اختار قادة منظمة غرب إفريقيا بدعم من فرنسا طريق التصعيد بإغلاق الحدود مع مالي وفرض حظر تجاري ومالي، فضلا عن تجميد أصولها في بنوك غرب أفريقيا، بعد إعلان المجلس العسكري تأجيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي وعدوا بها في 27 فبراير لإعادة المدنيين إلى السلطة.

وبدورها لم تخفف باريس الضغط، إذ أعلنت أن الخطوط الجوية الفرنسية يوم الأربعاء 12 يناير، تعليق رحلاتها من وإلى مالي حتى إشعار آخر. وبينما تتولى فرنسا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، أكد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أن الدول السبع والعشرين تعد أيضًا سلسلة من الإجراءات.

وفي رد فوري منه على هذا التطور الجديد، تأسف رئيس المجلس العسكري الحاكم في مالي، الكولونيل أسيمي غويتا، في خطاب بثّه التلفزيون الحكومي للطبيعة غير الشرعية وغير القانونية وغير الإنسانية لقرارات معينة، لكنه أكد أن مالي تظل منفتحة على الحوار مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا لإيجاد توافق في الآراء بين المصالح العليا للشعب المالي واحترام المبادئ الأساسية للمنظمة”.

 عقوبات “غير شرعية”

ويتفق رئيس المعهد الأوروبي للأمن والاستشراق، إيمانويل ديبوي، مع هذا الطرح، إذ يرى أن هذه “العقوبات لا تتناسب بشكل كامل مع بنود اتفاقية أبوجا” التي أسست المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في عام 1975. وهي عقوبات ناتجة عن “أجندة سياسية” للمجموعة وكذلك هي خاضعة “لتأثير خارجي من دول تريد معاقبة السلطة العسكرية في مالي”.

ويوضح قائلا: “أولا، لم تشر الاتفاقية في أي بند إلى إمكانيات إقفال الحدود مع دولة تنتمي إلى المجموعة. ثانيا، غينيا كوناكري غير معنية بتطبيق العقوبات لأنها استثنيت من التصويت. ثالثا، اعتبر عدد من رؤساء دول المجموعة هذه العقوبات قاسية، من بينها نيجيريا وغينيا بيساو وكوت ديفوار وغانا. كما أن هذه العقوبات أظهرت الهوة الكبيرة بين رغبة وميول شعوب الدول الإفريقية ورؤساءها”.

وفي المقابل، يؤكد أن موقف الحكومة الحالية مع العقوبات الصارمة التي اتخذت ضدها، قد يتغير ويصبح تعاملها مرنا. فرغم أن قرار تأجيل الانتخابات لم يكن قرارا أحاديا من جانب المجلس العسكري بل بتوافق مع الكتلة السياسية المالية. لكن هذا الأمر وفقا لديبوي لا يشفع للسلطة العسكرية التي كان بإمكانها أن تكون أكثر مرونة وتقترح تاريخ انتخابات مقبول وتستفيد من التجربة الليبية في هذا الشق.

 فرنسا تفقد موقعها في الساحل

واستجابة لدعوة المجلس العسكري الحاكم، تظاهر الآلاف في العاصمة باماكو ومدن أخرى كتمبكتو وبوغوني، رفضا للعقوبات وتزايد الضغط الدولي للمضي في انتقال سريع للسلطة إلى مدنيين منتخبين.

كما تداولت شبكات التواصل الاجتماعي صورا لمتظاهرين ماليين حاملين شعارات تطالب بخروج القوات الفرنسية من البلاد.

وهو ما يثير مخاوف رئيس المعهد الأوروبي للأمن والاستشراق الذي يقر بأن صورة فرنسا اهتزت في المنطقة في ظل تواصل المظاهرات التي تنظم ضد تواجدها العسكري في بوركينافاسو والنيجر ومالي. وما لا يضمن خط الرجعة هو ما أسماه بـ”مبالغة فرنسا في تركيزها على النظام العسكري في مالي بالمقارنة مع باقي الدول الأوروبية”.

ويضيف، “في الوقت الحالي، لا توجد أي استراتيجية محددة لفرنسا في مالي، هناك غياب تام للحوار السياسي بين الطرفين. ورغبة في تدويل الضغط وإدخال أوروبا في المشكل. وهذا حل غير موفق، لأنه يضع الدول الغربية في مواجهة السلطات المالية. كما أنه مع فرض العقوبات الجديدة، استطاع العسكر تقوية شرعيته بين الشعب المالي”.

وبتابع، “عندما قررت فرنسا مراجعة تواجدها العسكري في مالي في 10 يونيو 2021، هي كانت تحاول ترحيل جهازها العسكري خارج الحدود المالية، لكن هذا لا يعني أنها ستغادر منطقة الساحل بل هي فقط تريد تقوية حضورها في النيجر وإنقاذ ما يمكن إنقاذه في بوركينافاسو، كما أنها بنهاية عام 2023، ستحتفظ بـ1000 عسكري فقط في مالي من بين 3000″.

 روسيا تستفيد من فراغ فرنسي

ووقفا لديبوي، “روسيا ستملأ الفراغ الذي تركته فرنسا. إذ يتزامن هذا التراجع الواضح للدور الفرنسي بدول مجموعة الساحل الخمس مع الإحساس المتزايد لدى شعوب المنطقة برفض التواجد العسكري الفرنسي والفرونكوفوبي التي تستقر في الكتلة السياسية الإفريقية. كلها أسباب تعطي شرعية لتواجد “مجموعة فاغنر” الروسية في مالي”.

وهذا ما يتأكد أيضا عبر الصفقات التي تعقد بين البلدين، فقد حملت طائرة شحن روسية أربع طائرات هليكوبتر قتالية، من روسيا إلى مالي في أكتوبر الماضي بطلب من السلطات المالية في إطار ما وصفته حكومة باماكو بصفقة تجارية مع روسيا. كما وقعت موسكو اتفاقات عسكرية أخرى مع عدد من دول المجموعة كان آخرها مع موريتانيا في 24 يونيو المنصرم.

skynewsarabia.com