كان عام 1986 صعبا بامتياز، فأبعاد هذه الكارثة لا تزال مستمرة إلى يومنا هذا، وتداعياتها الخطيرة شائكة جدا.

فتلك السحب الكيميائية والإشعاعية لم تعرف حدودا، وتدفق الخمسين طنا من المواد والذرات المشعة الخطيرة حملت في جزئيات الهواء والغلاف الجوي، لتضر بأكثر من 8 ملايين شخص في أوكرانيا وبيلاروسيا والاتحاد الروسي.

 وبعد 36 عاما، لا يزال يعاني الناس من أمراض القلب والسرطان والجهاز العصبي والكثير من الإعاقات والتشوهات الجسدية.

تقارير عالمية كانت قد أشارت إلى أن كمية الإشعاعات التي نشرتها تشيرنوبل في الجو، أكبر بأضعاف المرات من الكمية التي نشرتاها قنبلتا ناغازاكي وهيروشيما الذريتين، كما ـن تأثير تلك الإشعاعات طال الغابات والنباتات والحيوانات أيضا.

حادثة محطة فوكوشيما اليابانية أيضا كانت من الحوادث المؤسفة التي ألمت بالعالم في عام 2011، لكن أضرارها لا تقارن بما أحدثته تشيرنوبل على مدار عقود بين الناس، إذ أن التسريبات الإشعاعية في فوكوشيما كانت محدودة وقليلة، خاصة أن موجات المد البحري العاتية دفعت الناس للفرار من المنطقة بسرعة هربا منها ومن الإشعاعات التي انطلقت في الهواء آنذاك.

وعلى الرغم من أن الحوادث النووية الخطيرة قليلة ومتباعدة، فإن مجرد التفكير في حدوثها يثير الرعب والخوف، وقصصها المؤلمة لا تزال تصيب قلوب الملايين في العالم.

هل يفيد تناول حبوب اليود؟

ومع الأحداث التي تشهدها أوكرانيا في ظل العملية العسكرية الروسية، تزداد المخاوف بشأن أية حوادث نووية قد تقع، خاصة في محطة تشيرنول، مما دفع الكثيرين بأوروبا والدول المحيطة بأوكرانيا، لشراء وتخزين حبوب اليود، فما هي العلاقة بين تلك الحبوب والتسرب الإشعاعي النووي؟.

ويقول الخبراء إن اليود المشع هو أحد المواد الأساسية التي تنتشر بعد أي حادث نووي، فهذه النظائر المشعة لليود 131 و133 قد تتركز في الجسم في الأيام الأولى من التعرض له، وتسبب أضرارا على صحة الإنسان، وتحديدا على الغدة الدرقية.

في المقابل، يتعرض البشر يوميا للكثير من مصادر الإشعاع، أكثرها طبعا من المصادر الطبيعية أو نتيجة الإجراءات الطبية، لكن ووفق الأطباء، فإن الإسقاط الإشعاعي الكبير وبكميات هائلة، يؤدي لإصابة من تعرض له أكثر من غيره بسرطان الغدة الدرقية، ويمكن بنسبة قليلة أن يورث هذا السرطان للأبناء.

بعض الأطباء يعتقدون أنه إذا تناول الناس أقراص اليود الطبيعي في الوقت المناسب، فإن هذا اليود المفيد سيتراكم في الغدة الدرقية ويمنع تراكم اليود المشع، ثم يتم امتصاصه وطرحه في البول. وقد يسمح في الوقت نفسه للغدة الدرقية باستخدام اليود الطبيعي لإنتاج هرموناتها الطبيعية.

لكن إذا حدث تعرض قوي للإشعاعات فإن تناول اليود لا يفيد أبدا، بل على العكس قد يكون ضارا، لذلك يحذر الباحثون من أخذ اليود من دون إذن مصرح، أو لمجرد الخوف فقط.

وتلعب عوامل كثيرة في أهمية تناول اليود لدرء خطر الإشعاع النووي، أبرزها المسافة والمكان ونطاق التواجد، إضافة إلى إعلان حالة الطوارئ النووية أو الإشعاعية من قبل الدولة أو المسؤولين، إذ قد يفيد تناول اليود الطبيعي ضمن مسافة 100 كلم من موقع تسرب الإشعاعات.

وفي حالة التعرض للإشعاع، يقول خبراء إن عامل الوقت حاسم جدا، إلى جانب مدى شدة التعرض، فالنشاط الإشعاعي الذي يقاس عادة بـ”ملي سيفرت” قد يفوق في دقائق أضعاف ما قد يتعرض له الإنسان من إشعاعات طبيعية خلال سنة.

ومدى اندماج وتسرب المواد المشعة داخل الجسم حاسم أيضا، خاصة إذ لم يتم التخلص منها مباشرة بالماء العادي أو رغوة الصابون.

skynewsarabia.com