وتعود ملكية القارب “لولوورث”، الذي تناهز قيمته نحو 10 ملايين يورو ويبلغ طوله 46 مترا، إلى رجل الأعمال الإيطالي غابرييل دي بونو، الذي يحاكم في إيطاليا بتهم تتعلق بالتهرب الضريبي والتحايل وإنشاء شركات وهمية.
وقالت تقارير إعلامية إيطالية، الاثنين، أن قوات الحرس البحرية “دي فينانزا” تمكنت من جلب القارب، الذي كان راسيا في ميناء مدينة بنزرت التونسية، إلى ميناء جيتا في مقاطعة لاتينا جنوب وسط إيطاليا التابعة لإقليم لاتسيو، وذلك بالتعاون مع السلطات التونسية.
وأشارت إلى أن محققين في العاصمة روما قد تمكنوا، بعد تحريات طويلة، من رصد موقع القارب الشراعي في أبريل الماضي في بنزرت، ونجحوا من خلال الشرطة الدولية (الإنتربول) في وضعه تحت سيطرة ومراقبة السلطات التونسية، حتى تمت استعادته.
وأضافت بأن محكمة روما قد أوعزت إلى قوات الحرس البحرية، بأن القارب سيتم تخصيصه في المستقبل للقيام بأنشطة تدريبية موجهة إلى أفراد القطاع البحري في المدرسة البحرية بمدينة جيتا، حيث يرسو القارب التاريخي حاليا.
رحلة بحث طويلة
وكان الادعاء العام الإيطالي قد قرر منذ فبراير 2017 وضع اليخت ضمن الأصول المصادرة من أملاك دي بونو، وإلى جانبه عدد كبير من اليخوت الصغيرة والسيارات القديمة الفاخرة من نوع فيراري ورولز رويس وبنتلي وجاغوار، وكذلك عدد من العقارات بينها فيلات فاخرة في حي كابيتولين الشهير في العاصمة روما، يقدر ثمنه بحوالي 40 مليون يورو، بحسب تقرير نشرته موقع “لاتينا” المحلي.
ويخضع دي بونو للإيقاف في السجن مع 4 من مساعديه منذ شهر نوفمبر 2018، وأشار الموقع الإيطالي إلى أن التحقيقات كشفت أنه “يرأس مجموعة إجرامية كانت تدير العديد من الشركات المحلية والأجنبية، وتستخدمها لإصدار فواتير لعمليات وهمية بأكثر من 180 مليون يورو، يتعلق أغلبها بالاستشارات الوهمية وتقديم الخدمات التي استفاد منها رجال الأعمال الإيطاليون المهتمون بتخفيض الدخل الخاضع للضريبة بشكل كبير والحصول على السيولة لاستخدامها خارج الدائرة المصرفية، أو لإخفاء عمليات تحويل الأموال عبر الحدود لفائدة الشركات الأجنبية، حيث يمكنهم بهذه الطريقة تصدير رأس المال إلى بلدانهم الأصلية وتجنب استخدام الوسطاء الماليين المصرح لهم”.
وعندما وضع القضاء الإيطالي يده على أملاك دي بونو، حاول إنقاذ “لولوورث”، الذي كان يعتبره القطعة الأغلى ضمن ممتلكاته الفاخرة، بحسب تقرير “لاتينا”.
ونقل رجل الأعمال القارب من ميناء “لو جرازي” في مدينة بورتو فينير شمالي إيطاليا، إلى ميناء الجزيرة الإسبانية “بالما دي مايوركا” في مرحلة أولى، تمهيدا لنقل مرة ثانية خارج الاتحاد الأوروبي.
ومنذ بداية عام 2017، أبحر اليخت “لولوورث” نحو وجهة مجهولة، حتى تمكن مكتب التحقيقات الاقتصادية في روما من تحديد مكانه بعد 3 سنوات من البحث والتقصي.
تحفة تاريخية
ويتوافق تاريخ استعادة السلطات الإيطالية للقارب التاريخي مع احتفاله بعيد إنشائه رقم 100، إذ صنع عام 1920 في حوض ميناء مدينة ساوثامبتون البريطانية على يد المهندس بيربرت دبليو وايت، علما أنه صُمم خصيصا لريتشارد إتش لي، الذي أراد قارب سباق للتنافس على المسابقة الأولى للفئة البريطانية الكبيرة في سباق القوارب الشراعية.
وقد أطلق عليه حينذاك اسم “تيربيشور”، قبل أن يأخذ في عام 1924 اسمه الحالي “لولوورث”.
ويبلغ طول القارب 46 مترا، مع سارية من 52 مترا ومساحة أشرعته نحو 1300 متر مربع، أما قوة دفعه فتناهز 380 حصانا، ويتميز بقاطع ذي هيكل فولاذي، وسطحه الخارجي مصنوع من خشب الساج، فيما صنع هيكله الداخلي من خشب الماهوجني الاستوائي، وفقا لموقع توثيق القوارب الكلاسيكي.
وبين عامي 1920 و1930 شارك اليخت، باعتباره قارب سباق في العديد من التظاهرات الرياضية الكبرى، لعل أهمها الدورة الخامسة عشر من كأس أميركا، لينتهي به حال في مخزن للخردة حتى عام 1974، عندما أنقذه أحد هواة القوارب ويدعى ريتشارد لوكاس، حيث قام بصيانته وحوله إلى منزل يرسو في نهر هامبل في مقاطعة هامبشير جنوبي إنجلترا.
وفي عام 1990 تم نقل اليخت لإعادة بنائه في حوض بناء اليخوت الكلاسيكية في مدينة فياريدغو شمالي إيطاليا، وحتى عام 2002 كان قد خضع حوالي 70 بالمئة من هيكله الداخلي ونحو 80 بالمئة من إطاراته الفولاذية للترميم.
وفي 2006 أعيد استنساخ أشرعته القديمة، ليصبح اليخت الذي يملك أعلى سارية في العالم، قبل أن ينتهي ضمن أملاك دي بونو.