وتخصص القمة للتباحث حول الحملة العسكرية الروسية في أوكرانيا، واحتمالات فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية والمالية على روسيا، في محاولة لإجبار موسكو على التراجع، وهو الأمر الذي يشكك مراقبون في جدواه، مرجحين عدم استمرار دول الاتحاد الأوروبي بفرض حزم قاسية جديدة من العقوبات، تصل كما فعلت واشنطن لحد حظر استيراد النفط والغاز الروسيين، حيث تعتمد أوروبا بشكل كبير عليهما في تأمين احتياجاتها من الطاقة وخاصة الغاز.
وتعليقا على ما قد يتمخض عن القمة الأوروبية، قال رائد العزاوي، أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأميركية في القاهرة، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية: “هناك مسودة أعدها القادة الأوروبيون لهذه القمة، الهدف منها واضح ومحدد عبر بحث ملف ملح وهو عملية التخلي الجزئي عن إمدادات الطاقة الروسية، والبحث عن بدائل وأسواق جديدة والتوجه نحو الطاقة النظيفة، ومحاولة عدم تكرار الأخطاء السابقة في الاعتماد فقط على مصدر واحد للطاقة كالغاز الطبيعي”.
وأضاف العزاوي: “سيسعى القادة الأوروبيون إلى ألا تصل العقوبات على روسيا لحد نقطة اللاعودة، بمعنى أن يكون هناك فرصة للاستفادة قدر المستطاع منها، بحيث لا تؤثر على ديناميكية الاقتصاد وعلى الأسواق الأوروبية، ولا تؤثر على صناع القرار الأوروبي، وبما يضمن أن تكون هناك مرونة في التعاطي مع روسيا”.
موضوع اللاجئين سيكون ملفا محوريا على طاولة القمة الأوروبية، بحسب العزاوي الذي يقول: “سيقدم الدعم الاقتصادي للدول التي استقبلت اللاجئين الأوكرانيين كبولندا ورومانيا، فضلا عن بحث آليات إعادتهم لبلادهم فيما بعد انتهاء الحرب عبر خطط مدروسة”.
الجانب المهم الآخر في القمة وإن لم بطرح للآن، كما يكشف العزاوي: “هو أن الأوروبيين عامة باتوا يشعرون بعدم الرضا من الأداء الأميركي، والقلق من مواقف واشنطن غير الواضحة من الأزمة الأوكرانية، وأنهم بالتالي يجب أن يعتمدوا على أنفسهم، وهنا قد تبرز مجددا فكرة تشكيل جيش أوروبي موحد بدلا من الاعتماد على الولايات المتحدة، مع البقاء طبعا ضمن حلف شمال الأطلسي”.
من جهته، يقول طارق جوهر، الكاتب والباحث السياسي، في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية: “أوروبا بطبيعة الحال معنية أكثر من الولايات المتحدة بالأزمة الأوكرانية وبتبعاتها، كونها مندلعة في عقر الدار الأوروبية وهي تنعكس مباشرة على الأمن والاستقرار الأوروبيين، وعلى الاقتصاد والسلم الاجتماعي داخل مختلف بلدان المنظومة الأوروبية، ولهذا فالأرجح أن قمة فيرساي ستنحو نحو اعتماد مقاربات أكثر دبلوماسية وحرصا على عدم قطع الرابط الأخير مع موسكو، على عكس واشنطن التي بقرار الرئيس الأميركي جو بايدن حظر التعامل النفطي والغازي مع موسكو، ذهبت بعيدا في سياسة فرض العقوبات، الأمر الذي من شأنه إثارة ردود فعل روسية مقابلة ومتشنجة، وبالتالي تتعقد الأزمة وتتأجج أكثر”.
واختتم الباحث السياسي حديثه قائلا: “أجندة القمة مخصصة بالكامل للحرب في أوكرانيا، وسبل وقفها والسيطرة على احتمالات خروجها عن السيطرة وانتشار نارها في أوروبا وحول العالم، وهذا يتم عبر محاولة الاستماع لما تقوله روسيا أيضا وليس الاكتفاء فقط بالروايتين الغربية والأوكرانية، حيث تبدي موسكو جملة مخاوف ترى أنها مشروعة وأن من حقها وقف التهديد الأطلسي لها عبر أوكرانيا، ووقف اضطهاد الأقلية الروسية في أوكرانيا وفي شرقها خاصة”.