وهذا الاتفاق الذي أعلن الجمعة هو ثمرة أكثر من خمس سنوات من المحادثات مع ناميبيا حول أحداث وقعت بين العامين 1904-1908، عندما كانت ألمانيا الدولة المستعمرة لهذا البلد الواقع في جنوب القارة الإفريقية.
ويذكر مؤرخون أن الجنرال الألماني لوتار فون تروتا، الذي أُرسل إلى ما كان يُعرف آنذاك بجنوب غربي إفريقيا الألمانية لإخماد انتفاضة قام بها شعب “هيريرو” في عام 1904، أمر قواته بالقضاء على القبيلة بأكملها.
وتشير روايات تاريخية إلى أن حوالى 65 ألفا من هيريرو قتلوا، إلى جانب ما لا يقل عن عشرة آلاف من قبيلة ناما.
وبحسب ما نقلت صحيفة “غارديان”، فإن الآلاف من شعب هيريرو، وكان من بينهم أطفال ونساء، تعرضوا لإطلاق النار، أو جرى تعذيبهم وأخذهم إلى الصحراء حتى يهلكوا فيها جوعا، لأنهم انتفضوا ضد الاستعمار الألماني.
وقال وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، في بيان “في ضوء المسؤولية التاريخية والأخلاقية لألمانيا، سنطلب من ناميبيا وأحفاد الضحايا العفو”.
وقال “كان هدفنا وما يزال إيجاد طريق مشترك لمصالحة حقيقية تخليداً لذكرى الضحايا.. يتضمن ذلك تسمية أحداث الحقبة الاستعمارية الألمانية في ناميبيا اليوم، ولا سيما الفظائع بين عامي 1904 و1908، بلا هوادة وبدون تعابير ملطفة”.
وأضاف الوزير الألماني “سنسمي هذه الأحداث رسميًا الآن ما كانت عليه من منظور اليوم: إبادة جماعية“.
وجرى افتتاح المحادثات بين ألمانيا وناميبيا في عام 2015، بعد أكثر من عقد من زيارة عام 2004 إلى ناميبيا، قدمت فيها وزيرة التنمية آنذاك، هايديماري فيتشوريك تسيول، أول اعتذار لألمانيا عن عمليات القتل، وقالت إنها كانت “ما يتم وصفه اليوم بأنه إبادة جماعية”.
وبموجب التسوية، ستذهب الأموال الألمانية إلى مشاريع تنمية مثل البنى التحتية والتأهيل المهني واستصلاح الأراضي، بينما سيشارك سليلو الضحايا في هذه المشاريع.
لكن هذه الصيغة من التسوية لم ترق لأحفاد بعض الناجين من الإبادة، فوجهوا انتقادات للحكومة لأنها لم تصر على مسألة تخصيص تعويضات ملزمة.
ونقلت “الغارديان” البريطانية أن ثلاثة زعماء قبليين كانوا يؤيدون الحكومة بشأن المباحثات مع ألمانيا، قرروا أن ينسحبوا ورفضوا دعم الصيغة النهائية للتسوية، وهذا الأمر سيوقع حرجا على رئيس البلاد، هاجي جينجوب، إذا مضى قدما ووقع على الاتفاقية.
وقال الزعيم القبلي في ناميبيا، فيكي روكورو، إنه في حال جاء الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، إلى ألمانيا من أجل تقديم الاعتذار “سنقوم بإحراجه”.