والعلمنة والتحديث، فالمرأة التي كانت تخالط الرجل في العمل، وتنشط في كافة المجالات، فقدت أو بالأحرى تراجعت كل مكتسباتها الاجتماعية والحقوقية، وذلك بعد أن سجل عام 1972، انتخاب زهرة داوود التي هاجرت لواشنطن ملكة جمال كابل“.
وفي العام الماضي، أصدرت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، تقريرا توضح أن “الفتيات تشكل حوالي 40 في المئة من حوالي 9 ملايين طفل ملتحقين بالمدارس في أفغانستان. وبحسب وزارة التعليم العالي الأفغانية إن نحو 100 ألف يدرسون في الجامعات الحكومية والخاصة”.
ويتوقع عبد الحكيم في حال سقوط العاصمة الأفغانية في قبضة الحركة المسلحة بعد أن سيطرت على الأقاليم المتاخمة لها، وباتت كابول شبه محاصرة، أن تعود “أيام الحرب والأفيون والجهل والتشدد، في ظل (طلبنة) المجتمع الأفغاني، ويضحى السياسيون والحقوقيون والنشطاء أهدافا للموت والقتل والاغتيال”، منوها أن “المرأة التي حصلت على حق التصويت منذ عام 1919 في أفغانستان، يحظر خروجها من المنزل والذهاب للتعليم أو العمل الآن، وسوف تفاقم عودة ورثة الملا عمر الأوضاع”.
ويشير عبد الحكيم في حديثه مع سكاي نيوز عربية، إلى أنه في منتصف ثلاثينات القرن الماضي كان التعليم إلزاميا ومجانيا في أفغانستان، وذلك حتى عام 1973، وهو ما ساهم في التقدم وتشكيل مجتمعا مدنيا قويا وحيويا، حيث تم تدشين نحو 368 مدرسة ابتدائية وثانوية ومهنية، ومدرسة واحدة لتدريب المعلمين، بينما وصل إجمالي عدد الطلاب لنحو 95 ألف طالب.
أكبر معدل أمية
وفي المقابل، تحولت أفغانستان في ظل الهيمنة الطالبانية إلى دولة تتصدر أعلى معدل للأمية في آسيا بين الرجال والنساء.
ووفقا لوكالة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، يوجد في أفغانستان، ثالث أكبر عدد من النازحين في العالم، وقد سمح سقوط نظام طالبان ببعض التغييرات الهامة والتقدم في مجال حقوق المرأة والتعليم.
ففي عام 1999، لم تكن هناك أي فتاة مسجلة في المدرسة الثانوية، وكان عددهن في المدارس الابتدائية لا يتجاوز الـ 9000 تلميذة، بحسب التقرير الصادر عن الوكالة المعنية بحقوق الإنسان، وتضيف: “وبحلول عام 2003، كان هناك 2.4 مليون فتاة في المدرسة، وارتفع هذا العدد الآن إلى نحو 3.5 مليون، وحوالي ثلث الطلاب في الجامعات العامة والخاصة هم من النساء”.
وبحسب منظمة اليونيسف الخيرية للأطفال “لا يزال هناك أكثر من 3.7 مليون طفل لم يسجلوا في المدارس، 60 في المئة منهم فتيات”.
وينوه الباحث المتخصص في الشأن الآسيوي أن المرأة الأفغانية ساهمت بدور لافت في الحياة السياسية، خلال ستينات القرن الماضي، بداية من صياغة الدستور، ومشاركتهن في البرلمان، بالإضافة إلى وجود نخبة نسوية مؤثر في المجالات التعليمية وفي الطب والفن والصحاف، ويردف: “خلال هذه الفترة شكلت المرأة 40 بالمئة من إجمالي عدد الأطباء في كابول، و70 بالمئة من معلمي المدارس، بالإضافة إلى 60 بالمئة من أساتذة جامعة كابول و50 بالمئة من طلاب الجامعة”.
بيد أنه مع وصول طالبان لحكم افغانستان وسيطرة النسخة الدينية من أفكارهم الإسلامية المتشددة على المجتمع أضحى ثلث الفتيات لا يذهبن إلى المدارس، و87 بالمئة من النساء الأفغانيات أميات، وفقا لتقارير حقوقية دولية.
وبحسب الأرقام الرسمية الحكومية، فإن 70 إلى 80 بالمئة منهن يواجهن الزواج القسري قبل سن السادسة عشر.
مزار سياحي مهمل
ويلفت عبد الحكيم إلى أن أفغانستان بخلاف الصورة الذهنية التقليدية التي ساهمت في تكريسها طالبان، تعد قبل حكم الحركة من بين أبرز المناطق السياحية التي يزورها الآلاف، إذ تتمتع بمناظر طبيعية وآثار جيولوجية بالإضافة إلى الوديان والحقول الخضراء والمنحدرات الصخرية في المرتفعات الوسطى ومن بينها ولاية باميان، والأخيرة أدرجت في قائمة اليونسكو للتراث بعد انتهاء حكم طالبان جزئيا.
بيد أن التفجيرات التي قامت بها الحركة ألحقت تشوهات عديدة بالآثار والمناطق السياحية، وقلت من الوفود السياحية كما دمرت هذا القطاع الثقافي والاقتصادي والحضاري المهم، ومن بين الآثار التاريخية التي تعرضت للتدمير تفجير تماثيل بوذا الضخمة، وهو الأمر الذي تسبب في ضياع ثروات ثقافية غنية.