ولا تلوح في الأفق نهاية للأزمة، بسبب تمسك “إيكواس” بشرط الإفراج عن بازوم وإعادته لمنصبه، مما يعني فشل الجهود الدبلوماسية والخيار السلمي حتى الآن، وفق مراقبين.
ورغم ذلك، يصطدم السيناريو العسكري الذي أعلنته “إيكواس”، الجمعة، بعد اجتماع قادة جيوش دولها في أكرا لتحديد ساعة الصفر، بصعوبات وتحديات عملياتية وجغرافية، وفق تقديرات خبراء تحدثوا لموقع “سكاي نيوز عربية”.
3 مسارات متوقعة
ما يزيد مشهد النيجر تعقيدا، وفق مراقبين، المظاهرات المؤيدة والمستمرة للمجلس العسكري الذي قاد الانقلاب، والمناهضة لقرار “إيكواس”، فضلا عن انقسام أعضاء المجموعة حول الخيار العسكري، وإعلان قائد الانقلاب الجنرال عبد الرحمن تيشاني فترة انتقالية لمدة 3 سنوات وإطلاق حوار وطني بالبلاد، مما يعني عمليا تجاوز فترة حكم بازوم، يضاف إلى ذلك التضامن العسكري من بوركينا فاسو ومالي مع الانقلابيين، ونشرهما طائرات حربية في النيجر.
ووفق صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، تدور أبرز المسارات المتوقعة لتطورات هذه الأزمة بين ما يلي:
- إقدام “إيكواس” على التدخل العسكري بدعم فرنسي، ويعتري ذلك تخوفات من اندلاع حرب إقليمية واسعة في ظل دعم بوركينا فاسو ومالي لانقلابيي النيجر.
- استمرار “إيكواس” بالتلويح بالتدخل العسكري بالتزامن مع إمداد معارضين للمجلس العسكري بالمال والسلاح، لخلق “حرب بالوكالة” وفوضى واستنزاف للانقلاب، ومع فرض حصار اقتصادي وقطع المساعدات عن النيجر قد يتم تأليب الرأي العام على الانقلابيين ومن ثم انقلاب جديد على مجلس تيشاني.
- تسليم الجميع بالأمر الواقع، وإن كان هذا المسار مستبعدا لأنه يعني موافقة “إيكواس” والمجتمع الدولي ضمنا على تنامي سياسة الانقلابات في إفريقيا.
كيف سيتم التدخل العسكري؟
وفق تقارير صحفية، فإن “إيكواس” تتحفظ حتى الآن على موعد وشكل الهجوم العسكري، وإن كان هذا المسار يواجه تحديات حتى إن تجاوز العقبات القانونية والتنظيمية.
وحسب خبراء ومحللين، فإن شكل التدخل العسكري في النيجر قد يتم عبر عدة سيناريوهات:
- عملية خاطفة عبر مجموعة من القوات الخاصة للاستيلاء على المواقع الأمنية والإدارية الرئيسة، وإنقاذ بازوم من الإقامة الجبرية وإعادته للسلطة.
- إنزال جوي بهدف احتلال مطار العاصمة نيامي وبقية المطارات، ثم التحرك نحو المؤسسات الحيوية والأساسية، مثل القصر الرئاسي والبرلمان وصولا إلى تحرير بازوم، واستعادة الحكم المدني في البلاد.
- هجوم بري من الجنوب عبر حدود النيجر مع نيجيريا أو بنين أو كليهما، ثم التحرك نحو نيامي.
- شن ضربات جوية مفاجئة بالتزامن مع تدخل بري خاطف خلال عملية سريعة.
أخطار محدقة
يقول الخبير في الشأن الإفريقي بول ميلي لموقع ” سكاي نيوز عربية”، إن جميع السيناريوهات السابقة يعتريها الخطر والتحديات الجيواستراتيجية والعملياتية، خصوصا بعد توعد المجلس العسكري في النيجر بأن تدخل “إيكواس” لن يكون نزهة، مما يعني المواجهة العسكرية المباشرة وينذر بتوسع الحرب إلى دول أخرى بالقارة، بعد تضامن مالي وبوركينا فاسو مع الانقلابيين في النيجر.
وعن مسار التدخل عبر عملية برية، يضيف: “في هذا الخيار ستقطع جيوش إيكواس مئات الكيلومترات من نيجيريا أو بنين عبر الحدود للوصول إلى نيامي، وهذا يجعل القوات عرضة لكمائن الإرهابيين والمقاومة الشعبية من أنصار المجلس العسكري، ومن الجيش النيجري نفسه”.
علاوة على ذلك، فإن هذا التوغل البري “سيمنح جيش النيجر فرصة كبيرة لتعزيز مواقعه الدفاعية في العاصمة، وحشد أنصاره والتحصن بالمدنيين في المواقع المحتملة للعمليات العسكرية لإيكواس”، وفق ميلي.
وتابع المتحدث: “هذه السيناريوهات يعتريها الكثير من التحديات، وسيكون لها تداعيات خطيرة قد تتعدى قارة إفريقيا، خاصة في ظل ما يشهده النظام الدولي من توازن للقوى ووقوف كل من روسيا والصين والهند إلى جانب المجلس العسكري ورفضهم لأي تدخل عسكري خارجي، إضافة إلى قابلية انتقال هذا العمل العسكري نحو العديد من البلدان المجاورة”.
ويرى ميلي أن “هناك تباينات في المواقف الدولية، ففي ظل تهديدات فرنسا وإجلاء رعاياها نجد أن الولايات المتحدة لم تجل رعاياها وتفضل الخيار السلمي والحوار، ولم تصرح بسحب قواتها من النيجر”.
وقال: “الموقف الأميركي يجعل شروط التدخل العسكري في النيجر ليست متوفرة، لتعامله مع الانقلاب حتى الآن بطريقة دبلوماسية”.
وأضاف الخبير في الشأن الإفريقي: “المظاهرات المؤيدة للانقلابيين تؤشر على تماسك الجبهة الداخلية، وتدل على أن الوضع الجديد في النيجر يحظى بقبول شعبي، وهنا تكمن التخوفات من تمترس جيش النيجر وراء المدنيين وتحويلهم إلى دروع بشرية مما قد يمنع إيكواس من قصف الأهداف الاستراتيجية اللازمة من قواعد ومطارات ومؤسسات، قد تتحول بدورها إلى ساحات للاحتجاج، وهو أمر يقلل فرص نجاح الخيار العسكري أو شن عملية سريعة وخاطفة”.