وتأتي هذه العقوبات ضمن قانون “كاستا”، على خلفية شراء أنقرة المنظومة الصاروخية “إس 400” من روسيا.
و”كاستا” قانون فيدرالي اعتمدته الولايات المتحدة لمعاقبة خصومها، ويفرض عقوبات على إيران وكوريا الشمالية وروسيا، وتم تمرير مشروع القانون إلى مجلس الشيوخ وإقراره في 27 من يوليو 2017.
وفي 2 من نوفمبر من العام نفسه، وقّع ترامب عليه ليصبح قانونا.
“إس 400” كلمة السر
وأدى شراء أنقرة نظام “إس 400” عام 2019 إلى إثارة التوترات مع واشنطن، ففي فبراير من العام نفسه أعلنت تركيا رفضها الاستجابة للضغوط الأمريكية بشأن إتمام الصفقة مع روسيا، معلنة أن الأمر ليس مجالا للبحث.
وحينها أكد وزير الخارجية التركي مولود شاويش أوغلو أن شراء بلاده منظومة صواريخ “إس 400” الروسية صفقة محسومة، رغم جهود واشنطن لإقناعها بالتخلي عنها وتعويضها بمنظومة “باتريوت” الأميركية.
الكونغرس يناقش
وأفادت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية، أن تصويت الكونغرس على مشروع القانون يجبر إدارة ترامب على فرض تلك العقوبات.
وأشارت المجلة إلى أن القانون، الذي يدعو الرئيس الأميركي إلى فرض سلة من 5 عقوبات أو أكثر، يمنح ترامب المرونة بشأن تضييق الخناق على تركيا من أجل التخلي عن منظومة الدفاع الروسية، بما في ذلك منع الصادرات، أو منع بعض المسؤولين الأتراك من إجراء معاملات أميركية، أو إيقاف البنوك الأميركية أو المؤسسات المالية الدولية من تقديم القروض لأنقرة، وهي خطوة قد تسبب أضرارا كبيرة للاقتصاد التركي المتأزم أصلا.
رد أردوغان
وعلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على العقوبات المرتقبة، قائلا إن شراء تركيا لأنظمة دفاع روسية لا يتعارض مع الشراكة في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، مضيفا إن “استخدام الولايات المتحدة قانون كاتسا ضد تركيا إساءة لشريك مهم في الحلف”.
وتابع أردوغان أن تركيا “ستتحلى بالصبر وترى الاتجاه الذي سيظهر بعد تولي الإدارة الأميركية الجديدة مهامها الشهر المقبل”.
وأردف: “سنرى التوجهات الجديدة في الولايات المتحدة بشكل أفضل عقب تسليم السلطة، وسنتريث قبل تقييم الأمور”.
عقوبات أخرى مقبلة
عضو الحزب الديمقراطي الأميركي مهدي عفيفي، قال إن العقوبات كانت متوقعة خاصة بعد شراء تركيا منظومة “إس 400” الروسية، لكن “إدارة ترامب تهاونت في هذا الأمر كثيرا. من المعروف أن أي دولة تخرج عن منظومة التسليح الغربية ستتعرض لعقوبات”.
وتابع عفيفي في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”: “تزامنت العقوبات الأميركية مع عقوبات منتظرة للاتحاد الأوروبي على تركيا بسبب أعمال التنقيب غير القانونية في شرق المتوسط، والدول تنتظر تولي الرئيس بايدن السلطة لتنسيق فرص عقوبات جديدة على أنقرة”.
وأشار إلى أن الإدارة الأميركية الجديدة لديها تحفظات شديدة على “العبث التركي في المنطقة، ومحاولات التمدد في سوريا وليبيا. أعتقد أن هذه العقوبات قد تمهد لفرض عقوبات جديدة على أنقرة بشكل أكبر وأكثر قسوة قد تؤثر كبير على سعر صرف الليرة التركية، وقد تخير واشنطن أنقرة بين العودة كحليف للولايات المتحدة أو تحمل عواقب وخيمة بدلا من ذلك”.
عقوبات مؤلمة
الباحث السياسي بالعلاقات الدولية والخبير بالشأن التركي صلاح لبيب، قال: “في تقديري إن العقوبات الأميركية على تركيا تأتي في سياق السياسات التركية فيما بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة، التي اتهمت فيها أنقرة أطرافا في حلف الناتو بتدبير المحاولة، لذا اتخذت منذ عام 2016 سياسات عنيفة تجاه شركائها الغربيين، وابتعدت لصالح شراكة أكبر مع روسيا. هذه السياسات التركية حققت لها نفوذا في بعض الملفات إلا أنها كانت مؤلمة للغاية اقتصاديا”.
وأضاف لبيب لموقع “سكاي نيوز عربية”: “كان المسعى التركي لشراء منظومة إس 400 الروسية متغير إستراتيجي حاد في علاقات الدولة صاحبة الجيش الثاني من حيث العدد في حلف الناتو، وكانت تركيا انضمت للناتو خوفا من روسيا، فإذا بها تناكف الحلف بموسكو”.
وتابع: “في تقديري أن العقوبات الأميركية ستكون شديدة الإيلام على الاقتصاد التركي وستزيد من عزلة الحكومة التركية، وهي تتزامن مع مجيء رئيس أميركي جديد يُنظر له في أنقرة على أنه عدو”.
وتوقع الباحث أن تزيد درجة الخلاف التركي الأميركي في عهد بايدن، بسبب سجل تركيا المتراجع في مجال حقوق الإنسان وسياساتها العدائية في شرق المتوسط وتجاه قبرص وكذلك في القوقاز، وهو ما سيزيد عزلة أنقرة غربيا، ويزيد من الضغوط والتكلفة الاقتصادية، بل وقد يفتح الباب أمام تغيير سياسي مستقبلا في أي انتخابات مقبلة.
التأثير على الليرة
الباحث في الاقتصاد السياسي أحمد القاروط، قال إن العقوبات الأميركية على تركيا لم تعلن بشكل تفصيلي، حتى يمكن الحكم على مدى تأثيرها على الاقتصاد التركي بشكل محكم، لكن “في كل الأحوال هذه العقوبات ستؤثر على استقرار الليرة، لأنها ستؤثر على ثقة المجتمع التركي والمستثمرين في مستقبل تركيا السياسي والاقتصادي”.
وأضاف القاروط لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “هذه العقوبات ستزيد مخاوف المستثمرين في ظل التعثر الحكومي في تسديد استحقاقاتها المالية والتعافي من تداعيات فيروس كورونا، ووجود صعوبات في التعامل مع مشاكلها الجيوسياسية. كل هذه الأمور مجتمعة تنعكس على استقرار سعر صرف الليرة”.