وجعل ذوبان القطب الشمالي الطرق البحرية، التي كانت متجمدة، قابلة للعبور مجددا، الأمر الذي أعاد تفكير دول بإعادة تشغيل قواعد بحرية قديمة، كما فعلت روسيا، التي أنفقت مليارات في هذا التوجه، حسبما ذكرت شبكة “سكاي نيوز” البريطانية.
كذلك يخشى “الناتو” من أن يؤدي ارتفاع مستويات البحار بسبب ارتفاع حرارة الأرض إلى غرق قواعد الحلف الساحلية.
ويعتبر “الناتو” التغير المناخي باعثا على عدم الاستقرار حول العالم، فهو أحد أسباب الصراع الدائر في منطقة الساحل الإفريقي، إذ أدى تدهور الزراعة لنقص في الأغذية والماشية، ودفع المقيمين في تلك المنطقة للهجرة.
تأثير القوة العسكرية على المناخ
وكانت دراسة أجريت عام 2019 توصلت إلى أنه لو كان الجيش الأميركي دولة لاحتل المركز 47 في قائمة أكبر دول العالم إطلاقا للغازات المسببة للاحتباس الحراري.
ورغم أن جامعتي لانكستر ودرم البريطانيتين لم تأخذا في الاعتبار خلال الدراسة سوى الانبعاثات الناتجة عن استخدام الوقود، فقد أشارت الدراسة إلى الأثر الهائل للقوات المسلحة في مختلف أنحاء العالم على مناخ كوكب الأرض.
ومن المنتظر أن يتفق قادة التحالف العسكري الغربي الاثنين على خطة عمل بخصوص المناخ بما يحقق لقواتهم المسلحة الحياد الكربوني بحلول عام 2050، والتكيف مع التهديدات التي يفرزها الاحتباس الحراري.
ويقول دبلوماسيون في حلف الأطلسي إن الجهود الرامية للتركيز على التغير المناخي واجهت عراقيل خلال رئاسة دونالد ترامب للولايات المتحدة، فقد دأب على وصف التغير المناخي بأنه “أكذوبة”، وسحب بلاده من اتفاقية باريس الدولية لمحاربة التغير المناخي.
كما أبدى ترامب عدم الثقة بـحلف شمال الأطلسي نفسه، وهدد في 2018 بانسحاب الولايات المتحدة من هذا التحالف الذي تشكل عام 1949 لاحتواء التهديد العسكري السوفيتي.
والآن وفي ضوء إيلاء الرئيس الأميركي جو بايدن الأولوية لتحرك على صعيد المناخ، قال دبلوماسيون إن الحلف قادر على معالجة المخاوف من خطر التغير المناخي على الأمن عبر الأطلسي وعلى أفراد التحالف، حسبما نقلت “رويترز”.
أسباب التلوث
لتقليل الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري جراء استخدام الوقود الأحفوري، تحتاج الدول الأعضاء في “الناتو” لإجراء إصلاحات في قلب التحالف لأن الحلف يحدد معايير الوقود في مختلف قطاعاته.
وبالالتزام بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050 فإن خطة العمل بالحلف ستضعه على الطريق لتحقيق هدف اتفاقية باريس بالحد من ارتفاع درجة الحرارة عالميا بواقع 1.5 درجة مئوية.
وتحقيق ذلك الهدف سيعني تقليل الانبعاثات الغازية العسكرية المستثناة في كثير من الأحيان من مستهدفات الدول فيما يتعلق بالانبعاثات الكربونية وهو إنجاز ليس بالهين لوزارة الدفاع الأميركية أكبر مستهلك منفرد في العالم للبترول وفقا لبحث أعدته نيتا كروفورد بجامعة بوسطن عام 2019.
ورغم أن الخبراء يقولون إن دول الاتحاد الأوروبي تميل للتهوين من انبعاثات جيوشها الوطنية فقد قدرت دراسة أجريت في فبراير بطلب من البرلمان الأوروبي أن البصمة الكربونية للإنفاق العسكري في الاتحاد الأوروبي خلال 2019 بلغت 24.8 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، أي ما يعادل الانبعاثات الناتجة عن حوالي 14 مليون سيارة.
كذلك فمن المحتمل أيضا أن تكون حرب الدبابات أصعب في ظل الاحتباس الحراري، حيث أن درجات الحرارة ارتفعت في الدبابات الألمانية أوزيلوت خلال مناورة أجراها حلف شمال الأطلسي في بولندا عام 2019 عن 40 درجة مئوية ولم يستطع الجنود أن يقضوا سوى بضع ساعات داخلها.
ويعمل بعض أعضاء الحلف لتقليل استهلاك الكهرباء أو دمج نماذج التنبؤ المناخي في المهام العسكرية، ولدى ألمانيا أول ثكنة تتمتع بالحياد الكربوني إذ تنتج الطاقة بالكامل تقريبا من وحدات تستخدم حرارة باطن الأرض أو من ألواح شمسية.
ويتجه الجيش الألماني أيضا نحو الاعتماد أكثر على الوقود الاصطناعي، وهو خليط من أول أكسيد الكربون والهيدروجين.
ويعتمد الجيش الهولندي على الألواح الشمسية في توليد الطاقة، وذلك بدلا من المولدات التي تعمل على الديزل.