ويقول خبراء إن معالجة ظاهرة الفقر أمر لا بد منه، من أجل التصدي للإرهاب المنتشرة في مناطق عديدة في القارة السمراء.
ويقول مدير إدارة الاقتصاد الكلي باللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة، آدم الحريكة، إن حجم الفقر الحالي في قارة أفريقيا يمثل نسبة 40% من حجم السكان، وهو ما يفرض تحديات اقتصادية وسياسية وأمنية.
وأوضح الحريكة لموقع “سكاي نيوز عربية”، أنه على الرغم من التطور الذي حدث في اقتصاديات الدول الأفريقية من حيث النمو وتنويع الموارد وزيادة الخدمات الاجتماعية، فإن مشكلة عدم المساواة لا تزال تمثل عقبة كبيرة في تخفيض معدلات الفقر، وهو ما يجب معالجته من طرف دول القارة.
صلة الفقر بالإرهاب
ويعد كثيرون الفقر وغياب التنمية من أهم الأسباب التي تساهم في انتشار الأفكار المتطرفة والإرهابية بالقارة الأفريقية، التي يوجد بها الكثير من التنظيمات المتطرفة متعددة المشارب: من “بوكو حرام” و”تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” و”جماعة المرابطون” إلى “جيش الرب” والتنظيمات الإرهابية فى وسط القارة، وصولا إلى “حركة الشباب الصومالية” في شرق القارة.
وتظهر جميع المؤشرات أن أفريقيا هي أفقر قارات العالم، إذ يعاني ثلث تعداد سكانها من الجوع، ويموت نحو سدس عدد أطفالها قبل سن الخامسة، برغم استمرار الزيادة السكانية في الكثير من دولها، وما زال الركود الاقتصادي، وانخفاض مستويات المعيشة سائدًا في أغلب مناطقها، وفق إحصائيات الأمم المتحدة.
ففي بلدان مثل مالي والنيجر، يعيش 90٪ في فقر مدقع، وهنا يرى خبراء ومحللون أن تنمية المجتمعات المجتمعات التي ينتشر فيه آفة الإرهاب، تعتبر هي حائط الصد الأول لمواجهة تلك الظاهرة، لأن الجماعات المتطرفة تستغل حاجة السكان الاقتصادية من أجل ضم وتجنيد أفراد جدد، وتطوير هذه المجتمعات سيساعد في إحداث التنمية ومحاربة الإرهاب.
ويقول كبير الباحثين في الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط والقرن الأفريقي بالمركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، مارك لافيرني، إن جماعة “بوكو حرام” وراء ظهور المزيد من جحافل الشبان الذين لا مستقبل لهم والعاطلين عن العمل والمجنّدين تحت رايات “منحرفة” وشعارات إجرامية،
وأضاف في مقال له “أن السلام الحقيقي لن يتحقق إلا عند تسخير المجهود التنموي لتأمين حاجات السكان”.
قطع شريان التمويل
الأكاديمي والمحلل السياسي السوداني، الدكتور محمد تورشين، يقول إن الفقر يعتبر أحد بواعث الانضمام للجماعات الإرهابية المختلفة، حيث تستغل هذه الجماعات حاجات السكان وتجعلها خزانا بشريا لها، ووجود تنمية حقيقية سيساهم في مواجهة هذه الظاهرة بشكل جدي.
وأضاف تورشين لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن الشباب في مقتبل العمر يكون لديهم حاجات اقتصادية للزواج أو لشراء منزل، ومن هنا تستغل الجماعات المتطرفة حاجات هؤلاء، ولدى هذه الجماعات أموال كثيرة، فبالتالي يدخل الشباب إلى مرحلة غسيل المخ لتحويله إلى متطرف.
وتابع أن نشر التعليم في أوساط هذه المجتمعات سيساعد بشكل في مكافحة الأفكار المتطرفة سواء من رصد ميزانيات من جانب الحكومات المحلية التي تراعي توزيع الثروة بين مختلف أقاليمها، أو من خلال المنح ودعم المجتمع الدولي.
وأشار إلى أن دول الجنوب الأفريقي لا تعاني من ظاهرة الإرهاب، كما في شرق وغرب ووسط القارة، لأن دول هذه المنطقة تعاني من استقرار نسبي، ومستوى تنموي مقبول إلى حدا ما، وبالتالي لا تجد الجماعات المتطرفة بيئة خصبة لنشر أفكارها.
وطالب الحكومات بالحد من تمويل الجماعات المتطرفة من خلال تطوير أجهزتها الأمنية والقضائية والرقابية، لأن أغلب هذه الجماعات تحصل على تمويلها من مصادر غير مشروعة، وبالتالي تشديد الرقابة عليها سيحرمها من الشريان المالي، مما يحد من قدراتها على تجنيد أفراد جدد.
تنمية الريف
الباحث في معهد الدراسات المستقبلية، الدكتور محمد عبدالكريم أحمد، يقول إن “مناطق شمال شرق نيجيريا، التي تمثل معقل حركة بوكو حرام، تعاني من تردي الأوضاع الاقتصادية التي تصل إلى درجة التهميش لصالح تركز القوة الاقتصادية لنيجيريا في جنوبي البلاد”.
وأضاف أحمد لموقع “سكاي نيوز عربية” أن “تنمية المناطق الريفية الشاسعة، تمثل حصارا مهما لتمدد الجماعة على المدى البعيد، وتجفيف منابع تجنيدها عناصر جديدة على خلفية الحرمان والأزمات الاجتماعية والاقتصادية وأحيانًا تهديدات ظروف البيئة القاسية على أطراف إقليم الساحل”.