وتواصل القوات الروسية في استهداف المواقع العسكرية الأوكرانية، بينما تتلقى كييف الدعم الغربي والأسلحة لوقف التقدم الروسي، من دون أن تكون هناك حصيلة إجمالية دقيقة للقتلى المدنيين الذين خلّفتهم المعارك حتى الآن.
وفي آخر التطورات الميدانية، قال الجيش الأوكراني إن صواريخ روسية أصابت ميناء أوديسا بجنوب البلاد يوم السبت، مما يشكل تهديدا للاتفاق الذي وُقّع الجمعة لفك الحصار عن صادرات الحبوب من الموانئ الأوكرانية المطلة على البحر الأسود وتخفيف أزمة نقص الغذاء العالمي التي تسببت فيها الحرب.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الضربة تظهر أن موسكو لا يمكن الوثوق بها لتنفيذ الاتفاق.
وبشأن هذه النقطة، أوضح الباحث الروسي في تاريخ العلاقات الدولية سولونوف بلافريف، أن الاستهداف الروسي لتلك المنطقة “مشروع في مجال العملية العسكرية ولا يتعارض مع الاتفاق، فالاتفاق الموقع هو لتأمين ممر مائي لشحنات الحبوب من الموانئ ولا يتضمن أي بند لوقف إطلاق النار”.
واتهم بلافريف في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أوكرانيا بمحاولة المراوغة من اتفاق الحبوب “لأنها تعلم جيدا أنها من قامت بتلغيم الموانئ، ما يهدد تطبيق أي اتفاق فعليا على أرض الواقع”.
وعن التصعيد المستمر ميدانيا وغياب الحلول السلمية، قال بلافريف إن واشنطن “تسعى بكل قوة لإطالة أمد الحرب، فبدلا من البناء على اتفاق الحبوب من أجل تخفيف حدة المعارك، قامت إدارة بايدن بإرسال مزيد من شحنات الأسلحة والصواريخ”.
الغرب في مأزق
على مدى الـ5 أشهر الماضية، فرض الغرب وواشنطن عقوبات قاسية وصفت بالأقسى في التاريخ الحديث ضد روسيا.
وفي مايو الماضي، قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتن، إن استمرار “هوس” الغرب بالعقوبات على روسيا، سيؤدي حتما إلى “نتائج أكثر تعقيدا واستعصاءً على الاتحاد الأوروبي ومواطنيه، وعلى أكثر الدول فقرا في العالم، والتي تواجه خطر المجاعة”.
وتعليقا على ما وصفه بوتن بـ”هوس العقوبات”، قال الباحث الاقتصادي آصف ملحم، إن الغرب في الواقع “استنفد معظم العقوبات الممكنة على روسيا، وهو دائم البحث عن خيارات جديدة للضغط اقتصاديا، ولكنني أعتقد بأن هذه العقوبات ستتوقف في يوم من الأيام، أو قد يتم اللجوء إلى التراخي فيها. فعلى سبيل المثال، بعدما حاولت ليتوانيا إيقاف الترانزيت إلى مقاطعة كالينينغراد، بدأنا نسمع بعض الأصوات الغربية المنادية بتخفيف العقوبات عن روسيا، لكي يستمر الترانزيت، والسبب واضح هو أن الدول الغربية قد تتأثر بالإجراءات التي قد تتخذها روسيا ضد ليتوانيا”.
وفرضت أوروبا الأسبوع الماضي الحزمة السابعة من العقوبات ضد روسيا والتي شملت قيودا إضافية على الصادرات بالأخص الذهب، إضافة إلى سلسلة من الإجراءات لاستكمال مجموعة العقوبات الست التي تم تبنّيها منذ بداية العملية العسكرية.
وفيما يتعلق بالتعامل الروسي مع عقوبات الغرب، أوضح ملحم لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن موسكو تحضّرت لهذه المعركة جيدا، فالجميع يعلم أن أولى خطوات الغرب تجاه أي تحرك روسي هي العقوبات.
وبيّن ملحم أنه: “في الوقت الحالي لا أحد في روسيا يرغب أو يحاول أن يعود إلى آليات العمل الاقتصادي السابقة مع الدول الغربية، فالعملية الروسية غيرت معطيات التعامل أحادي القطب، فموسكو تعمل الآن على إعادة بناء شبكة العلاقات الاقتصادية من جديد على أسس جديدة، والتخلي عن الشبكات السابقة، لأنه تبين أن الشركاء الغربيين غير موثوقين”.
واختتم ملحم حديثه قائلا: “هناك تحولات كبيرة في العلاقات الاقتصادية الروسية مع باقي دول العالم، سيكون أساسها المتين هو الفضاء الأوراسي الكبير، ومجموعة بريكس التي تقدمت كل من إيران والأرجنتين بطلبات للانضمام إليها”.