وحتى الخميس، سجلت مدينة نيويورك، الأكبر في أميركا، 214 ألف إصابة وأكثر من 14 ألف حالة وفاة.

وبحسب موقع “لايف سيانس” العلمي، فقد بلغ معدل الوفيات في المدينة 513 وفاة لكل مليون، مقابل 17 حالة وفاة لكل مليون إنسان في ولاية كاليفورنيا.

وقال الموقع إن 70 في المئة من إجمالي عدد الوفيات في ولاية نيويورك حدثت في المدينة التي تحمل اسمها.

ناقلو العدوى الأوائل

ووصل إلى ولاية كاليفورنيا 8 أشخاص كانوا مصابين بفيروس كورونا، ونقلوا العدوى في أرجاء الولاية، لكن الأمر كان أكثر سوءا بالنسبة إلى نيويورك، إذ وصلها عشرات الأشخاص، ربما يصل عددهم إلى 100 قادمين من دول أوروبية،

وبالطبع، ساهم هذا العدد الكبير في سرعة تفشي الفيروس في المدينة الأميركية عبر خلق ما يعرف بـ”سلسلة انتقال” أدت إلى تفشي الفيروس إلى آخرين وهكذا، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه حاليا من وضع مأساوي فاق ما حصل في دول عدة.

وليس هذا فحسب، فقد كان حظ نيويورك سيئا، إذ وصل إليها ما أطلق عليه “الناقل السوبر” أي أنه ينقل العدوى إلى العديد من الأشخاص بشكل كبير يفوق التوقعات.

واستقر هذا الرجل القادم من أوروبا في بلدة نيو روتشيل الصغيرة، التي يسكنها أكثر من 70 ألفا بقليل، وهناك نقل مرض “كوفيد 19 ” إلى أكثر من 100 شخص، على ما يقول أستاذ علم الأوبئة والإحصاء الحيوي في جامعة كاليفورنيا جورج روثرفور.

وكانت النتيجة أن الإصابات تزايدت في نيويورك بشكل كبير، في وقت لم يكن النظام الصحي هناك مهيئا لمواجهة الظروف الوبائية.

وأظهرت دراسة نشرت في مجلة “الأمراض المعدية” الدورية، أن المناطق الصينية التي شهدت أعلى معدلات الوفيات بفيروس كورونا، كانت سجلت أعلى الإصابات.

وبالتالي، عندما تغرق أنظمة المستشفيات، فإن معدل الوفيات يرتفع بالتناسب، بحسب روثرفور.

الإجراءات المتأخرة

اتخذت السلطات الأميركية في نيويورك قرارات متأخرة فاقمت من تفشي في المدينة، وطبقت سياسة “البقاء في المنزل” بعد مرور 4 أسابيع على تسجيل الحالة الأولى فيها، لكن خبراء يرون أنه كان يجب اتخاذ هذا القرار قبل ذلك بنحو أسبوعين.

ويقول هؤلاء إن لدى فيروس كورونا رقم استنساخ، مما يعني أن المصاب قد ينقله إلى 2- 3 أشخاص في المعدل، ونظرا إلى أن بعد الأشخاص يعدون غيرهم دون أن تظهر عليهم أعراض على الإطلاق، ونظرا إلى أن تعليمات التباعد الاجتماعي لم تطبق، فقد نقل الكثيرون العدوى لغيرهم

وأشار الرئيس السابق لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، توماس فريدن إلى أنه لو اعتمدت تدابير التباعد الاجتماعي قبل أسبوع أو أسبوعين، لكان رقم الوفيات أقل بنسبة 50- 80 في المئة.

الكثافة السكانية

نيويورك هي أكثر المدن الأميركية كثافة في السكان ومعروفة بازدحامها الشديد، لذلك يبدو أن الفيروس انتشر فيها بشكل أسرع من غيرها من المدن والمناطق الريفية الأخرى في الولايات المتحدة.

لكن عندما نظر روثرفورد في المقاطعات والأحياء داخل منطقة مترو نيويورك، لم يكن هناك اتجاه تصاعدي في حالات الوفاة والإصابة مع زيادة السكان، فأين المشكلة إذن؟

أستاذ تحليل الاقتصاد والسياسة في جامعة تورنتو، ريتشارد فلوريدا، كتب مقالا أشار فيه إلى أن “نوع الكثافة” ربما يكون أحد أبرز العوامل في انتشار الفيروس.

وقال هناك فرق في الكثافة في المناطق الثرية، حيث يتمكن الناس من التحكم في تحركاتهم ويجدون ملجأ لهم يوفر احتياجتهم بطرق مريحة وآمنة، وبين المناطقة الفقيرة كثيفة السكان، التي تدفع الناس إلى الشوارع والتزاحم في المتاجر ووسائط النقل.

ولفت إلى أن أكثر الإصابات لم تكن في مانهاتن، المعروفة بكثافتها، بل في الأحياء الخارجية الأقل درجة منها، مثل برونكس وكوينز.

skynewsarabia.com