وقال مساعد مدير برنامج الأغذية العالمي في مدغشقر، أدوينو مانغوني، إن المجاعة التي تشهدها بلاده هي الأولى المتصلة بالتغير المناخي على الأرض، ولكنها لن تكون الأخيرة، مضيفا أن 500 ألف طفل يعانون حاليا من سوء التغذية، بينهم 110 آلاف يعانون من سوء تغذية حاد وهم على بعد خطوة من الموت.
وحذر مساعد مدير برنامج الأغذية العالمي من أن الاحترار المناخي الناجم عن الأنشطة البشرية هو المسبب للمجاعة التي تضرب مدغشقر، مشيرا إلى أنها الحالة الأولى من نوعها ولكنها لن تكون الأخيرة.
إلا أن هذه التحذير قاد الباحثون إلى أن إفريقيا، التي تعد مركزا لدفن النفايات النووية حول العالم، أصبحت على بعد خطوات قليلة من أن تشهد كارثة بيئية نتيجة هذه النفايات، حيث تمثل النفايات الخطرة الناتجة عن المفاعلات النووية أحد أهم التحدّيات التي تواجه العالم بصفة عامة والقارة السمراء بصورة خاصة، وهو الأمر الذي دفع الولايات المتحدة وأوروبا إلى التوقف عن دفن النفايات النووية داخل حدود أرضيها.
وتقول دراسة إن تكلفة دفن طن واحد من النفايات الخطرة فى أحد دول إفريقيا يكلف الدول الغنية (2.5 دولار)، في حين أن دفن الطن نفسه في أوروبا يتجاوز سعره أكثر من (250 دولارا)، وذلك بسبب ارتفاع معايير الأمان البيئي، وهو ما يمثل إغراء شديدا لتلك الدول، لتصدير تلوثها الإشعاعي إلى الدول الفقيرة، خاصة في ظل الاضطرابات السياسة المستمرة التي تعاني منها بعض الدول الإفريقية.
وتقول نرمين توفيق الباحثة في الشئون الإفريقية والمنسق العام لمركز “فاروس” للاستشارات والدراسات الاستراتيجية، إنه مع تزايد عدد المفاعلات النووية في الدول الغربية سواء الولايات المتحدة أو أوروبا التي تعتمد عليها في نشاطها الصناعي، لجأوا إلى التخلص من النفايات النووية بدفنها في الدول الفقيرة وعلى رأسها عدد من الدول الإفريقية جنوب الصحراء لعدة أسباب، منها: “أنهم لا يريدون تعريض دولهم إلى المخاطر الصحية التي تنجم عن هذه النفايات، أو احتمالية حدوث تسرب إشعاعي لها؛ لذا كان البديل لديهم هو دفنها بإفريقيا بطرق مشروعة وحتى غير مشروعة، مستغلين بعض الاتفاقيات الدولية التي تبيح دفن النفايات النووية في دول أخرى بمقابل مادي، وقد قبلت بعض الحكومات الإفريقية دفن النفايات النووية الغربية في أراضيهم نظرا للأموال الكبيرة التي يحصلون عليها حتى بدون رضاء شعوبهم.
وتابعت نرمين توفيق – في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية” – كذلك لانخفاض تكلفة دفن النفايات النووية في الدول الإفريقية، لأن معايير التخلص منها ليست كمثيلاتها في الدول الغربية.. حيث تقدر تكلفة دفن طن النفايات النووية الواحد في الدول المتقدمة مئات أضعاف دفنه في إفريقيا.
وطالبت المنظمات الإقليمية في إفريقيا وعلى رأسها الاتحاد الإفريقي أن يكون لها موقف حازم من كشف ممارسات دفن النفايات النووية في القارة السمراء ووقفها، وإلزام العالم بمسئولياته خصوصا الولايات المتحدة، وعلى منظمات المجتمع المدني في الدول الإفريقية التي يقوم المسئولون فيها بدفن النفايات النووية دور هام في كشف هذه الممارسات، ويجب على منظمة الطاقة الدولية أن تراقب عمليات دفن النفايات النووية في الدول الفقيرة، خصوصا وأن الإشعاعات النووية أو التسريبات لن تضر الجول التي تحدث فيها فقط وإنما يمتد أثرها ليشمل مناطق واسعة.
وبالعودة إلى بداية نقل المخلفات الخطرة من دول العالم المتقدم إلى إفريقيا نجد أنها تعود إلى سبعينيات القرن الماضي، وذلك من خلال صفقات سرية، بين بعض الدول الإفريقية وشركات غربية، معظمها يتعلق بنقل مواد سامة تسبب أضرارا بيئية وصحية خطيرة.
من جانبها، ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تقرير بعنوان “سوق النفايات النووية”، أن دولة مثل موزمبيق مصاب قرابة 39% من أطفاله بالإيدز، و33 % بسرطان الدم، تشكل جغرافية “مرفوضة” في عالم النفايات النووية التي تلقي بها الدول الصناعية الكبرى على أرضه، كما جاء في التقرير نفسه أن الدول الإفريقية التي قبلت أن تكون مكانا استراتيجيا لرمي النفايات النووية الغربية تمارس شكلا من أشكال الجريمة السياسية والبيئية والاقتصادية ضد شعوبها، باعتبار أن النتيجة ستكون كارثة طبيعية ستظهر بعد عشرات السنين بشكل أكثر ضراوة وخطورة.
وتطالب تقارير أممية مجلس الأمن بالتحقيق في نفايات سامة يجري إغراقها في المياه قبالة الصومال في السنوات الأخيرة، حيث شهدت السواحل الصومالية تدميرا للبيئة البحرية، بسبب التخلص العشوائي للدول الغربية من نفاياتها النووية هناك، ومن بين عشرات السفن، تم الكشف عن سفينتين إحداهما إيطالية والأخرى سويسرية، قامتا بإلقاء حمولتهما بالقرب من الساحل الصومالي.
وعادت نرمين توفيق، لتؤكد لموقع “سكاي نيوز عربية” أن الدول المتقدمة تلجأ أيضا إلى الوسائل غير المشروعة في التخلص من هذه النفايات بالتعاون مع مافيا التهريب أو بدفنها دون علم أو موافقة الدول الإفريقية مستغلة هشاشة أوضاع بعض الدول مثلما حدث مع الصومال حيث كانت تفرغ سفن الدول الغربية في قبالة سواحل الصومال وفي المحيط الهادئ أطنان من النفايات النووية.
ولا شك أن هذه النفايات أثرت بشكل مباشر على الطبيعة والنظام الإيكولوجي في إفريقيا وصحة المواطنين والكائنات الحية، حيث أدت النفايات النووية إلى زيادة حالات الإصابة بالسرطان لدى المواطنين خاصة من الأطفال، وكذلك تشوهات الأجنة، كما أدت إلى تدمير الحياة البحرية وموت الحيتان، ودفنها في الصحراء يؤثر على تلوث المياه الجوفية ومن ثم ضرر آلاف الأشخاص.
ولم تسلم طرابلس من عصابات تهريب النفايات النووية، حيث كشفت صحيفة “الإندبندت” البريطانية عام 2013، عن وجود عصابات تابعة للمافيا الإيطالية، تتقاضى مبالغ مالية تصل إلى 20 مليار يورو سنويا مقابل إغراق شحنات من النفايات الخطرة في منطقة جنوب ساحل البحر المتوسط، وتحديدا ليبيا، وأن الحيتان التى وجدت ميتة على سواحل مدينة سرت فى بداية العام نفسه، أكبر دليل على تلوث البيئة البحرية بسبب إلقاء تلك النفايات.