لكن مراقبين للمشهد الأفغاني شككوا في إمكانية وقدرة قوات الحماية التركية لمطار كابول الدولي المدني، على الحفاظ على أمن المطار وإبقائه قيد التشغيل، بعتاد عادي وعسكريين لا يتجاوز عددهم بضع مئات من المقاتلين وأفراد الشرطة، في الوقت الذي تنسحب فيه الولايات المتحدة من العاصمة كابل، ويستسلم أكثر من 250 ألف مقاتل من الجيش الأفغاني أمام هجمات طالبان.

 وكانت مهمة “حماية وتسيير شؤون مطار كابول” قد أوكلت إلى تركيا عقب اللقاء بين الرئيس رجب طيب أردوغان ونظيره الأميركي جو بايدن خلال قمة حلف الناتو في يوليو الماضي.

وبالرغم من الاعتراضات المحلية ومن أغلبية قادة الجيش، فإن الرئيس التركي أصر على القبول بالعرض الأميركي، ليكون بمثابة صلة وصل مع الإدارة الأميركية، التي وجهت انتقادات لاذعة له ولحكومته، لسلوكياتهم في مجال الحريات وحقوق الإنسان والتدخل في شؤون الدول الأخرى.

وخلال الأسابيع التالية، بينما كانت الجهات التركية والأميركية تخوض جولات من التفاوض الفني بشأن حماية المطار وإدارته من القوات التركية، كانت حركة طالبان تعلن رفضها لتلك المهمة، معلنة أنها ستعتبر القوات التركية في أية منطقة من أفغانستان بمثابة قوات احتلال. وقد كان لافتا أن الوفود السياسية التي أرسلتها الحركة إلى مختلف الدول الإقليمية، لم تقم بزيارة تركيا.

وكانت القنوات الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي التركية قد نقلت ليل السبت، تصريحات عن الجنرال التركي المتقاعد نجاة إيسلين، الذي يُعتبر واحدا من “الآباء الأوصياء” على الجيش التركي، قوله: “إن الجيش يواجه خطرا استثنائيا في أفغانستان، وإن محق القوات التركية هناك ستكون بمثابة ضربة قاصمة لصورة الجيش التركي وهيبته، داخليا وخارجيا”.

الجنرال التركي المعروف بمعارضته لسياسات أردوغان، ذكر أن “الولايات المتحدة انسحبت دون اهتمام ومبالاة بمئات الآلاف من حلفائها من الجيش الأفغاني، وبذلك فإنها تضع الجيش التركي تحت رحمة مقاتلي حركة طالبان، الذين ليست لديهم أية خطوط حمراء”.

عدد من جنرالات الجيش التركي وافقوا الجنرال نجاة على تصريحاته، بالذات القائد السابق في سلاح البر التركي، الجنرال أحمد يافوز، الذي قال في تعليقات إعلامية: “يمكننا توقع الأسوأ، ما لم يكن من تحرك سريع وحكيم، فأفغانستان يمكن أن تكون مقبرة لأي أحد”.

أونال تشفيكوز، القيادي وكبير مستشاري زعيم حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، عبر عن رأي قوى المعارضة التركية، بالقول: “طالبان هي واقع أفغانستان، الحماس لضمان أمن مطار كابل ليس سوى إلقاء الجيش التركي في النار”، مطالبا بأسرع خطة لإجلاء القوات التركية من العاصمة كابل.

 وكانت وكالة بلومبرغ الأميركية قد نشرت تقريرا تحليليا، حول قدرة الجنود الأتراك على الحفاظ على أمنهم في المستقبل المنظور.

التقرير أكد أن انسحاب الجنود الأميركيين من قاعدة باغرام الجوية، التي تقع إلى الشمال من مطار كابل بمسافة لا تزيد عن 60 كيلومترا، نفى تلك الإمكانية تماما، مؤكدا أن الجنود الأتراك معرضون لواحدة من ثلاثة سيناريوهات، إما الانسحاب السريع أو التوافق مع حركة طالبان لانسحاب مستقبلي بعد عدة أسابيع، أو مواجهة حرب ميؤوس من نتيجتها سلفا.

“مأزق أردوغان في أفغانستان”

الناشط الحقوقي التركي أونال باركوي، شرح في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية” ما أسماه “مأزق أردوغان في أفغانستان”.

وقال: “كانت أفغانستان بمثابة فرصة ذهبية بالنسبة لأردوغان، لتصحيح علاقته مع الإدارة الأميركية، وأداة لخلق تواصل عسكري جغرافي مع باكستان والصين”.

وتابع: “لكن اللحظة الراهنة تفرض عليه شروطا رهيبةً، فإما الانسحاب، وبالتالي خسارة ثقة الإدارة الأميركية، أو الدخول في مغامرة شديدة الخطورة، قد تكلفه مستقبله السياسي”.

skynewsarabia.com