ووضع سيطرة روسيا على مدينة ليسيتشانسك الأحد حدا لواحدة من أكبر المعارك في أوروبا منذ أجيال، والتي شهدت قيام موسكو بجلب قوتها البرية كاملة لتغير على جيب صغير على خط المواجهة لمدة شهرين.

وخلال لقاء قصير بثه التلفزيون مع وزير الدفاع، هنأ بوتن القوات الروسية على “انتصاراتها في اتجاه لوغانسك“. وقال إن على من شاركوا في القتال أن “يرتاحوا تماما وأن يستعيدوا جاهزيتهم العسكرية” بينما تواصل الوحدات الأخرى القتال في مناطق أخرى.

وتكبد الجانبان آلاف القتلى والجرحى بينما يزعم كل منهما أنه ألحق خسائر أكبر بكثير بعدوه، على طول مجرى نهر سيفرسكي دونيتس الذي يمر عبر لوغانسك ودونيتسك.

ودُمرت ليسيتشانسك المجاورة لسيفيرودونيتسك والمدن المحيطة، والتي كانت العديد من مصانع الصناعات الثقيلة فيها بمثابة مخابئ محصنة للمدافعين، لتصبح أرضا قاحلة بسبب القصف المستمر. وحاولت روسيا مرارا محاصرة الأوكرانيين لكنها فشلت فاختارت في النهاية تفجيرهم بالقوة الغاشمة لمدفعيتها.

ويقول خبراء عسكريون إن المعركة قد تكون نقطة تحول في الحرب، ليس بسبب القيمة الاستراتيجية للمدن المدمرة نفسها، وهي محدودة، لكن بسبب تأثير الخسائر على قدرة الجانبين على القتال.

وقال نيل ملفين، من مركز (روسي) للأبحاث في لندن، “أعتقد أنه انتصار تكتيكي لروسيا لكن بتكلفة باهظة”، مقارنا المعركة بالمعارك الضخمة على مكاسب إقليمية هزيلة والتي تميزت بها الحرب العالمية الأولى.

وأضاف “استغرق هذا 60 يوما لإحراز تقدم بطيء للغاية. أعتقد أن الروس قد يعلنون نوعا من النصر لكن المعركة الحربية الرئيسية لم تأت بعد“.

وتأمل موسكو أن يمنح تراجع أوكرانيا القوات الروسية الزخم للتقدم غربا إلى مقاطعة دونيتسك المجاورة، حيث لا تزال أوكرانيا تسيطر على مدن سلوفيانسك وكراماتورسك وباخموت.

واعترف سيرهي جايداي، الحاكم الأوكراني للوجانسك، بأن الإقليم بأكمله في أيدي الروس فعليا الآن، لكنه قال لرويترز “نحتاج إلى أن نكسب الحرب وليس معركة ليسيتشانسك… الأمر يؤلم كثيرا، لكنه لا يعني خسارة الحرب“.

وقال جايداي إن القوات الأوكرانية التي تقهقرت من ليسيتشانسك ترابط الآن على الخط الواصل بين باخموت وسلوفيانسك وتستعد لصد أي تقدم روسي جديد.

وقال رئيس بلدية سلوفيانسك إن قصفا روسيا عنيفا الأحد أوقع ستة قتلى في المدينة من بينهم طفلة في العاشرة من العمر.

ونقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن مسؤولين عسكريين في جمهورية دونيتسك الشعبية قولهم إن ثلاثة مدنيين قُتلوا وأُصيب 27 فيما قالوا إنه قصف للقوات الأوكرانية.

وقال روب لي من معهد أبحاث السياسية الخارجية في واشنطن إن الخط الدفاعي الأوكراني الجديد يجب أن يكون بالنسبة لأوكرانيا أسهل في الدفاع عنه من الجيب الذي تخلت عنه في إقليم لوغانسك.

ومضى قائلا “إنه شيء يمكن أن يشير إليه بوتين باعتباره دليلا على النجاح… لكن هذا في المجمل لا يعني أن أوكرانيا سيكون عليها التنازل أو الرضوخ في أي وقت قريبا“.

وقال دنيس شميجال رئيس وزراء أوكرانيا في مؤتمر بمدينة لوجانو السويسرية إن تكلفة إعادة بناء أوكرانيا قد تصل إلى 750 مليار دولار وإن على الأثرياء الروس المساعدة في دفع هذه الفاتورة.

وأضاف شميجال “أطلقت السلطات الروسية العنان لهذه الحرب الدموية. تسببوا في هذا الدمار الهائل، ويجب محاسبتهم على ذلك“.

قال ميلفن،الخبير في مركز الأبحاث (روسي) إن من المرجح أن تكون المعركة الحاسمة بالنسبة لأوكرانيا ليس في الشرق حيث تشن روسيا هجومها الرئيسي لكن في الجنوب حيث بدأت أوكرانيا هجوما مضادا لاستعادة الأراضي.

وأضاف “هذا هو المكان الذي نرى الأوكرانيين يحرزون تقدما فيه حول خيرسون. توجد هجمات مضادة تبدأ هناك، وأعتقد أن الأكثر ترجيحا أننا سنرى قوة الدفع تميل إلى جانب أوكرانيا في الوقت الذي ستحاول فيه شن هجوم مضاد واسع لدفع الروس إلى الوراء“.

آمال أوكرانيا في هجوم مضاد معلقة جزئيا على استلام أسلحة إضافية من الغرب، ومن بينها الصواريخ التي يمكنها إبطال فاعلية ميزة قوة نيران روسيا الهائلة وذلك عن طريق الضرب في العمق وراء جبهة القتال.

وفي الأسبوع الماضي حققت أوكرانيا نصرا كبيرا عندما طردت القوات الروسية من جزيرة الأفعى وهي نتوء مهجور لكنه استراتيجي في البحر الأسود سيطرت عليه موسكو في اليوم الأول من الغزو لكنها لم تعد قادرة على الدفاع عنه أمام الضربات الأوكرانية.

وقالت رئيسة الوزراء السويدية ماجدالينا آندرسون إن أفضل طريقة لإنهاء الحرب هي زيادة الدعم لأوكرانيا وتكثيف الضغط على روسيا.

وأضافت خلال مؤتمر صحفي، بينما يقف إلى جانبها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، “نحن منفتحون على فرض مزيد من العقوبات” على روسيا، مشيرة إلى أنه لا ينبغي السماح لموسكو بتحقيق مكاسب من حربها في أوكرانيا.

skynewsarabia.com