وتظهر استطلاعات الرأي أن أكثر من نصف الفرنسيين مهتمون في المقام الأول بمواضيع مثل القدرة الشرائية وأجورهم وارتفاع أسعار الطاقة، بينما تأتي موضوعات الهجرة وإصلاح نظام الصحية والتعليم في مراتب متأخرة من اهتماماتهم.
وحسب المراقبين، يعول المرشحان على البرنامج الاقتصادي بشكل كبير باعتباره أداة ناجعة لحسم السباق.
وفي هذا الصدد، يرى المحلل السياسي نزار الجليدي، رئيس تحرير موقع “صوت الضفتين” بباريس، أن الوضع الاقتصادي الحرج الذي تمر به البلاد، إثر التداعيات الخاصة بحرب أوكرانيا، يفرض على رئيس فرنسا القادم وضع برنامج للإصلاح والمعالجة وتقديم حلول مقنعة للمواطنين.
أزمة أوكرانيا تلقي بظلال ثقيلة
وفي تصريح لـ”سكاي نيوز عربية”، يقول الجليدي إن الأوضاع الاقتصادية في فرنسا بشكل عام تشهد توترًا كبيرًا بسبب حرب أوكرانيا، وما ترتب عليها من ارتفاع غير سبوق لأسعار السلع والمنتجات الغذائية، فضلًا عن التهديدات المستمرة بين روسيا ودول الاتحاد الأوروبي بشأن وقف واردات الغاز الروسي، وهو ما يعني أن البلاد مهددة بموجات باردة وانقطاع للسلع الغذائية والمواد الأساسية.
وحسب الجليدي، يمتلك المرشحان المتنافسان برامج اقتصادية قوية إذا ما تم تنفيذها على أرض الواقع، لكن فيما يخص ماكرون هناك العديد من الوعود لم تتحقق منذ عام 2017، كما أن لوبان تواجه مظاهرات حاشدة في البلاد لرفض صعود اليمين المتطرف إلى الإليزيه، منددين بأن الأمر سيعني سقوط الجمهورية الفرنسية الديمقراطية ومبادئ الحريات، موضحًا أن هذه الأمور تربك موازين القوى في الانتخابات إلى حد كبير.
من جانبه، يسعى الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون، إلى استغلال النمو الاقتصادي في عهده، كورقة رابحة لحسم الجولة الثانية المحتدمة من الانتخابات الرئاسية.
ووفق التقديرات الاقتصادية، فقد تعافى الاقتصاد الفرنسي بشكل أسرع من المتوقع من أزمة فيروس “كورونا“، حيث وصل النمو العام الماضي إلى أعلى مستوى له في 52 عامًا عند 7 في المئة، بالإضافة إلى ذلك، انخفضت البطالة إلى أدنى مستوى لها في 10 سنوات، وارتفعت القوة الشرائية للمستهلكين، وبدأ الاستثمار الأجنبي يتدفق.
ماكرون.. رجل الاقتصاد ينافس بخطة طموحة
منذ وصوله إلى السلطة في عام 2017، دفع ماكرون، وهو مصرفي استثماري ووزير اقتصاد سابق، بسلسلة من الإصلاحات، منها تخفيف قواعد العمل لتسهيل تعيين العمال وفصلهم، وتقليص إعانات البطالة وخفض الضرائب على رأس المال والدخل لكل من الأسر والشركات.
وحسب برنامجه الاقتصادي المعلن، يخطط الزعيم الفرنسي لمضاعفة إصلاحات السوق الحرة التي نفذها خلال فترة ولايته الأولى، إذ كان البند الرئيسي في برنامجه هو زيادة الحد الأدنى لسن التقاعد إلى 65 من 62.
ويتعهد ماكرون أيضًا بجعل بعض مزايا الرعاية الاجتماعية مشروطة بساعات تدريب تتراوح بين 15 و20 ساعة، على غرار السياسات المتبعة في دول مثل الولايات المتحدة أو بريطانيا.
ماذا عن لوبان؟
في المقابل، تخلت لوبان عن خططها السابقة للانسحاب من منطقة اليورو وسداد ديون فرنسا بالفرنك وتعهدت بقطع المساهمات في خزائن الاتحاد الأوروبي، وستضع مثل هذه الخطوة باريس على مسار تصادمي مع المفوضية الأوروبية وأعضاء الاتحاد الأوروبي الآخرين.
وتصر على أن القانون الفرنسي يجب أن تكون له اليد العليا على قواعد الاتحاد الأوروبي، في تحدٍّ للمحكمة العليا في التكتل، وتقول إنها تريد في النهاية استبدال الاتحاد الأوروبي بـ”أوروبا الأمم”، رغم أنها لم توضح بعد كيف سيبدو ذلك.
كما ستُوظّف لوبان آلافًا من وكلاء الجمارك لفحص البضائع التي تدخل فرنسا، بما في ذلك من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، بدعوى مكافحة الاحتيال. ويقول محللون إن ذلك من شأنه أن يقوض السوق الموحدة.