الصحف الألمانية نقلت عن سياسيين من الحزبين الرئيسيين قولهم إن أسباب تقديم الطلب تتعلق بشبهات “الاستخدام المعادي” لهذه المراكز من طرف إيران، فهي نواة صلبة لإدارة أعمال الدعاية في ألمانيا وكامل أوروبا.
في التفاصيل، كانت صحيفة “دي والت” الألمانية قد نشرت تصريحات أعضاء في “لجنة مناهضة معاداة السامية” الألمانية، في ولاية هامبورغ، اتهموا فيها مركزا إيرانيا بعينه مباشرة للمركز بنشر “كراهية اليهود”.
المركز خرج عن مساره
وقالوا إن هذه الظاهرة زادت بشكل استثنائي في خطابات وسلوكيات ودعايات المركز، وأن هجمات المتطرفين اليمنيين التي جرت خلال العامين الماضيين قد ترافقت مع زيادة وتيرة الداعية المعادية للسامية في المراكز التابعة للنظام الإيراني.
شبكة الجمعيات والمؤسسات المرتبطة بالمركز الديني الإيراني في هامبورغ تعمل حسب معاهدة رسمية مع الحكومة المحلية في ولاية هامبورغ، التي تُعتبر ثاني أكبر ولاية في ألمانيا، سكانياً واقتصادياً.
ويُعتبر المركز حسب المعاهدة عضواً في مجلس مدينة هامبورغ، عاصمة الولاية.
وسيجبر مقترح إغلاق المركز بطلب من لجنة مناهضة معادة السامية وأعضاء البرلمان الحكومة المحلية على مراجعة كل الوثائق الثنائية بينها وبين المركز.
والمركز الإسلامي في هامبورغ من أقدم وأكبر المساجد والمراكز الدينية الإسلامية في ألمانيا وكامل أوروبا، لكنه يُستغل منذ سنوات لأغراض سياسية ودعائية، وليس فقط لممارسة الشعائر الدينية، في خروج تام عن الشروط والآليات التي تأسس حسبها، بحسب ساسة ألمان.
وإذا ما تمكنوا من إغلاقه، فإن الأمر قد يطال مراكز أخرى على نفس الشاكلة في ألمانيا.
تحول بعد ثورة 79
كان المركز المذكور قد تأسس منذ أواخر الخمسينات من القرن المنصرم، من قِبل مهاجرين ورجال أعمال إيرانيين في ألمانيا، وما لبس أن تحول إلى واحد من المراكز التي يستخدمها النظام الإيراني عقب عام 1979، بعد الإطاحة بنظام الشاه.
وتذكر وثائق بأن العديد من رجال الدين والسياسة الإيرانيين المشهورين قد أقاموا ودرّسوا في المركز، مثل آية الله بهشتي وآية الله محمد مجتهد شيستري والرئيس الأسبق محمد خاتمي.
طوال العقدين الأولين من عمله، كان المركز يعمل لأغراض الحوار بين الأديان والثقافات، لكنه ما لبث أن تحول منذ قيام الجمهورية الإسلامية في إيران أن صار أداة لإنشاء “اتحادات طائفية” بين المراكز ذات الهوية “الشيعية” في مختلف أنحاء أوروبا.
ويقوم فعلياً بإدارة مالية وسياسية لتلك الجمعيات، واستخدامها لصالح مسارات سياسية وإيديولوجية تخدم التوجه السياسي للنظام الإيراني، ولا تعتد بمجموعة المحددات التي تفرضها القوانين والحساسيات الأهلية والثقافية الألمانية، خصوصاً تجاه تعايش الأديان والمذاهب فيما بينها في البلاد.
خشية من فقدان السيطرة
وكانت جينيفر جاسبرغ، زعيمة فرع حزب الخضر الألماني في ولاية هامبورغ، قالت خلال مداخلة برلمانية إن حزبها سينتظر تقييم المعاهدات التي عقدتها الحكومة المحلية مع المركز المذكور، مذكرة بأن حزبها يسعى للتأكد من مدى التزام المركز هذا ببنود وأعراف تلك المعاهدة.
وأضافت جاسبرغ “المركز الإسلامي في هامبورغ ليس وحيداً في توجهاته، ودون مواجهة المشكلة فإن ثمة خطر فقدان السيطرة بالكامل، وتالياً تشكيل مجموعات متطرفة سرية من أجل تطرف المسلمين في هامبورغ”.
الأمر نفسه وافقه مسؤول لجنة الاتصال الأديان والثقافات في الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني وإيكيهارد ويسوكي “علينا أولاً أن نسأل البرلمان المحلي حول كيفية تعامله مع المركز الإسلامي في الولاية، والاغلبية الواضحة ضمن حزبه تميل لإعادة تقييم المعاهدة التي تربط المركز بمؤسسات الدولة الألمانية”.
أكبر مراكز الدعاية
أستاذ العلوم السياسية ومدير البرامج في مُنتدى الحرية في الشرق الأوسط يورغ رينسمان، الذي يُعد من أكبر مراكز الدراسات الألمانية المنشغلة بالروابط بين الدول الأوربية والشرق الأوسط، على على الأمر “إن سبب عدم قبول المركز الإسلامي في هامبورغ كشريك في الحوار، إنه أحد “أهم مراكز الدعاية” الإيرانية في أوروبا”.
وتابع: “في السنوات الأخيرة، أصبح تورط المركز في الإرهاب “الطائفي أكثر وضوحًا. على سبيل المثال، بسبب حظر الأنشطة التي أصدرتها الحكومة الفيدرالية في أبريل 2020 ضد منظمة حزب الله، لأنه يتم التحكم فيها وتمويلها من قِبل إيران، وبالتالي يمثل خطراً في ألمانيا، لا سيما بالنسبة للمؤسسات اليهودية وكذلك لأعضاء المعارضة الإيرانية الذين يعيشون هنا في المنفى”.
وفي هامبورغ، تراقب السلطات الأمنية حوالي 30 من أنصار ميليشيات حزب الله يترددون على المركز الإسلامي في هامبورغ، من بين أماكن أخرى. من الصعب أن نفهم سبب مشاهدة هامبورغ بهذا الوضع دون فعل أي شيء.
ويُعرف عن ألمانيا تساهلها مع التنظيمات الإسلام السياسي، لأنها، وعلى العكس من العديد الدول الأوربية، لا تفرض أية قيود ومعايير مانعة ومراقبة لأشكال التمويل والتواصل بين مختلف المؤسسات الدينية والجماعات والجهات السياسية، الأمر الذي يسمح بممارسة نشاطات سياسية ودعائية.
لكن في السنوات الأخيرة بدأت هذه السياسة تتغير شيئا فشيئا، فصار هناك حملات على مراكز مرتبطة بحزب الله، بعد ان صنفته منظمة إرهابية.