وتعيش الطبيبة الشابة، والآلاف من الأطباء والممرضين في نيويورك ونيوجيرسي أياما عصيبة، مع تخوف من أن يضطروا لاتخاذ “قرارات صعبة” بشأن من يعيش ومن يموت بناء على النقص الشديد في المعدات الطبية والأسرة، بينما يواجه الأطباء أنفسهم حالات من الاكتئاب والإصابة المحققة بالفيروس.
ويبعد مستشفى أنغلوود 18 كم فقط، عن مانهاتن في نيويورك، البقعة الأكثر تفشيا للفيروس في الولايات المتحدة، وربما في العالم.
ولتصوير هول الأزمة هناك، تحدثت آشلي بحزن شديد لموقع سكاي نيوز عربية، قائلة “لقد كانت فترة فوضوية للغاية لم يختبرها الكثير منا من قبل. كان الأمر وكأننا استيقظنا ذات ليلة وتغير كل شيء”.
وأضافت الطبيبة الكندية التي تعمل في أحد أكثر مستشفيات الولايات المتحدة تضررا: “في هذه المرحلة كعاملين في مجال الرعاية الصحية، نعلم أننا قد تعرضنا للفيروس، بحكم العمل في المستشفى والتواصل مع مئات المرضى. لقد تقبلنا فكرة أننا سنصاب بالفيروس، ولكننا نصلي ونأمل أن تكون لدينا أعراض خفيفة، أو أن يأتي الفيروس في أجسامنا بدون الأعراض، إذا كنا محظوظين”.
كلمات كانا جاءت لتعبر عن الحالة المأساوية التي تعيشها مستشفيات الولايات المتحدة، والتي أصبحت الدولة الأولى في العالم بعدد الإصابات، بتصاعد مخيف في الأرقام، وخاصة في ولاية نيويورك.
وسجلت ولايتا نيويورك ونيوجيرسي قرابة 100 ألف إصابة بفيروس كورونا،، بنسبة 10 بالمئة تقريبا من الإصابات حول العالم، بينما تخطت حالات الوفاة 2000 حالة.
كما سجلت الولايات المتحدة أكثر من 4 آلاف حالة وفاة حتى الآن، نصفها تقريبا في نيويورك ونيوجيرسي.
قرار الموت أو الحياة
وتعاني المستشفيات الأميركية من نقص حاد بالمعدات، مما قد يؤدي إلى اتخاذ “قرار صعب”، بتحديد من يعيش ومن يموت.
وتقول كانا: ” لا نزال نمتلك بعض أجهزة التنفس الصناعي المتوفرة هنا في المستشفى، ولكن نتوقع بأنه سيتوجب علينا الاختيار بين من سيعيش ومن سيموت، في الأسابيع القادمة، استنادا على السن، مع نفاذ أجهزة التنفس الصناعي المتوفرة في المستشفى”.
وأضافت: “لدينا في المستشفى اليوم، أجهزة تنفس صناعي أكثر بقليل من المرضى الذين يحتاجون إليها. ومع الزيادة اليومية في حالات الإصابة، يمكنني أن أرى أننا نصل إلى النقطة التي نقول فيها للمسن الذي يزيد عمره عن 70 عاما، سيتوجب علينا تركك ترجل، من أجل إنقاذ شخص أصغر سنا”.
“لا أدوية”
“صراع آخر نواجهه هو نفاد الأدوية، كأنواع عديدة من المهدئات التي نستخدمها لإبقاء الناس تحت التخدير، أثناء وجودهم على جهاز التنفس الصناعي، وهو أمر في غاية الأهمية، وكذلك المضادات الحيوية، وفيتامين سي، وكلاهما يستخدم لمحاولة علاج الفيروس”.
وأكدت كانا أنهم كأطباء يعانون كذلك من شح في معدات الوقاية الصحية، حيث يستخدمون الكمامة نفسها يوميا، ثم يعقموها ويعيدون استخدامها.
وقالت كانا: “نحن نرتدي معدات الوقاية الشخصية في جميع الأوقات، منذ اللحظة التي نطأ فيها أرض المستشفى. وهذا يشمل كمامة واحدة وقناع واق نستخدمه طوال اليوم، ونحفظه في كيس بني، ونعقمه، ثم نعيد استخدامه باستمرار”.
“في مستشفانا لدينا فريق مترابط جدا، وكنا دائما نعانق بعضنا البعض لإظهار الحب والدعم أثناء التعامل مع الأشياء المحزنة التي نواجهها، ولكن الآن نتجنب لمس بعضنا البعض لأننا نعلم أننا مصابون جميعا في هذه المرحلة، ومدركون لخطورة ما نتعامل معه”.
ولخصت كانا الحالة قائلة: “نحن نعاني هنا من نقص في المعدات الواقية، ومن أعداد الأطباء المتوفرين، ومن الإرهاق، ومن الاكتئاب”.
مشاهد محزنة
وتقول الطبيبة الشابة إنها: “رأت مرضى صغار يبلغون من العمر 25 عاما على أجهزة التنفس الصناعي، واضطررت إلى إخبار والديهم أن الأمور لا تبدو جيدة لأحبائهم”.
وأضافت: “في مرة اضطررت لإبلاغ فتاة أن والدها وجد على الأرض لأنه توقف عن التنفس بسبب الفيروس، وأننا فعلنا كل ما في وسعنا لكنه لم يستطع العيش”.
“لقد رأيت أشخاصا أصحاء تتراوح أعمارهم بين 40 و 50 عاما، دون أي مشاكل صحية، وضعوا على أجهزة التنفس الصناعي واضطروا للتحدث مع أطفالهم المراهقين حول احتمال وفاتهم”.
وتقول الطبيبة إن الأزمة دفعت الأطباء في المستشفى على إجبار المرضى كبار السن، على توقيع “وثيقة عدم إنعاش”، والتي تعني أنهم يسمحون للمستشفى بعدم إنعاشهم عند توقف القلب عن النبض، إذا وصل الأمر لهذه النقطة، بسبب قلة الموارد المتوفرة.
وتقول كانا: “رأيت رجلا مسنا يخبر ابنته عبر مكالمة بالفيديو، أنه سيوقع على وثيقة عدم الإنعاش، قبل أن يخبرها بأنه يحبها كثيرا، وأنه يريد منها أن تعتني بنفسها وبوالدتها في حال وفاته”.
ووجهت كانا رسالة للمستشفيات حول العالم، بالاستعداد للأسوأ الآن: “حاولوا أن تكون استباقيين ولا تكونوا أصحاب رد فعل مثلما كانت الولايات المتحدة”.
ونصحت الطبيبة الشابة زملاءها الأطباء في بلدان أخرى: “احصلوا على أكبر عدد ممكن من أجهزة التنفس الصناعي ومعدات الوقاية الشخصية. تأكدوا من ممارسة الابتعاد الاجتماعي، وحاولوا الحفاظ على أنفسكم بصحة جيدة قدر الإمكان حتى تؤدون مهمتكم مع مرضاكم”.
وتأتي مشاهدات كانا موازية لتحذيرات حاكم نيويورك آندرو كومو، الثلاثاء، الذي قال إن “المعركة” الحقيقية بمواجهة فيروس كورونا المتفشي في الولاية، لم تبدأ بعد، وهي ستحين عندما يصل تفشي كورونا ذروته أي بعد 14 يوما إلى 30 يوما من الآن.
كما قال نائب الرئيس الأميركي مايك بنس إن “أياما صعبة” تنتظر الأميركيين، داعيا إلى التكاتف والاستجابة إلى التعليمات لتجاوز هذه المرحلة.