القانون الذي يستهدف فرض مراقبة إجبارية على الإدارة الأميركية والمؤسسات التنفيذية الأخرى في البلاد، لمراقبة سلوكيات الحكومة التركية في مجال الحُريات الدينية في البلاد، والآليات التي تعمل بها السلطة الحاكمة في تركيا على قضم حقوق أبناء الديانات والمذاهب المختلفة، داخل البلاد وخارجه.
القانون المُقترح أعده عدد من أعضاء الكونغرس الأميركية من الحزبين الرئيسيين، بالذات من الأعضاء القريبين من “اللوبي اليوناني” داخل الولايات المُتحدة. إذ برز اسم السيناتور كارولين مانولي، المنتخبة عن الحزب الديمقراطي من مقاطعة نيويورك، التي هي في الآن عينه الرئيسة المشتركة لمجموعة الكونغرس حول اليونان، إلى جانب السيناتور الجمهوري البارز جوس بيليراكس، الذي يُعتبر شريكها في تلك المجموعة. إلى جانب أعضاء آخرين مثل الديمقراطي جيم ماكجفرن والجمهوري بريان فيزياترك.
فالمشروعون يتوخون دفع الإدارة الأميركية لأن تضع تركيا ضمن قائمة المراقبة الخاصة للدول المنتهكة للحريات الدينية ضمن سلطاتها، حيث عادة تضم البلدان الأكثر شمولية في العالم، إلى جانب الجماعات المُسلحة المُتطرفة. وحيث أن وضع أية دولة في تلك اللائحة أنما يفرض على الإدارة الأميركية مجموعة ضخمة من الفروض تجاه هذا البلد.
المُشرعة الرئيسية للقانون المُقترح كارولين مانولي قالت في تصريحات إعلامية: “سيطلق قانون تركيا والبطريركية المسكونية للحرية الدينية لعام 2021 ضغوطًا ذات تأثير على تركيا، لوقف انتهاكاتها في المتعلقة بالحريات الدينية للبطريركية المسكونية… بدون متابعات وقرارات ملموسة من الولايات المتحدة، سيواصل الرئيس أردوغان العمل مع الإفلات من العقاب، وستواصل تركيا حملتها للتمييز الديني ضد المسيحيين الأرثوذكس والبطريركية المسكونية والأقليات الدينية الأخرى”.
تصريحات مانولي عقب عليها شريكها في مشروع القرار جوس بيليراكس قائلاً: “يجب أن تظل الولايات المتحدة ثابتة في فرض توقع القيم الديمقراطية المشتركة من حلفائنا المزعومين، بما في ذلك إظهار الاحترام المستمر للحرية الدينية. سأستمر في الانضمام إلى زملائي والتحدث نيابة عن أولئك الذين تم إسكات أصواتهم، حتى اليوم الذي يتم فيه تصحيح هذا الظلم”.
تصاعدت الملاحظات الدولية بشأن الحريات الدينية في تركيا بعد عدة تصريحات للرئيس التركية، رآها المراقبون مساً بقيم الحريات الدينية التي ينص عليها الدستور التركي صراحة، أضافة إلى مجموعة من السياسات العامة التي طبقتها حكومة العدالة والتنمية بشأن “بطريركية القسطنطينية”، التي هي المركز العالمي لأبناء الديانة المسيحية من أبناء المذهب الأرثودوكسي المسكوني، الذين تُقدر أعدادهم بقرابة 300 مليون، منتشرون حول العام.
ويُعتبر بطريرك المقر في مدينة إسطنبول الزعيم الروحي الأعلى لأبناء هذه الطائفة، حيث تفرض السلطة التركية عدد من الشروط والمحددات عليه، بما في ذلك حصرية أن يكون حاملاً للجنسية التركية.
القانون الأميركي الجديد يأتي عقب صدور التقرير السنوي “الحريات الدينية حول العالم 2020” الذي تُصدره وزارة الخارجية الأميركية بشكل دوري كل عام. حيث وصف وضع الحُريات الدينية في تركيا “ثمة تصاعد الانتهاكات الدينية والعرقية في تركيا، حيث شهدت البلاد زيادة في عمليات استهداف الأقليات الدينية وتصاعد العنف المجتمعي بحق المتدينين”. والذي تلاه تعين المفوضية الأوربية مبعوثاً خاصاً بشأن الحريات الدينية في تركيا، سيسعى حسب الإعلان إلى إطلاق مبادرات يشترك فيها أبناء الديانات المختلفة.
عملت مؤسستا الضغط اليونانية داخل الولايات المُتحدة خلال الشهور الماضية للتحشيد نحو بلورة هذا القانون. فالمعهد اليوناني الأميركي AHI إلى جانب المجلس الهيلني الأميركي AHEPA عملا سوية للوصول إلى هذا الهدف.
الرئيس الأعلى للمعهد اليوناني نيك لاريجاكس أشاد في تصريحات إعلامية بالجهود التي يوم بها أعضاء الكونغرس، مُضيفاً: “إن تركيا تقوم باستمرار بقمع الحرية الدينية وحقوق الإنسان لأقلياتها الدينية، مع إفلات من العقاب. والقانون الجديد هو تشريع مهم من الحزبين، من شأنه أن يحاسب تركيا على سجلها السيئ في عدم التسامح والحرية الدينية”.
يُذكر أن “قانون الحرية الدينية الدولية” قد تم إقراره في الولايات المُتحدة منذ العام 1998، حيث يفرض على السياسة الخارجية الأميركية أن تأخذ الحرية الدينية كأساس لعلاقاتها وسلوكياتها الدولية. وعن ذلك القانون انبثقت اللجنة الأميركية للحرية الدينية عبر العالم USCIRF، التي تراقب وتُصدر تقارير سنوية حول ظروف الحُريات الدينية في بُلدان العالم.
كانت هذه اللجنة قد قالت في آخر تقريرها السنوية: “الحرية الدينية في تركيا مستمرة في اتباع مسار مُقلق”، مطالبة بإدراج تركيا في قائمة المراقبة الخاصة، وذلك لما أسمته انتهاكاتها الجسيمة للحرية الدينية، مكررة ما كانت قد طالبت به خلال العام الماضي، لكن دون أن تتخذ الإدارات الأميركية أي إجراء في ذلك الاتجاه.
لكن إقرار القانون الجديد سيفرض على الإدارة الأميركية اتخاذ خطوات فعلية تجاه تركيا، وفي حال عدم تنفيذيها، فأنها مُجبرة على “تقديم تقرير إلى الكونغرس، يحتوي على تبرير مفصل لأسباب تجاهل تلك التوصية من قِبل اللجنة الأميركية للحرية الدينية عبر العالم”. كذلك فأن وزارة الخارجية الأميركية ستكون مطالبة بتقديم تقرير إلى الكونغرس حول سياسة وزارة الخارجية لتعزيز الحرية الدينية في تركيا، بما في ذلك وصف للجهود المخطط لها لمكافحة تدهور أوضاع الحرية الدينية في تركيا، بما في ذلك الدبلوماسية والمساعدات الخارجية والجهود الأخرى ذات الصلة، حسبما تنص مسودة القانون.