وصباح السبت الماضي، أعلنت ألمانيا حظر منظمة “أنصار الدولية” بسبب “انتهاك الدستور بجمع الأموال بنية تحويلها إلى الجماعات الإرهابية في الخارج، وتحديدا جبهة النصرة في سوريا وحركة الشباب في الصومال”.
وقال شيار خليل، كاتب وصحفي مختص في الإسلام السياسي ومدير تحرير مؤسسة “ليفانت”، إن “جماعة الإخوان خططت منذ عقود للسيطرة على عدة مفاصل في أوروبا وبين الجاليات العربية والمسلمة، وذلك عبر مراكز دينية وأخرى تعليمية لنشر التطرف بين المسلمين والعرب”.
أجندة متطرفة
وأضاف خليل في تصريح لـ”سكاي نيوز عربية” أن تلك النشاطات وبسبب تساهل الحكومات الأوروبية معها شهدت انتشاراً واسعاً وسلطت الضوء على أجنداتها المتطرفة، وبالتالي قامت حكومات عديدة بفرض رقابة أمنية عليها، بجانب إغلاق عدة مراكز وجمعيات في بريطانيا وأوروبا تعمل على نشر الفكر المتشدد والمتطرف، وتساهم في تمويل تنظيمات إرهابية في سوريا والدول العربية.
يقظة متأخرة
وأشار خليل إلى أنه في العقود الماضية كانت الحكومات الأوروبية تمنح حريات عامة لتلك التنظيمات والجمعيات المتعلقة بالإسلام السياسي والإخوان والتي كانت تعمل تحت (إطار أجسام معارضة سياسية)، إلا أنها يبدو أدركت ولو بشكل متأخر مدى خطورة هذا الفكر وتلك الجمعيات في نمو ظاهرة التطرف داخل مقراتها المغلقة وحلقاتها الضيقة، وربطها بالتنظيمات الإرهابية خارج أوروبا، ولربما ببعض الأحداث التي جرت في عدة دول أوروبية تتعلق بالتطرف.
هجوم فيينا
ويقول الكاتب المختص بالإسلام السياسي إن الهجوم الإرهابي الذي حدث مؤخرا في فيينا العاصمة النمساوية كان له الأثر الأكبر في دفع أوروبا باتخاذ إجراءات شديدة وجديدة ضد المنظمات والجمعيات المتعلقة بالإسلام السياسي والتي باتت تنتشر بشكل أخطبوطي في عدة دول منسقة عدة مشاريع متشددة مع بعضها البعض، ولا سيما بعد تصريحات النمسا بأنها صادرت أكثر من 20 مليون يورو من أموال الجماعة التابعة للإخوان المسلمين، حيث أكدت السلطات النمساوية أن تلك الأموال تستخدم في تمويل الإرهاب.
تورط الإخوان في دعم الإرهاب بأوروبا
ويؤكد خليل أنه استنادا إلى التحرك النمساوي ونتائج التحقيقات التي أكدت على دعم الإخوان وتمويلها لأجسام إرهابية تحركت عدة دول أوروبية باتجاه البحث في أصول الجمعيات والمراكز الدينية وارتباطها بالإخوان وتنظيمات الإسلام السياسي، وبالتالي دراسة فرض قوانين جديدة تحرم تلك التنظيمات من ممارسة نشاطاتها داخل أوروبا، كما فعلت باريس وحظرت جمعية مقربة من تنظيم الإخوان، وأغلقت مسجداً بالتزامن مع ترحيل بعض المتطرفين من أراضيها.
قوانين وإجراءات حاسمة
وتسعى دول الاتحاد الأوروبي وعن طريق الاتحاد نفسه بإصدار قوانين جديدة تفرض رقابة شديدة على تحركات هذه الجماعات بجانب فرض عقوبات وحظر على شخصيات عديدة لها علاقات أو ارتباطات بتنظيمات الإسلام السياسي في الشرق الأوسط.
ويقول خليل إن خطر الإخوان في أوروبا يوماً بعد يوم، بسبب تساهل القوانين الأوروبية معها، وسماحها لها في العقود الماضية بممارسة عملها بشكل واسع، إلا أن اليقظة الحالية من الأجهزة الأمنية والاستخباراتية سيساهم نوعاً ما بتخفيف نشاطات وتحركات تلك التنظيمات، ولكن ستبقى التحديات قائمة أمام تلك الأجهزة، ولا سيما بعد توغل الإخوان في المجتمعات العربية والإسلامية في أوروبا وبريطانيا، وتكثيف جهودها لاستقطاب الشباب والجيل الجديد.
ويوضح خليل أن كل ذلك يأتي في إطار وعي الحكومات الأوروبية بأن خطر الإرهاب لم يعد خطراً خارجياً، بل هو خطر داخلي في أوروبا يُرعى من جهات إقليمية ودولية وبتساهل من حكومات هذه الدول في التعاطي مع الجمعيات والمراكز الدينية المرتبطة بالإخوان وبتنظيمات الإسلام السياسي.
ويتابع: “يسعى تنظيم الإخوان ومنذ عشرات الأعوام لخلق مجتمعات متوازية ومنغلقة في أوروبا، هدفها الأساسي العمل على معارضة النظام الديمقراطي القائم ومعادات الحريات العامة، وكل ذلك استثماراً بالبيئات العربية والمسلمة في أوروبا ومن خلال تلك المراكز الدينية والتعليمية، ومن هنا أتت الصحوة الأخيرة للحكومات الأوروبية وبريطانيا بفرض عقوبات وقيود جديدة وشديدة على تنظيم الإخوان وتنظيمات الإسلام السياسي، وحظر بعض مقراتهم، تمهيداً لحظر الجماعة في أوروبا ومنعهم من ممارسة نشاطاتهم المتطرفة التي تشجع على الإرهاب والقضاء على النظام الديمقراطي في البلاد”.