واحتلت “أرليت”؛ المدينة الصناعية في منطقة أيغدز شمالي النيجر العناوين، باعتبارها مهد أنفس معادن النيجر “اليورانيوم“، الذي لم ينعكس وجود مناجمه على المنطقة وسكانها الذين يعدون من أفقر سكان غرب إفريقيا وأكثرهم عوزا، حتى أطلقت عليهم بعض وسائل الإعلام لقب “أيتام أرليت” أو “أيتام اليورانيوم“.
ورغم وجود هذه الشركات التي تدر المليارات سنويا من هذه الصناعة، فإن ذلك لم ينعكس بأي شكل على المنطقة وسكانها الذين يفتقدون أدنى مقومات الحياة، إذ لم توفر هذه الشركات العاملة في التنقيب أي خدمات أو بنيات تحتية، بل وصل التجاهل إلى حد فاضح، بعد بناء خط شحن من كوتونو إلى بينين يتجاوز جميع القرى والمدن التي في طريقه.
اهتمام عالمي
- المنطقة شهدت اهتماما عالميا منقطع النظير، بسبب ثروتها في اليورانيوم، وبحسب الأرقام الرسمية للرابطة النووية العالمية، زودت أرليت دول التكتل الأوروبي بنحو 25 بالمئة من إمدادات اليورانيوم، وأنتجت عام 2022 نحو 5 بالمئة من التعدين العالمي، وكانت مثار اهتمام الرئيس العراقي السابق صدام حسين فيما يذكر قبل الحرب في العراق عام 2003.
- تدير الشركة الفرنسية المثيرة للجدل “أورانو” مع قرينتها “سومير” المملوكة للنيجر أنشطة استخراج واستكشاف اليورانيوم في البلاد، وتقع معظم المناجم والمواقع بالقرب من مدينة أرليت، في عدة مناجم أبرزها، منجم “أكوتا لليورانيوم”، غرب أرليت الذي ينتج نحو 75 ألف طن من اليورانيوم منذ عام 1978 قبل أن يتم إغلاقه في مارس عام 2021 بسبب نفاذ احتياطاته من الخام.
شهادات من الداخل
حسب أحد النشطاء الطوارق في المدينة، أضحت أرليت “مدينة فقر وفوضى”، وقال: “بل يمكن وصفها أنها أصبحت مدينة المخدرات والمهربين بسبب بؤسها”.
وقال الناشط إبراهيم أغ عمر في اتصال مع موقع “سكاي نيوز عربية”: “أرليت هي منطقة حدودية، لو كانت مستقرة لأصبح العيش فيها هادئا وجيدا، لأنها مليئة بالمنتجات الجزائرية، بل يمكنك الشراء فيها بالعملة الجزائرية بدل عملة الفرنك الأفريقي عند أي محل تجاري”.
وأضاف أغ عمر: “الملاحظ لدى الجميع أن البنية التحتية هشة للغاية بل وصل البخل بالشركات الفرنسية فيها أنها لا تبني حتى مقراتها ولا تبني الطرق من وإلى المدينة، وكأنها تريد لأرليت أن تكون خارج الكوكب”.
مجتمع أرليت
- يبلغ سكان أرليت بضع مئات حسب المتحدث، يتكون من العرب والطوارق والهوسا والفلان وبعض الزرما، وأغلب السكان يعملون في تهريب المواد الغذائية والوقود من الجزائر، وأحيانا تهريب الأسلحة والمخدرات من بلدان الجوار الأخرى.
- حسب الباحث في التاريخ محمد المهدي: تعد أرليت قبل عام 1971 منطقة طبيعية اتخذها الطوارق في النيجر مرعى لإبلهم في فصول الشتاء والربيع، وحينما تحولت إلى مناجم لشركات سوماير وكوميناك اعتقد هؤلاء الرعاة لوهلة، أن المنطقة موعودة بالاستقرار والتنمية، وأن الحكومة النيجرية الموقعة لعقود التنقيب ستجدها فرصة لبناء مجتمعات جديدة.
- يقول المهدي: كان الناس في تطلع مستمر لهذه المدينة على أمل أن تتحسن فيها الأوضاع يوما، لكن لا أمل يطل، رغم ذلك أتت إليها أعداد جديدة من الباحثين عن الثروة منذ عام 2014 بعد ظهور الذهب في “جادوا وتشيبركاتين”، ويكافح الجميع من أجل قوتهم، بعد قناعة من أن وجود هذه الشركات لم يجلب سوى الدمار للمنطقة بعد أن قضت أعمالها على البيئة، وحولت المنطقة إلى واحدة من أكبر مناطق الصحراء تلوثا.