وفيما تبدو طوكيو مصطفة إلى جانب كييف والمعسكر الغربي في هذا الصراع المحتد، يرى مراقبون أنها بما تتمتع به من قدرات اقتصادية وتكنولوجية متطورة، وما اتبعته من نهج تنموي وسياسي مسالم، ونابذ للتسلح والحروب، بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية، يمكنها أن تلعب دورا توفيقيا يدفع نحو ترجيح كفة الحلول الدبلوماسية والسلمية للأزمة، بدلا من العمل على حشر الدب الروسي اقتصاديا في الزاوية، مما قد يرتد بتصعيد الأزمة أكثر.

وهم يرون في هذا السياق، أن كون اليابان الدولة الوحيدة في العالم التي خاضت تجربة مريرة في التعرض للقصف النووي عقب هجومها على بيرل هاربور، حينما ردت واشنطن عليه بإلقاء قنبلتين نوويتين على مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين، يحتم عليها أن تسعى بكل طاقاتها للعمل على صون السلام العالمي وللحؤول دون تكرار حدوث أية كوارث مشابهة.

وللحديث عن طبيعة الموقف الياباني من الحرب الروسية الأوكرانية، يقول رئيس مركز “صقر” للدراسات، مهند العزاوي، لموقع “سكاي نيوز عربية”: “اليابان متحالفة مع أميركا والغرب كما هو معلوم، مما يفرض على طوكيو الاتساق مع المواقف الأميركية والأوروبية خلال هذه الأزمة مع روسيا”.

ويضيف: “فضلا عن أن ثمة صراع تقليدي قديم بين روسيا واليابان في منطقة الإندو باسيفيك، بين معسكر يضم موسكو وبكين وبيونغ يانغ، والمعسكر المضاد الذي يضم طوكيو وسيول وواشنطن وكانبيرا ولندن، ورغم كل التهويل النووي إن صح التعبير، فإن خطر تحول ما يحدث في أوكرانيا لحرب عالمية نووية هو ضئيل جدا، بل معدوم”.

ويتابع العزاوي: “ما يحدث حتى اللحظة هو حرب محدودة ضمن نطاق أوكرانيا، وهي قابلة للتوسع لكنها لن تصل للعتبة النووية، كون الكل يخشى خوض هكذا نزاع مدمر لا رابح فيه، وهذه الحرب المشتعلة الآن على الأغلب ستكون استنزاف طويلة، وستلعب طوكيو فيها دورا مساندا للجبهة الأميركية والأوروبية“.

أما الباحثة في العلاقات الدولية والأوروبية في مدرسة الاقتصاد العليا في موسكو، لانا بدفان، فتقول لموقع “سكاي نيوز عربية”: “علاقات موسكو وطوكيو متأزمة لكن بشكل غير مباشر، وبالغ الحدية كما هو الحال مع العواصم الغربية، رغم أن اليابان هي الوحيدة من بين مجموعة الدول السبع الكبرى، التي تخوض نزاعا إقليميا قديما جديدا مع روسيا، خاصة بعد ضم شبه جزيرة القرم، حيث رأت طوكيو أن هذا توسع روسي جديد، يذكرها بملف الجزر المتنازع عليها بين البلدين“.

وتتابع بدفان: “رغم أنه في عهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، كانت قد تحسنت العلاقات اليابانية الروسية نسبيا، وشهدت تطورا في العلاقات الاقتصادية والمبادلات التجارية، فإن طوكيو اتخذت موقفا غير محايد من الأزمة الأوكرانية، واصطفت لجانب الغرب، فارضة عقوبات اقتصادية على موسكو“.

وتضيف: “مع أن اليابان اكتوت بالنار النووية، وتعرف أكثر من غيرها ما تعنيه الحروب عامة والنووية خاصة من بشاعة ودمار شامل، لكنها مع ذلك، تنحاز للغرب الآن وتعمل على فرض عقوبات على روسيا وتجميد أصول عدة مستندات وبنوك روسية، وتحاول حتى أن تكون بديلا عن روسيا لإمداد أوروبا بالغاز، لكنها لا تستطيع الإمداد بالكميات الكبيرة التي توفرها موسكو”.

وتختتم بدفان حديثها لموقع “سكاي نيوز عربية”، بالقول إن اليابان “تعتبر العملية الروسية في أوكرانيا تهديدا لها أيضا”، معتبرة أن “جملة هذه المواقف اليابانية ليست مستغربة، كون اليابان وروسيا بينهما نزاعات وحروب تاريخية مريرة“.

skynewsarabia.com