وأعلن الرئيس الفنلندي، ساولي نينيستو ورئيسة وزرائه سانا مارين، الخميس، تأييدهما لانضمام بلدهما إلى الناتو، مؤكدين أن “عضوية الحلف ستعزز أمن فنلندا. وبانضمامها إلى الحلف، الذي تقوده الولايات المتحدة ويضم 30 بلدا، ستزيد بلدنا من قوة التحالف الدفاعي برمته”.
وردا على ذلك، قالت الخارجية الروسية إنه “يتعين على موسكو اتخاذ خطوات انتقامية سواء فنية عسكرية أو ذات طبيعة أخرى من أجل وقف تنامي التهديدات لأمنها الوطني، وهلسنكي يجب أن تكون على علم بمسؤوليات وتبعات مثل هذه الخطوة”.
وفنلندا دولة تابعة للاتحاد الأوروبي، وتمتلك أطول حدود مع روسيا بطول 1340 كيلومتراً، وتعرضت للغزو من قبل الاتحاد السوفيتي أثناء الحرب العالمية الثانية، كما أنها واحدة من دول الاتحاد القلائل التي لم تُنه التجنيد الإجباري، أو تخفض الإنفاق العسكري بدرجة كبيرة، بعدما وضعت الحرب الباردة أوزارها.
وترى موسكو في الحلف تهديدا استراتيجيا على نفوذها في المنطقة، وتُطالب بعدم اقترابه من حدودها، بينما يدافع الحلف عن سياسة الأبواب المفتوحة أمام انضمام الدول إليه، وسيادة تلك الدول على ذلك القرار.
ومن شأن خطوة فنلندا، التي قد تحاكيها السويد، أن تواجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتن بالنتيجة نفسها التي قال إن الحرب في أوكرانيا تستهدف تجنبها، وهي المزيد من توسعة حلف شمال الأطلسي باتجاه روسيا.
مكسب للناتو وتحد لروسيا
وحول تداعيات الخطوة الفنلندية، قال المحلل المتخصص في الشؤون السياسية والاستراتيجية، ليون رادسيوسيني، إن انضمام فنلندا للحلف وكذلك احتمالية إقدام السويد على الخطوة ذاتها تحد صارخ لمطالب بوتن الخاصة بتقليص وجود الناتو في المنطقة، حيث سيضيف ذلك لأراضي الناتو 300 ألف ميل مربع باتجاه الشمال الشرقي، كما سيضاعف حدود الناتو مع روسيا إلى ما يقرب من 1600 ميل.
وأضاف رادسيوسيني، في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”، أن قبولهما في التحالف العسكري يعتمد على الاتفاق بالإجماع من جميع الأعضاء الثلاثين الحاليين في الناتو، وهي عملية قد تستغرق شهورا، لذلك ستظل فنلندا والسويد عرضة للخطر إلى أن يتم التصديق على عضويتهما، وعلى الغرب الإسراع في الخطوات خشية أي خطوة عسكرية روسية.
وأشار إلى أن انضمام فنلندا والسويد للحلف يمثل فرصة للناتو لطبيعة وجغرافيا البلدين وقدراتهما العسكرية، مؤكدا أنهما لا تتمتعان بتعاون دفاعي عميق قائم مسبقا على المستوى الثنائي فحسب، بل تتعاونان أيضا في منتديات متعددة الأطراف، مثل التعاون الدفاعي لدول الشمال الأوروبي، والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وكلاهما له مصلحة قوية في الحفاظ على الاستقرار في منطقة بحر البلطيق.
وتابع: “فنلندا والسويد تشعران بالضغط الروسي، وتريان نفسيهما على اتصال مباشر بالديناميكيات التي أثرت على أوكرانيا، على الرغم من وجود اختلافات عميقة بشكل واضح. إن حضور الحرب في أوكرانيا والتخوفات من المكان الذي يمكن أن يستهدفه بوتن لاحقا، يمكنهما أن يخلقا حالة أوسع حيث قد يتطلب أمن فنلندا والسويد بالفعل علاقات أوثق مع الحلف”.
وحول إمكانية تكرار مصير أوكرانيا في البلدين، أكد على أن “تهديدات موسكو تزيد من تعقيد الأمور، لكن روسيا غير قادرة على فتح جبهات جديدة في الوقت الحالي”.
من جانبه، قال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين: “انضمت فنلندا للخطوات غير الودية التي يتخذها الاتحاد الأوروبي ضد بلادنا. وهذا أمر لا يسعه إلا أن يثير أسفنا ويكون سببا في ردود فعل متماثلة من جانبنا”.
ورد بيسكوف على سؤال عما إذا كان ذلك يشكل تهديدا على روسيا: “بالتأكيد.. توسعة حلف شمال الأطلسي لا تجعل قارتنا أكثر استقرارا وأمنا”.
تعزيزات عسكرية ولوجستية
وعلى مدار الشهور الماضية، عملت فنلندا والسويد على تعزيز قواتهما المسلحة وتكثفان الإنفاق السنوي على الدفاع المدني والأسلحة، حيث تقدمت هلسنكي بطلب لشراء 64 طائرة من طراز F-35 من شركة لوكهيد مارتن، بتكلفة تزيد على 9 مليارات دولار.
كما قامت الحكومة الفنلندية بتخزين كميات كبيرة من الحبوب والوقود في احتياطيات استراتيجية تستمر 5 أشهر على الأقل.
أما السويد، فرفعت ميزانية الدفاع لعام 2021 نحو 7 مليارات دولار، من المتوقع أن ترفع هذا المبلغ إلى نحو 11 مليار دولار، أي ما يقرب من 2 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي المطلوب من أعضاء الناتو.