والجمعة الماضية، أعلن كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي في مفاوضات فيينا، إنريكي مورا، تعليق الجولة الثامنة من مفاوضات فيينا حول البرنامج النووي الإيراني للتشاور، لافتا إلى أن المشاركين في المحادثات سيعودون إلى عواصم بلادهم للتشاور تمهيدا للعودة الأسبوع المقبل، ولا بد من اتخاذ قرارات سياسية الآن.
وتعد مسألة رفع العقوبات والمطالبات بضمانات من أبرز العقبات التي حالت حتى الساعة دون التوصل لتوافق بين المجتمعين في العاصمة النمساوية، على مدى الجولات الثماني السابقة التي انطلقت في أبريل العام الماضي.
لماذا تأجلت المفاوضات؟
المحلل الإيراني أميد شكري، قال لموقع “سكاي نيوز عربية”، إنه “على الرغم من جميع المواقف الأخيرة فإن لدى الجانبين حوافز قوية للتوصل إلى اتفاق من أجل الاتفاق النووي، فإدارة جو بايدن تحتاج بعد خروجها المضطرب من أفغانستان، إلى اختراق في السياسة الخارجية، وكذلك طهران تسعى للخروج من أزمة عنق الزجاجة وإنهاء العقوبات الأمريكية، والتسوية الدبلوماسية ستمنع مأزقا نوويا يؤدي إلى مواجهة عسكرية”.
وأضاف شكري كبير مستشاري السياسة الخارجية وأمن الطاقة في مركز “تحليلات دول الخليج” (مقره واشنطن): “ومع ذلك، لا يريد أي من الطرفين أن يبدو ضعيفا، وإيران تضيع الوقت تحت مسمى الدبلوماسية من أجل زيادة مستوى تخصيب اليورانيوم وزيادة عدد أجهزة الطرد المركزي لكسب المزيد من النقاط في المحادثات، وفي حال عدم التوصل لاتفاق قريبا سيكون البلدان حقا على طريق الصراع العسكري”.
وحول أسباب تعليق المحادثات، أكد أن “إصرار إيران على رفع جميع العقوبات سبب رئيسي”، مشيرا إلى أنه “من المتوقع توقيع اتفاقية قصيرة الأجل بحلول نهاية فبراير”.
ولفت إلى أن هناك قنوات اتصال أميركية- إيرانية خلال السنوات الماضية، حيث تكررت المحادثات السرية المباشرة بين الجانبين بشأن قضايا العراق وأفغانستان بالإضافة إلى الاتفاق النووي.
وأشار إلى أن هناك مطالبات إيرانية بضرورة عقد اتفاق سريع من أجل الأثر الإيجابي لذلك في خلق هدوء نسبي في البيئة الاقتصادية من حيث كبح التوقعات التضخمية والتخفيضات الزائفة والمؤقتة لأسعار الصرف الأجنبي مع تحرير موارد النقد الأجنبي المحجوبة في بعض الدول وتوفير الصادرات النفطية.
وأكد على أن الولايات المتحدة تريد العودة إلى الاتفاق النووي، لكنها لا تريد الرد بشكل إيجابي على جميع مطالب طهران، إذ إن الهدف من القرارات السياسية هو التوصل إلى اتفاق شامل على المدى القصير.
صفقة محتملة
الأكاديمي الإيراني أحمد هاشمي زاده، قال إن هناك صفقة محتملة ستشمل إفراجا متبادلا للمعتقلين الأميركيين، ولا تعالج برنامج الصواريخ الإيرانية الباليستية ولا الميليشيات الإيرانية ولا سلوك طهران المزعزع للاستقرار.
وأضاف زاده، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن المحادثات وصلت إلى مرحلة صنع القرار وبات الاتفاق وشيكا خاصة في ظل ضغوط دولية لكبح سباق إيران النووي الذي يجري على قدم وساق بالتوازي مع المحادثات.
واتفق مع “شكري” في أن بايدن يسعى لتحقيق أي مكاسب في ظل شعبيته المتضائلة قبيل انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر المقبل، وأن استعادة الصفقة ومعها قيود على القدرة الإنتاجية لإيران من شأنها أن تفي بوعد حملته الرئيسية وتغلق خرقا أنشأه ترامب، رغم أنه سيتسبب في مخاطر سياسية كبيرة على المدى البعيد ما يعد نصرا مؤقتا زائفا، وهو ما استدعى انسحاب نائب الموفد الخاص للشؤون الإيرانية ريتشارد نيفيو بعد رفضه لسياسة التخاذل من قبل الإدارة الحالية.
الرمق الأخير
ونقلت “رويترز” عن مسؤول أميركي مطلع على المفاوضات أن المحادثات التي تستضيفها فيينا “من أكثر المحادثات الشاقة التي أجريناها حتى الآن” من أجل العودة إلى الاتفاق المعروف رسميا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة والذي سحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بلاده منه في 2018.
وأضاف المسؤول: “حققنا تقدما في تقليص هوة الخلافات… حان الآن وقت اتخاذ قرارات سياسية”، لافتا إلى أنه “حان الوقت الآن… كي تقرر إيران ما إذا كانت مستعدة لاتخاذ القرارات السياسية الضرورية اللازمة للعودة المشتركة للاتفاق”.
وتابع: “نحن في المرحلة النهائية، بالنظر إلى إسراع إيران الخطى في جهودها النووية فإن لدينا أسابيع قليلة للتوصل إلى اتفاق”، مؤكدا أنه في حالة عدم التوصل لاتفاق مع إيران، سيكون على واشنطن زيادة الضغوط “الاقتصادية والدبلوماسية وغير ذلك” في مواجهة برنامج إيران النووي.
وأكد المسؤول مجددا على رغبة واشنطن في الدخول في محادثات مباشرة مع إيران قائلا إنها سوف تفيد في الإسراع بخطى العملية بالنظر إلى تبقي القليل من الوقت للتوصل إلى اتفاق، لكنه أوضح أن الطرفين لم يقتربا من الوصول لهذا الأمر “لم نلتق مباشرة بعد. ليس لدينا أي مؤشر أن ذلك سيحدث عندما تستأنف المحادثات”.
بدوره، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس: “نحن منخرطون في شكل غير مباشر بمفاوضات فيينا.. نعتقد بأن نافذة الفرصة تبقى مفتوحة، لكن الآن هذه النافذة تغلق وتصبح أضيق وأضيق ولا أريد الحديث تحديدا أين نحن”.
وأضاف: “الجميع يعلم أننا وصلنا إلى المرحلة النهائية، الأمر الذي يتطلب قرارات سياسية. ولذلك فإن المفاوضين، بمن فيهم المبعوث الخاص (روبرت) مالي، يعودون إلى العواصم للتشاور”.