وبين معارض ومؤيد لبقاء هؤلاء المهاجرين القاصرين على التراب الفرنسي واستفادتهم من المساعدات الاجتماعية، تدخلت اليونيسف معتبرة أنهم قاصرون في حاجة للحماية أيا اكانت جنسيتهم.
وبحسب قانون اللجوء الفرنسي، كل مهاجر لا يتعدى عمره 18 عاما ولا يرافقه ممثل قانوني، يعتبر” قاصرًا أجنبيًا غير مصحوب بذويه”، لا يمكن ترحيله ويُعفى من تصريح الإقامة وبالتالي فهو في وضع قانوني حتى بلوغه سن الرشد ويحق له الاستفادة من الحماية والرعاية الفرنسية.
ويتم التثبت من العمر عبر مقابلات تجريها جمعية “المساعدة الاجتماعية للأطفال” أو جهاز تقييم الأطفال القاصرين الأجانب، وفي بعض الأحيان يتم اللجوء إلى آلية تحديد العمر من خلال فحص العظام بأمر من المحكمة.
آليات المساعدة الاجتماعية
في تصريح لمدير مديرية “المهاجرين القاصرين غير المصحوبين بذويهم” في جمعية “فرنسا أرض اللجوء”، سيرج ديمون، لموقع سكاي نيوز عربية، يؤكد أن جمعيتهم تعمل على توفير السكن في شقق مشتركة لهذه الفئة من المهاجرين، مع تدريبهم على تدبير الحياة اليومية، بالإضافة إلى مساعدتهم على الاندماج في التعليم الفرنسي العمومي أو الاستفادة من تكوين مهني لسنة واحدة في مختلف المجالات على يد مهنيين، هذا التكوين يحصل من خلاله القاصر الأجنبي على شهادة تخول له دخول سوق الشغل بمجرد إتمامه سن الرشد، مما يسهل حصوله على بطاقة الإقامة.
وبلغة الأرقام، يقول سيرج ديمون “وصل إلى فرنسا سنة 2019 حوالي 17ألف مهاجر قاصر جديد، 60% منهم قادمون من أفريقيا، تحديدا من غينيا، مالي، السنغال والكوت ديفوار، فيما يشكل المهاجرون القاصرون القادمون من المغرب والجزائر وتونس 15%، والملاحظ أن معظم القاصرين المغاربيين الذين تترواح أعمارهم بين أقل من 10 سنوات و17 سنة، يستقرون أساسا في باريس قادمين من إسبانيا“.
وفي شق آخر، يضيف الفاعل الجمعوي قائلا ” أحيانا بمجرد وصول هؤلاء القاصرين المنحدرين في الأصل من أسر مفككة، تعاني من تبعات الطلاق والفقر، يتم استغلالهم من طرف شبكات تنشط في السرقة وبيع الممنوعات، الأمر الذي يدفع نسبة كبيرة منهم للانفصال عنا وتفضيل الشارع، وهذه من أكبر المشاكل التي نعاني منها كجمعيات في فرنسا“.
مآل المهاجرين القاصرين المشردين
وفي تصريحات إعلامية لوزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، أكد أن عدد القُصّر في شوارع فرنسا هو 16 ألفا وليس 40 ألفا كما يروج، وأوضح أن معظم القاصرين المشردين في شوارع باريس وبوردو وفي كبريات المدن الفرنسية يأتون من الجزائر والمغرب.
وفي خطوات دبلوماسية لحل هذا الملف، كشف وزير الداخلية الفرنسي أن الرئيس إيمانويل ماكرون سبق له أن تطرق إلى هذا الموضوع مع المغرب والجزائر في مناسبات عدة، باعتبار أن مسألة القُصّر تتعلق بالأمن وحماية الطفولة، وأيضا بالدبلوماسية، مؤكدا في المقابل أن حل هذه المشكلة ينبغي أن يمر عبر قنوات الاتحاد الأوروبي، لأن قضية الهجرة، على حد تعبيره، “لا يمكن حلها إلا على المستوى الأوروبي“.
ولا تعتبر هذه المرة الأولى التي يفتح فيها هذا الملف الشائك، إذ يوجد تعاون وثيق بين السلطات المغربية ونظيرتها الفرنسية بخصوص المهاجرين القُصّر ، فقد سبق أن تم توقيع اتفاقية بين البلدين يسمح للشرطة المغربية بالتنقل إلى العاصمة الفرنسية للتعرف على القُصّر المغاربة وإرجاعهم إلى المغرب.
وسيعود النقاش ليفتح من جديد حول تطورات هذا الملف بين المغرب وفرنسا من خلال الزيارة الرسمية التي يقوم بها وزير الداخلية الفرنسي إلى المغرب في 14-16 أكتوبر.
رأي الجمعيات الحقوقية و المنظمات الدولية في دفع القاصرين للعودة إلى بلدانهم
بعد توجيه اليمين واليمين المتطرف الفرنسي الأسبوع الماضي دعوات لإعادة القاصرين غير المصحوبين بذويهم إلى بدانهم الأصل، شددت “اليونسيف” في بلاغ لها في الأول من أكتوبر على ضرورة حماية هذه الفئة من المهاجرين بغض النظر عن أصلهم لأنهم قبل كل شيء أطفال.
كما عبرت المنظمة الأممية عن قلقها من تنامي هذه المواقف ضد من سمتهم بـ”الأطفال الضعفاء المعرضين للخطر“.
من جانبه، أشار رئيس مكتب المنظمة الدولية “التحالف من أجل الحرية والكرامة” بباريس، علي فينجيرو، لموقع سكاي نيوز عربية إلى أن المهاجر القاصر تواجهه صعوبات كثيرة من بينها فشل السلطات في توفير الدعم المحدد قانونيا لهذه الطبقة، وأحيانا يصبح القاصر راشدا بجرة قلم أثناء االفحوصات النفسية نظرا لصعوبة توفر القُصّر على وثائق رسمية تثبت سنهم الحقيقي، وبالتالي يحرم من التمتع بالحقوق الأساسية، مثل السكن والتعليم.
وحول الجدل الحالي بشأن مكافحة الإرهاب، يقول علي فينجيرو، “يجب ألا يتم على حساب الحقوق الأساسية واحترام الاتفاقيات الدولية، ويبقى نهج سياسة حقيقية لاستقبال وإدماج القُصّر غير المصحوبين بذويهم الحل الأفضل حتى لا يقعوا في التطرف“.
وبشأن عودة المهاجرين القُصّر إلى بلدانهم، صرح مدير مديرية “المهاجرين القُصّر غير المصحوبين بذويهم” في جمعية “فرنسا أرض اللجوء”، سيرج ديمون، لموقع سكاي نيوز عربية، أن أغلب القُصّر يرفضون العودة ويفضلون العيش على التراب الفرنسي. وفي هذه الحالة لا يمكن إرغامه على تخطي الحدود من جديد.
ويضيف “في حال قرر القاصر طواعية العودة وهو نادرا ما يحدث، فعلى السلطات الفرنسية بحسب قوانين حماية الأطفال، التأكد من أن بلده آمن ولديه أسرة تستقبله، وهذا الأمر يستغرق وقتا طويلا“.