ويرى المراقبون للشأن الأفغاني أن “طالبان” وإن رفعت شعارات دينية، لكن هذا لا يلغي خلفيتها القومية، الأمر الذي يطرح علامات استفهام حول مستقبل بقية المكونات والأقليات العرقية والقومية والدينية والمذهبية في أفغانستان، حيث الطاجيك والهزاره والأوزبك والبلوش وغيرهم، فضلا عن التعدد المذهبي والديني بين سنة وشيعة، وأقليات مسيحية ودينية مختلفة.
حول هذه النقطة، يقول الباحث السياسي فاروق عبد الله، لموقع “سكاي نيوز عربية”: “هناك مخاوف جدية ومشروعة لدى أبناء القوميات والديانات والمذاهب المختلفة عن انتماءات حركة “طالبان”، وهذا لا يعني بالطبع أن كل البشتون وكافة المسلمين السنة في أفغانستان يتحملون وزر ممارسات الحركة، لكن لنكن واقعيين حيث ثمة ولا شك حواضن اجتماعية لطالبان في الوسط البشتوني”.
وتابع عبد الله قائلا: “المشهد معقد جدا ومتداخل حيث تختلط الأجندات والحسابات المتضادة على مستوى الهوية والإثنية، وتلك الإقليمية والدولية، ومن يدفع الضريبة هم الأفغان بمختلف أطيافهم ومكوناتهم، كما أن التنوع العرقي والمذهبي الأفغاني له امتدادات داخل البلدان المجاورة كباكستان وإيران، ما يجعله يتحول لنقمة حيث توظف مختلف دول الجوار الأفغاني تلك الامتدادات، في سياق خدمة مشاريعها وأجنداتها في أفغانستان والمنطقة ككل”.
وأضاف عبد الله: “لا تتوفر إحصائيات دقيقة وموثوقة، بالنظر إلى الظروف الاستثنائية الصعبة، التي تمر بها البلاد المنكوبة على مدى عقود طويلة، عن نسب وحجم التوزع القومي والديني والمذهبي، لكن البشتون هم القومية الأكبر، يليهم الطاجيك، ومن ثم كل من الهزاره والأوزبك“.
هذا ويعتقد المختصون في الشأن الأفغاني، أن سيطرة “طالبان” على البلاد وخروج القوات الأميركية، لا يعني استتباب الأمر للحركة إلى ما لا نهاية، حيث أن واقع التعدد القومي والمذهبي يفرض نفسه، كما أن إدارة البلد بمركزية متشددة وإقصائية ووفق عقلية طالبانية، سيقود لاضطرابات وصراعات وحروب داخلية وخارجية لا حصر لها، وكأن قدر هذه البلاد أن تكون دوما ساحة تصفية حسابات ونزاعات مفتوحة إقليميا ودوليا.