وبعد فترة من حرب تجارية بين الجانبين، شهدت الآونة الأخيرة صراع نفوذ، حيث تسعى واشنطن من خلال استراتيجيات بناء التحالفات المتعددة مع العديد من الدول البارزة في النظام الدولي إلى تحجيم الصعود الصيني.

فمن تحالف أمني (أوكوس) يستهدف محاصرة الصين في منطقة البحر الهادئ مرورا بأول اجتماع مباشر لتحالف “كواد” إلى تهديد أميركا بالتدخل عسكريا للدفاع عن تايوان إذا ما شنت الصين هجوما عليها، وسط غضب يتنامى في بكين.

وتتناقض التصريحات مع السياسة الأميركية القائمة منذ فترة طويلة فيما يعرف بـ”الغموض الاستراتيجي”، التي تساعد واشنطن بموجبها تايوان في بناء دفاعاتها وتعزيزها دون التعهد صراحة بتقديم مساعدتها في حال حدوث هجوم.

ووفق مراقبين فإنه رغم أن الولايات المتحدة والصين، الدولتان النوويتان والقوتان الاقتصاديتان الأوليان في العالم، تخوضان حربا باردة في عدد من الملفات الخلافية بينهما، يعتبر خلافهما بشأن تايوان القضية الوحيدة التي يُحتمل أن تثير مواجهة مسلّحة بينهما.

وعلى خطى سلفه دونالد ترامب، عمل الرئيس الأميركي، جو بايدن، على تغيير الأولويات الاستراتيجية للسياسة الخارجية الأميركية بتأكيده أن روسيا لم تعد منافسا مباشرا لواشنطن بالمقارنة مع ما يعتبره صعودا مقلقا للقوة الصينية على الصعيد العالمي.

تحالف أوكوس

ومنتصف الشهر الماضي، أعلنت واشنطن عن تحالف “أوكوس” مع بريطانيا وأستراليا في خطوة لإعادة ترتيب هيكل القوة في منطقة المحيط الهادئ.

وبموجب الاتفاقية، تمنح الولايات المتحدة وبريطانيا لأول مرة تكنولوجيا ضرورية لأستراليا لبناء غواصات تعمل بالطاقة النووية.

وينظر إلى الاتفاقية على نطاق واسع على أنها محاولة لمواجهة النفوذ الصيني في بحر الصين الجنوبي، إذ تعد المنطقة بؤرة ساخنة للتوترات على مدار سنوات.

تكتل “كواد”

وبعدها بعشرة أيام، عقد قادة الولايات المتحدة واليابان والهند وأستراليا أول اجتماع مباشر لما يسمى بتكتل “كواد” تصدرته ملفات عدة أبرزها أمن المحيطين الهندي والهادئ.

وأكدوا، في بيان مشترك، على التزامهم بـ”الشراكة في منطقة تشكل حجر الأساس لأمننا المشترك وازدهارنا ألا وهي منطقة المحيطين الهندي والهادي”.

واعتبروا أن “القمة جاءت كفرصة لإعادة تركيز أنفسنا والعالم على منطقة المحيطين الهندي والهادي وعلى رؤيتنا لما نأمل في تحقيقه من تعزيز الأمن والازدهار عبر سيادة القانون، وحرية الملاحة والتحليق، والحل السلمي للنزاعات”.

توترات تايوان

وخلال لقاء مع ناخبين في بالتيمور، الخميس، قال الرئيس الأميركي، جو بايدن، إن الولايات المتحدة ستدافع عن تايوان إذ تعرضت إلى هجوم من الصين، في موقف يبدو فيه تحول عن السياسية الخارجية الأميركية تجاه القضية.

وفي يونيو الماضي، قدم بايدن وعدا مماثلا، متحدثا عن “التزام مقدس” بالدفاع عن حلفاء حلف شمال الأطلسي في كندا وأوروبا و”الأمر ذاته مع اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان”.

من الأقوى؟

وردا على سؤال عما إذا كانت الولايات المتحدة ستكون قادرة على الرد على تطوير برامج عسكرية كالصين، قال “لا تقلقوا الصين وروسيا وبقية العالم تعلم أن لدينا أقوى قدرة عسكرية في العالم”.

وأعرب عن قلقه من احتمال انخراط دول منافسة للولايات المتحدة “في نشاطات قد ترتكب فيها خطأ فادحا”، لكن بايدن كرر في الوقت نفسه رغبته في عدم الدخول في حرب باردة جديدة مع بكين.

تحذير صيني

وردا على هذه التصريحات، طلبت الصين الجمعة من واشنطن التزام الحذر بشأن تايوان.

وشددت، في بيان للخارجية، على أنها لن تقدم تنازلات أو تسويات بشأن القضايا التي تمس المصالح الرئيسية لها، بما في ذلك سيادتها وسلامة أراضيها، “لا داعي للوقوف بوجه 1.4 مليار صيني”.

وتعتبر بكين تايوان جزءاً لا يتجزّأ من الأراضي الصينية، مؤكّدة أنّها عاجلاً أم آجلاً ستستعيد الجزيرة، وبالقوة إذا لزم الأمر.

وحثت الولايات المتحدة على “الالتزام الصارم بمبدأ صين واحدة”، وتوخي الحذر في التصريحات، وعدم إرسال إشارات واهية للقوى الانفصالية التي تدعو إلى استقلال تايوان لتجنب إلحاق ضرر جسيم بالعلاقات الأميركية الصينية.

وكانت تايوان قد أعلنت قبل ذلك، تنفيذ القوات الجوية الصينية أكبر توغل في مجال دفاعها الجوي، حيث حلقت 38 طائرة صينية على موجتين، بالتزامن مع احتفال بكين بتأسيس “جمهورية الصين الشعبية”.

صدام غير مباشر

أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأميركية، سعيد صادق، قال إن هناك حربا باردة مستعرة بين البلدين وكل منهما يريد إثبات إنه الأقوى.

وأضاف صادق، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أنه لن تكون هناك حرب حقيقية ستظل في إطار المناكفات والعقوبات الاقتصادية والتصريحات العنترية ولن ترقى إلى أكثر من ذلك.

وأشار إلى أن الصين لن تضطر إلى غزو تايوان إلا في حال استمرار تضييق الخناق عليها من أميركا وأوروبا اقتصاديا و”لن تحميها أميركا”.

وأمام التحالفات الجديدة، قال صادق إن الصين لا تسعى للصدام المباشر مع الآخرين مع إمكانية استفزاز أميركا عبر الاتجاه بقوة نحو زيادة العلاقات مع روسيا وإيران الغريمين التقليديين لواشنطن.

skynewsarabia.com