ويرجّح محللون سياسيون أن هذه الاحتجاجات في كابل وهرات ليست عفويّة، بل مخطط لها وتستهدف تفجير العلاقات الجديدة بين طالبان وطهران.

وتظاهر عشرات الأشخاص، الثلاثاء الماضي، في ساحة بوسط العاصمة الأفغانية كابل للتنديد بإيران بعد انتشار مقاطع فيديو قيل إنها لإيرانيين يضربون لاجئين أفغان.

ووفق وكالة “فرانس برس” فإنه رغم أن طالبان تحظر المظاهرات العامة فإن هذا الاحتجاج حصل على تصريح وجرى تحت رقابة أمنية.

جاء هذا الاحتجاج بعد يوم من هجوم شنه أفغان على القنصلية الإيرانية في مدينة هرات ذات الأغلبية من البشتون التي تنتمي لها طالبان، مردّدين شعارات منها “الموت لإيران”، وأحرقوا الإطارات والباب الأمامي، وحطّموا كاميرات المراقبة، ورشقوا المبنى بالحجارة.

وفي نفس الوقت، تجمع العشرات أمام السفارة الإيرانية في كابل، مطالبين الأمم المتحدة بمراجعة مقاطع فيديو “أفغان يتعرضون لسوء المعاملة” في إيران.

وسبق أن دعت حركة طالبان على لسان المتحدث باسمها ذبيح الله مجاهد إيران إلى معاملة اللاجئين الأفغان “معاملة حسنة وإنسانية”.

وردّ سفير طهران في كابل، بهادر أمينيان، بأن إساءة معاملة المهاجرين الأفغان ليست من سياسة إيران، متّهمًا مَن يقوم بنشر مقاطع اضطهاد المهاجرين الأفغان هو حركة “مجاهدي خلق” الإيرانية المعارضة “بغرض تعكير العلاقات بين كابل وطهران”، وفق تصريحات لإحدى الصحف نشرتها وكالة “فارس” للأنباء.

وشدد أمينيان على ضرورة المصالحة الوطنية في أفغانستان لأن “هذا سيمنع انتشار الهجرة”.

واستدعت الخارجية الإيرانية القائم بأعمال السفارة الأفغانية في طهران، رسول موسوي، و”احتجت بشدة” على الهجمات التي استهدفت السفارة والقنصلية.

ويوجد في إيران أكثر من 3 ملايين لاجئ أفغاني، تستغل بعضهم في ميليشيات “فاطميون” التي تقاتل بها في سوريا والعراق، وزاد تدفق الأفغان بعد تولي حركة طالبان الحكم أغسطس 2021.

تدخل خارجي

وحسب مدير المركز الأفغاني للإعلام والدراسات، عبد الجبار بهير، هناك دول وأيادٍ محلية في أفغانستان تسعى إلى تفجير علاقات طالبان وطهران بعد تحسنها الأشهر الماضية وزيارة وفود طالبان لطهران.

وأضاف بهير أن هذه الأطراف تعلم أن حكومتي البلدين غير مُتّفقتين في بعض الملفات، وهو ما تسعى لاستثماره.

ومن بين الملفات محل الخلاف، اعتراض طالبان على النشاط الإيراني الثقافي والديني في أفغانستان، وتركيز اهتمامها على الشيعة هناك.

وكذلك برز دور وزير الدفاع في حكومة طالبان، الملا محمد يعقوب، نجل مؤسس الحركة الملا عمر، في وقف مخطط تحويل مياه نهر هلمند الواقع جنوب غربي أفغانستان وشرقي إيران، وهو أمر يتعلق بأزمة مياه قد تشعل صراعًا يعود إلى قرن من الزمان.

ويقدر طول نهر هلمند بـ1150 كلم، وهو الأطول في أفغانستان، ويصب في بحيرة هامون على الحدود مع إيران التي لها حصة الأسد من مياهها، وهي ذات أهمية استراتيجية لتوفير مياه الشرب والزراعة في شرق إيران، وبين البلدين نزاعات متكررة حول حصة المياه.

ويرى المعارض الكردي وزعيم حزب سربستي كردستان في إيران، عارف باوه جاني، أن الاحتجاجات الأفغانية رد فعل لما وصفها بجرائم السلطات الإيرانية بحق اللاجئين الأفغان، إضافة إلى أنها تكشف غضب الشعب الأفغاني من سياسة طهران تجاه بلادهم.

واعتبر أن لإيران مخططاتها داخل أفغانستان، ولن تتنازل عنها حتى إذا أدّى ذلك إلى الصدام مع حركة طالبان.

skynewsarabia.com