والهدف وفقا لبيان صحفي صادر عن حكومتي مالي والنيجر هو وضع حد للوضع الذي يعتبر “غير متوازن” وجعل الشركات الفرنسية تدفع الضرائب في البلدين المعنيين.
ويعد القرار ليس معزولا في المنطقة، إذ أن حليفتهما بوركينا فاسو اتخذت نفس القرار في أغسطس 2023 ، “لوضع حد للخسائر الكبيرة في الدخل التي تكبدتها لسنوات عديدة”، حسبما تذكر وكالة الإعلام البوركينابية (AIB).
وبحسب تصريح أستاذ الاقتصاد بجامعة إنجامينا، يعقوب شعيب لموقع “سكاي نيوز عربية”، “هذا القرار يأتي لفك الٍارث الاستعماري”.
فتح المجال للمنافسة الدولية
ويوضح، “بسبب غياب الضرائب أو دفعها بشكل زهيد، كانت هذه البلدان تفقد وعاء ضريبيا بإمكانه أن يساعد على تقوية ميزانية الدولة، ويخفف من العجز في ميزان المدفوعات ويزيد في الإنتاج القومي”.
ويضيف، “الشركات الفرنسية غطت واحتكرت مشاريع كثيرة كان من المفترض أن تدخل في مناقصات مع دول منافسة، وكانت تحول أرباحها إلى فرنسا دون أن تدفع مصاريف الجمارك. وبهذا القرار، ستنشأ شركات وطنية وستدخل شركات أجنبية جديدة ستفرض عليها الضرائب وستستفيد الدول من مواردها بدلا من أن تحصل عليها فرنسا بأثمنة بخصة”.
العواقب على المهاجرين
وفيما يتعلق بالأفراد، يقول المحامي المالي والباحث المشارك في جامعة روان الفرنسية في السياسة والقانون العام “إن المواطنين الماليين والنيجيريين الموجودين في فرنسا سيتأثرون أيضا”.
ويتابع في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، “على سبيل المثال، فيما يتعلق بضريبة الميراث، فإن الميراث الذي قد يحصلون عليه سوف يخضع للازدواج الضريبي. ونفس الأمر سينطبق على من يمارسون نشاطًا مستقلاً، مثل المحامين والأطباء والفنانين وغيرهم”.
ويشمل القرار أيضًا وفقا للمحامي، “الطلاب أو المتدربين الماليين أو النيجيريين الموجودين في فرنسا الذين يتلقون أموالاً من أقاربهم، وعليهم بعد هذا القرار التصريح بها إلى دائرة الضرائب في فرنسا”.
الأبعاد السياسية
ويرى الجنرال المتقاعد والخبير الأمني في إفريقيا والمدير السابق للتعاون الأمني والدفاعي، برونو كليمنت بوليه، أن “هذه القرارات المباغتة تعكس الرغبة في انفصال هذه الدول الثلاث عن فرنسا بالطريقة الأكثر إثارة وبروزا أمام العالم، وهي رغبة تحققت بالفعل مهما كان الثمن الذي سيدفعونه”.
وفي حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، يعتبر أن إلغاء هذه القرارات الاقتصادية والعسكرية “ليست فقط قطيعة مع فرنسا ولكن هي رسالة موجهة للغرب ككل، مفادها أن هذه الدول سئمت السياسات الغربية للحلفاء التقليديين التي ترغب في تحريك الخيوط السياسية والاقتصادية لهذه البلدان، وميل كفة الاتفاقيات لصالح الجانب الغربي”.
أما الباحث في الشؤون السياسية الإفريقية ومنطقة الساحل، محمد بن مصطفى سنكري، فيعتبر أن كل هذه الخطوات الجديدة، تنطلق من “الرغبة في الاستقلال الفعلي” و”إعادة الثروات إلى المواطنين”.
ويوضح في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” أنه “بعد توقيع الحكام العسكريين في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، اتفاقية للدفاع المشترك التي أطلقوا عليها اسم “ميثاق ليبتاكو – غورما“، أصبح مصير كل هذه الدول واحدا، إذ تخضع ثلاثتها لعقوبات مجموعة “إيكواس” والاتحاد الإفريقي ثم الأمم المتحدة، ومن الممكن جدا أن تسير نحو توحيد العملة النقدية وتلغي بالتأكيد المزيد من الاتفاقيات سواء المنجمية، السياسية أو الاقتصادية”.
ويتفق الخبير الأمني الفرنسي مع هذا الطرح، ويقول “إن هذا الثلاثي الساحلي يدرس حاليا توحيد عملته في إطار ما أسماه بـ “الاختيارات الغريبة”، معتمدا على مثال “إفريقيا الوسطى التي أقرت البيتكوين عملة قانونية”.