ورفضت المحكمة طعن تركيا على قرارها السابق الصادر قبل عامين، وقالت إن اعتقال صلاح الدين ديمرتاش “يستند إلى أسباب سياسية وليست قانونية”، مؤكدة أن عدم الإفراج عنه يعني “استمرار الانتهاك”.
وخلال تعليقه على الحكم، قال محامي دميرتاش، محسوني كرمان، إن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أصدرت قرارا تاريخيا بخصوص الإفراج الفوري عن موكله.
وأضاف كرمان في تصريحات صحفية: “بهذا القرار، تم إبطال جميع الاتهامات الموجهة لدميرتاش، وتم أيضا تسجيل حقيقة أنه قد احتُجز كرهينة لأسباب سياسية طيلة 4 سنوات”.
أسبوع الأحكام
وفي وقت سابق من الأربعاء، أصدر القضاء التركي، حكما بالسجن 27 عاما على الصحفي التركي المعارض جان دوندار، رئيس تحرير صحيفة “جمهوريت” السابق، مع مصادرة جميع ممتلكاته.
وتعرض دوندار لمحاولة اغتيال في عام 2016 ونجا منها بأعجوبة، ووجهت أصابع الاتهام وقتها إلى الحكومة التركية.
والاثنين الماضي أيضا، أصدر القضاء حكما بالسجن 22 عاما على النائبة الكردية السابقة في البرلمان، ليلى غوفن، بتهمة الإرهاب.
هيمنة مطلقة
وقال المحلل السياسي السوري، شيار خليل، إنه “منذ استلام رجب طيب أردوغان الحكم في البلاد، سعى إلى تعيين مقربين منه في المحكمة الدستورية وتوزيعهم في مناصب قضائية للسيطرة تدريجيا، حيث تعتبر هذه المحكمة بالنسبة له العمود المؤسساتي والقانوني للسيطرة على البلاد والمؤسسات الإدارية الأخرى”.
وأشار خليل في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، إلى أن أهمية المحكمة الدستورية العليا في تركيا تأتي من السلطات التي تمتلكها، حيث لها الحق بمراجعة أي عرض لتغيير الدستور، وصولا إلى سلطتها للعمل كجهة تحقيق وقضائية وجنائية، في القضايا التي تُثار حول رئيس الجمهورية ونائبه وأعضاء مجلس الوزراء.
وأضاف أنه بالتزامن مع محاولات أردوغان المستمرة للهيمنة على مفاصل الجهاز القضائي، فإنه “استغل تلك الفرصة للانتقام من معارضيه من حزب الشعوب، وأنصار حركة فتح الله غولن، حيث نفذ الجهاز الأمني والقضائي التركي عدة حملات بحق سياسيين معارضين له ولحزبه، وأصدر بحقهم أحكاما طويلة دون محاكمة”.
وتتزامن هذه القرارات مع الإفراج عن أعضاء وعناصر إرهابية تنتمي إلى تنظيم داعش، وترحيلهم إلى بلادهم، والسماح لبعضهم بالدخول إلى سوريا من جديد، بحسب عدة جهات سورية.
وتابع خليل: “مع إعلان وزارة العدل التركية أنه سيتم الإفراج عن 45 ألف سجين كإجراء وقائي نتيجة انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، استثنى القضاء المنتقدين للنظام وبعض المعارضين السياسيين وكذلك الصحفيين والطلاب والمحامين والكتاب والفنانين للاستفادة من القانون، مما يعني أن هذا الإجراء لن يشمل نحو 50 ألف سجين سياسي، من بينهم الزعيم السابق لثاني أكبر حزب معارض في البلاد، صلاح الدين دميرتاش”.
وأشار الكاتب والمحلل السياسي السوري، إلى أن الوضع القانوني في تركيا “يزداد سوءا منذ استلام أردوغان الحكم، ومحاولاته المستمرة لتعطيل قرارات السلطات القضائية”، عبر ما يعرف بـ”مجلس القضاة والمدعين العامين”.
وأردف: “كل الإجراءات والتصرفات تشير إلى عدم استقلالية القضاء التركي، وأنه يتم استخدامه لقمع المعارضة”.
غياب القانون
ويرى الباحث بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات بواشنطن، أيكان إردمير، “أنه منذ مسرحية الانقلاب الفاشل في 2016 وعلى مدار 4 سنوات، تشهد تركيا غياب القانون وقمع المعارضة، فيما يعزز أردوغان من سيطرته على مقاليد الحكم”.
وأشار لموقع “سكاي نيوز عربية”، إلى أن هناك “عملية تربص بالأكراد” وخصوصا أنصار حزب الشعوب الديمقراطي، مما يقلل مساحة المعارضة في البلاد، مؤكدا أن هناك حالة تضييق على نشطاء حقوق الإنسان والصحفيين الذين يزجُ بهم في السجن.
واعتبر إردمير أن تركيا شهدت تقويضا للديمقراطية، بينما تحاول المعارضة مواجهة هذا التغول من جانب الحكومة. وربما تتمكن المعارضة في حال تحالفها، مثلما حدث في الانتخابات البلدية الماضية، من الفوز في الانتخابات العامة والرئاسية المقبلة، وبالتالي العودة إلى النظام الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، واحترام القانون الدولي.