ولم ترد حتى الآن الأعداد الكُلية للأشخاص الذين سيغادون أفغانستان خلال الشهور القادمة. لكن المراقبين يُشيرون إلى أن الوضع السياسي والعسكري داخل البلاد سيكون ذا تأثير كبير على ذلك. فحتى قبل انتصار حركة طالبان في مواجهة الحكومة الأفغانية، ولأسباب تتعلق بالجفاف والوضع الاقتصادي، فإن 550 ألف أفغاني غادروا البلاد خلال عام 2020.

لكن الحسابات الأولية للمفوضية العُليا لشؤون اللاجئين، تقول إن أعداد اللاجئين الأفغان الذين سيغادرون بلادهم خلال اثني عشر شهراً قادمة إنما ستتراوح بين 2-5 مليون شخص، في وقت قالت التقديرات إن مجموع المعارضين الأفغان لحركة طالبان والذين يستشعرون خطراً من الحركة إنما يُقدرون بحوالي 14 مليون أفغاني، أي ما يزيد عن ثلث مجموع السكان.

المرافق المخصصة لاحتواء المغادرين الأفغان، سواء داخل مطار كابل أو في القواعد العسكرية أو المركز في دول الجوار، والتي خصصها الجيش الأميركي مع نظرائه من جيوش الدول الحليفة لأجل ذلك، قد امتلأت تماماً بعد نقل قرابة 30 ألف أفغاني، وصار لزاماً نقلهم إلى دول أخرى، ليحصلوا على وثائق إقامة، مؤقتة على الأقل، وكي يتم إجلاء باقي المتدفقين الأفغان.

ثلاث دول قدمت وثائق إقامة مؤقتة (سنوية) للاجئين الأفغان طوال العام الحالي، تركيا 125 ألف بطاقة وألمانيا 33 ألف وثيقة، بينما قالت الحكومة اليونانية إنها منحت أكثر من 20 ألف أفغاني حق الإقامة المؤقتة في اليونان. هذا إلى جانب قُرابة 100 ألف فرد أفغاني قد وصلوا إلى طاجكستان، لكن دون أن يُعرف المصير النهائي لهؤلاء. كذلك وصل 1500 أفغاني عبر الحدود نحو أوزبكستان، وتم إدخالهم في مخيمات حدودية.

أقسى التصريحات بشأن المصير النهائي للاجئين صدرت من كُل من إيران وباكستان. ففي حين أعلنت وزارة الداخلية الإيرانية أنها ستبني خيماً في المناطق الحدودية مع أفغانستان، وإن اللاجئين سيبقون داخل تلك المخيمات أيا كانت الظروف، وسوف يتم إعادتهم إلى أفغانستان حالما تستقر الأمور، إلا أن رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان أعلن إن بلاده ستُغلق الحدود مع أفغانستان تماماً.

ومن بين الدول الغربية، أعلنت المملكة المُتحدة أنها ستستقبل قرابة 20 ألف أفغاني على المدى الطويل، بمعدل 5 آلاف شخص كل عام، وستكون الأولوية للأطفال والنساء. كذلك أعلنت كندا إنها ستستضيف ذات العدد من طالبي اللجوء من الأفغان خلال الأعوام القادمة، وأنها ستعطي الأولية لموظفي الدولة والقيادات النسائية.

الولايات المُتحدة الأميركية التي تعهدت بتقديم الحماية لشبكة من المتعاونين الأفغان مع قواتها في أفغانستان، والذين يُقدر مجموعهم بحوالي 70 ألف شخص، إذا ما تم تعدادهم مع عائلاتهم، أعلنت فقط وصول بعض الآلاف منهم إلى الولايات المُتحدة، وصرفها لمبلغ نصف مليار دولار لاحتياجاتهم في عملية الهجرة العاجلة.

أستراليا بدورها أعلنت إنها ستمنح 3 آلاف تأشيرة لجوء لطالبي اللجوء الأفغان، فيما أعلنت دولة أوغندا في شرق أفريقيا استعدادها لاستقبال الفي أفغاني.

الاتحاد الأوربي ما يزال الجهة الأكثر إبهاماً في شأن خططها لاستقبال اللاجئين الأفغان، حيث برر المتابعون للسياسات الأوروبية بعدم رغبة الاتحاد أن تواجه دوله موجة جديدة من الشعبوية اليمينية المناهضة للاجئين، مثلما حدث خلال العام 2015، في ذروة موجة اللاجئين السوريين.

الباحث في اللجنة الأفغانية المستقلة لحقوق الإنسان شفيق زاهربور شرح في حديث مع سكاي نيوز عربية المحصلة النهائية لاستيعاب هذه الموجة من اللاجئين الأفغان بالقول: “فيما لو وصلت التوقعات والالتزام بها إلى أقصى حدود التفاؤل، فإن مجموع ما يُمكن استيعابهم من اللاجئين الأفغان في دول قد توفر إقامة معقولة لهم، لن يتجاوز مليون شخص، وهو لا يتعدى خُمس الرقم المتوقع للفارين الأفغان”.

يتابع زاهربور حديثه مع سكاي نيوز عربية “أغلب الظن، سيكون ذلك عاملاً مهماً لتكاتف هؤلاء الأفغان وشغل منطقة ما من أفغانستان، وستكون تحت ظروف صعبة للغاية، لكنها غالباً ستكون خارج سيطرة حُكم حركة طالبان“.

skynewsarabia.com