وفي السياق نفسه، أقرت المحكمة الإدارية بمدينة مونراي شمال باريس، قرار الحكومة بإغلاق مسجد مدينة بانتان، ستة أشهر، بتهم نشر مواد تحرض على قتل مدرس التاريخ صمويل باتي على صفحته الرسمية على موقع فيسبوك.

وكان مجلس الوزراء الفرنسي قد أصدر في 28 أكتوبر الماضي مرسوماً بحلّ منظمة “بركة سيتي”، ذات التوجهات السلفية، بتهم تتعلق بـ”نشر أفكار تدعو إلى التطرف من خلال حساب تويتر رئيسها، وكذلك من خلال حساباتها في فيسبوك، ونشر أفكار تمييزية تروج للعنف”.

وتتسارع خطوات إدارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، نحو مواجهة مفتوحة مع ما يسمى بتيار “الإسلام السياسي” داخليا وخارجيا، لا سيما الفرع الفرنسي لجماعة الإخوان والمنظمات القريبة من تركيا، بعد قرار حلّ “بركة سيتي”، و“التجمع ضد الإسلاموفوبيا بفرنسا” و”تجمع الشيخ أحمد ياسين”.

سوابق أمنية

وكانت وزارة الداخلية الفرنسية قد أشارت في إخطارها بشأن طلب الحل الإداري للقضاء إلى أن “رسائل منشورة على الإنترنت على حسابات الجمعية أو حسابات رئيسها تسبب في العديد من التعليقات المعادية للغرب والعلمانية وحتى المسلمين الذين لا يشاركون في مفهوم الإسلام الذي تروج له الجمعية”. كما تحدثت عن تعليقات معادية لليهود بعد هذه الرسائل.

وتعمل “بركة سيتي” في مجال العمل الخيري منذ العام 2008، فيما كانت تخضع للرقابة الأمنية منذ سنوات بسبب التصريحات الإعلامية المثيرة للجدل لرئيسها إدريس سيحميدي، المعروف في الأوساط الفرنسية باسم “إدريس إيمو”، والتي وصفت بأنها “مهينة للنساء” و”مؤيدة لتنظيم داعش”.

وقد خضعت المنظمة منذ العام 2016 إلى تحقيق قضائي بشأن شبهات تتعلق “بتمويل الإرهاب” و”تكوين عصابة إرهابية”. كما تعرضت في عام 2014 لغلق حساباتها في مصارف فرنسية، بسبب شبهات تتعلق بمصادر تمويلها، والأماكن التي تعمل فيها بإفريقيا وأسيا.

وكان إدريس سيحميدي قد خضع للإيقاف التحفظي والتحقيق في 22 أكتوبر الماضي للاشتباه بقيامه بإزعاج الصحافية السابقة في صحيفة “شارلي إيبدو” الساخرة، زينب الرزوي، عبر الإنترنت.

كما تم إيقافه أيضاً في إطار تحقيق آخر في مضايقات عبر الإنترنت بعد شكوى تقدمت بها في 18 سبتمبر صحافية أخرى تعمل في إذاعة مونت كارلو وهي زهرة بيتان. وقد أوردت “120 تغريدة تشهيرية” نشرها سي حمدي على تويتر. وهاجم سيحمدي السيدتين لانتقادها للإسلام في وسائل الإعلام.

ميول تركية

وفي أعقاب قرار الحكومة الفرنسية بحلّ المنظمة أعلن رئيسها إدريس سيحميدي أنه ينوي التقدم بطلب اللجوء السياسي في تركيا.

وقال سيحميدي في تغريدة نشرها على حسابه الموثق في تويتر، باللغة التركية، وججها للرئيس التركي رجب طيب أردوغان: ” أود التقدم بطلب للحصول على اللجوء السياسي لنفسي ولفريقي، لأنني لست آمنًا في فرنسا نيابة عن منظمتنا غير الحكومية.”

وأصدرت المنظمة اليوم بياناً علقت فيه على أحكام القضاء الإداري بتأييد قرار الحكومة، أعلنت فيه على نقل مكتبها الرئيسي إلى دولة أخرى. وقالت:” لقد نقلنا أعمالنا ومكتبنا إلى بلد أخرى سنعلن عنه قريبا، كما نستنكر القرار غير العادل للقضاء”.

كما أكد إدريس سيحميدي قرار الإنتقال للخارج، مشيراً في تغريدة على تويتر إلى أنهم سيعملون مستقبلاً “في بلد أكثر احترامًا لحقوق الإنسان وللمسلمين”.

ويرجح مراقبون فرنسيون إلى أن المنظمة، المتهمة بالتطرف، قد انتقلت بالفعل إلى تركيا لأستئناف نشاطها، حيث تحولت تركيا خلال السنوات الأخيرة إلى ساحة جذب للمنظمات والأحزاب ذات الميول الإسلامية والمتهمة بالتطرف من بلدانها.

وتشهد العلاقات التركية الفرنسية حالة من التأزم منذ بداية العام الحالي تطورت إلى حرب كلامية منذ اندلاع أزمة التنقيب على الغاز شرق المتوسط. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد دعا إلى مقاطعة البضائع الفرنسية، متهماً نظيره الفرنسي بأنه لديه بقيادة “حملة كراهية” ضد الإسلام وشكّك في “صحته العقلية”.

وكانت باريس قد أعلنت في وقت سابق حل جماعة “الذئاب الرمادية” التركية المتطرفة، بعد يومين من فرض الحكومة الفرنسية حظرا عليها. وقال وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان في التغريدة التي حملت إعلان حل الجماعة إن الأخيرة “تحرض على التمييز والكراهية ومتورطة في أعمال عنف”.

وتتهم  وسائل إعلام فرنسية الحركة بأنها على صلة القوية، بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، باعتبارها مرتبطة بحزب الحركة القومية التركي المتحالف مع حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان.

skynewsarabia.com