وقرار السويد وفنلندا، الدولتان المحاذيتان لروسيا سيعطي موطئ قدم جديد لحلف الأطلسي على الحدود الروسية.
ومن شأن القرار الذي جاء إثر مخاوف من مصير أوكرانيا، وتعارضه تركيا وكرواتيا، أن يغير خريطة أوروبا جغرافيا واقتصاديا وعسكريا، بحسب صحيفة ” واشنطن بوست”، الأميركية.
وحذر الرئيس الروسى فلاديمير بوتن، الاثنين من تلك الخطوة، معتبرا أن: “توسع حلف الناتو يعتبر مشكلة تصطنعها الولايات المتحدة بشكل عدائي لخدمة مصلحتها الخارجية، يقومون بذلك للتأثير على أمن المنطقة”.
التغيير الجغرافي والاقتصادي
خسرت فنلندا خلال الحرب العالمية الثانية، عقب “حرب الشتاء” مع روسيا نحو 10 بالمئة من أراضيها بموجب اتفاق السلام النهائي، وظلت محايدة عسكريا خلال الحرب الباردة على مدى 75 عاما.
والخطوة الجديدة ستغير جغرافية الحدود المشتركة بين روسيا ودول حلف الناتو إلى الضِعف، من حوالي 708 كيلومتر إلى أكثر من 1931 كليو مترا.
كما ستصبح هلنسكي، التي تتشارك حدود مع روسيا تبلغ نحو 1300 كيلو متر، سادس عضو بالحلف العسكري يشترك في حدود برية مع موسكو، أما السويد، فهي لا تشترك معها في أي حدود.
ووفقا لصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، تثير قضية الحدود، مخاوف موسكو، حيث يتوسع الناتو بمرور الوقت باتجاه الجهة الغربية لروسيا، منذ انهيار الاتحاد السوفيتي.
أما الأثر الديمغرافي فلن يكون للقرار تأثير كبير إذ أن تعداد سكان دول الناتو يبلغ حوالي 6 أضعاف سكان روسيا.
واقتصادياً، فبلغ إجمالي الناتج المحلي للدول الأعضاء في الناتو عام 2020 ما يعادل 27 ضعف الناتج المحلي لروسيا، وبعد إضافة فنلندا والسويد سيصبح 27.6 مقارنة بروسيا، وفق صحيفة” واشنطن بوست”.
ويقول الباحث أحمد أبو النور، المختص بالِشأن الروسي، إن “انضمام فنلندا للناتو يشكل مخاطر كبرى على الأمن القومي لروسيا وقد يشعل حربا جديدة”.
ويضيف لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن حلف الناتو يسعى إلى تطويق روسيا، وانضمام فنلندا والسويد يساعدان في تسريع تنفيذ تلك الخطة، لافتاً إلى أن موسكو تعتبر انضمام فنلندا لحلف “الناتو” توسع للحلف شرقا في اتجاه الاتحاد الروسي، وهو يتساوى في التهديدات مع حالة أوكرانيا، وقد تجبر موسكو بالدفاع عن نفسها بعملية عسكرية خاصة في فنلندا على أوكرانيا، لكن تلك الحرب قد تتوسع إلى حرب عالمية ثالثة إن انضما البلدين للناتو”.
تعقيد حرب أوكرانيا
وأثارت محاولة الدولة الاسكندنافية الانضمام إلى الناتو غضب موسكو، التي تتهم التحالف العسكري الغربي بتطويق حدودها.
ووعد مسؤولو الكرملين “بخطوات انتقامية”، بما في ذلك نقل الأسلحة النووية إلى مكان أقرب إلى أوروبا، كما أوقفت موسكو، السبت الماضي، إمدادات الكهرباء إلى هلنسكي.
وآنذاك قال الرئيس فلاديمير بوتن إن إنهاء فنلندا حيادها العسكري سيكون “خطأ كبيرًا”.
وتتطلب خطوة هلنسكي فقط موافقة البرلمان الفنلندي لمناقشة القرار، فيما تظهر التوقعات الحالية بأن غالبية أعضاء البرلمان البالغ مجموعهم 200 يدعمون الترشّح للناتو.
وبعد “حرب الشتاء” مع الاتحاد السوفيتي، بدأت هلنسكي في الستينيات بإنشاء أول ملجأ تحت الأرض منحوت في الأساس الصخري للعاصمة هلنسكي، ووصل الآن نحو 500 منحوتة أسفل البلاد وتكفي لتخزين 50 ألف حافلة، وفقا لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية.
ويقول الباحث في العلاقات الدولية جمال عبد الحميد، إن “حوار الرئيس الروسي ونظيره الفنلندي اتسم بالمصارحة والعقلانية، وأعتقد أنه بدد مخاوف هلنسكي من مصير مماثل لأوكرانيا”، لافتاً إلى أن “انضمام فنلندا والسويد سيدخل المنطقة في صراع مفتوح بين روسيا والناتو وسيعقد الأزمة الأوكرانية”.
ويضيف لموقع” سكاي نيوز عربية”، أن انضمام فنلندا والسويد سيجعل الحلف العسكري يتوسع إلى حدود روسيا وهو أمر لطالما حذرت منه موسكو، وكان أحد أسباب الحرب الحالية، مستبعدا أن يشن الرئيس الروسي في الوقت الحالي عملية عسكرية جديدة ضد فنلندا لأن المرحلة لا تسمح بفتح جبهات عسكرية جديدة خصوصا وأن روسيا لم تحسم بعد معركة أوكرانيا”.