وطغت مشاعر الحزن العميق على الانتخابات عقب مقتل آبي، وهو أطول رؤساء الحكومات بقاء في السلطة في اليابان، بالرصاص يوم الجمعة خلال خطاب كان يلقيه لدعم مرشح محلي في مدينة نارا غربي البلاد، في واقعة اعتبرتها المؤسسة السياسية هجوما على الديمقراطية ذاتها.
فهل سيؤثر حادث الاغتيال على النتائج؟
قبل حادث الاغتيال بأيام، أكدت جميع استطلاعات الرأي ووسائل الإعلام في اليابان أن رئيس الوزراء فوميو كيشيدا، تراجعت أسهمه قبل انتخابات مجلس الشيوخ (المجلس الأدنى في البرلمان) بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، لكن احتفظ حزبه في الاستطلاع بأغلبية مريحة.
وأظهرت استطلاعات الرأي الأسبوع الماضي فوز الحزب الديمقراطي الحر بما لا يقل عن 60 من 125 مقعدا يجري التنافس عليها، مقارنة بعدد 55 مقعدا التي يشغلها الآن، مما يسمح له بالحفاظ على الأغلبية في المجلس الذي يشغله مع كوميتو، وفي حال حصول الحزب على 69 مقعدا في مجلس المستشارين سيجعله يفوز بالأغلبية.
ويقول الباحث بمركز فاروس للدراسات السياسية والاستراتيجية محمود رأفت، إن عملية اغتيال آبى بهذه الطريقة المأساوية لا شك أنها ستؤثر بشكل جذري على الانتخابات، فـ”آبي رغم اعتزاله العمل السياسي بسبب الدواعي الصحية، ظل حاضرا ومهيمنا على الحزب الديمقراطي الحر الحاكم، فهو يهيمن على مفاصل الحزب”.
وتوقع رأفت، خلال حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن يحصد الحزب الحاكم المزيد من الأصوات، حيث “سيكتسح الانتخابات في ظل مشاعر الحزن التي تخيم على الشعب الياباني وتعاطفه مع الحزب بعد اغتيال زعيمه الروحي”، وفق رأيه.
وعادة ما ينظر إلى انتخابات مجلس المستشارين على أنها استفتاء على أداء الحكومة الحالية، وقد أشارت استطلاعات الرأي الأخيرة بالفعل إلى أداء قوي للائتلاف الحاكم بقيادة كيشيدا، الذي يعتبر تلميذا لآبي.
وأحدثت عملية اغتيال آبي صدمة في اليابان، حيث تعد الهجمات الدامية على شخصيات وطنية أمرا نادر الحدوث في تاريخ ما بعد الحرب هناك، وكان أبرزها في عام 2007 عندما أطلق أحد رجال العصابات النار على حاكم ناغازاكي وقتله، وهو الحادث الذي أدى إلى مزيد من التشديد على قوانين حيازة الأسلحة.
وجاء حادث اغتيال آبي في توقيت صعب، حيث تعاني اليابان موجة ارتفاع درجات الحرارة مما يهددها بنقص في الكهرباء نتيجة العقوبات المفروضة على قطاع الطاقة الروسي التي ساهمت فيها اليابان، كما تلقت طوكيو ضربة اقتصادية الأسبوع الماضي عندما أعلنت موسكو تأميم شركة طاقة تساهم فيها اليابان بنسبة كبيرة وهي “سخالين 1” للنفط والغاز.
ورغم الحادث، تجنب الحزب الحاكم ورئيس الوزراء تأجيل الانتخابات، ومن المقرر أنه حال فوز كيشيدا بأغلبية مريحة سيكون أمام المصرفي السابق من هيروشيما فرصة لتحقيق هدفه المتمثل في زيادة الإنفاق الدفاعي، وقد يسمح له الفوز كذلك بمراجعة دستور البلاد، وهو أمر لم يتمكن حتى آبي من القيام به.
ويسعى كيشيدا والحزب الديمقراطي الليبرالي، الذي يسيطر حاليا على مجلسي البرلمان مع شريكه في الائتلاف الحاكم حزب كوميتو، إلى تعزيز الدعم لتمهيد الطريق أمام تنفيذ السياسات الرئيسية وتشكيل حكومة أكثر استقرارا.