وبدأ ظهور التفاصيل في خطوات تتخذها أو تعتزم اتخاذها كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وقوى غربية أخرى.
وفيما يلي تفاصيل القيود المقترحة حتى الآن والعقوبات الأخرى التي يمكن أن تستهدف روسيا:
البنوك والشركات المالية
أعلنت بريطانيا فرض عقوبات على خمسة بنوك هي: بنك روسيا وبنك البحر الأسود و”جينبنك” و”آي.إس بنك” و”برومسفياز بنك”، وكلها بنوك صغيرة الحجم باستثناء برومسفياز بنك المدرج في قائمة البنك المركزي للبنوك المهمة منهجيا.
ويخضع بنك روسيا بالفعل لعقوبات أميركية منذ عام 2014 بسبب ما يعتبرها “صلات وثيقة بينه وبين مسؤولي الكرملين”.
وصيغت حزمة عقوبات للاتحاد الأوروبي لتشمل فرض قيود على البنوك التي تشارك في تمويل أنشطة انفصالية في شرق أوكرانيا.
ويبحث وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الإجراءات في باريس من الساعة 1500 بتوقيت غرينتش ويهدفون للانتهاء من صوغها “على وجه السرعة”.
كما ستستخدم واشنطن أقوى أداة للعقوبات على بعض الأفراد الروس والشركات من خلال إدراجهم في قائمة (المواطنين المعينين خصيصا) التي تخرجهم فعليا من النظام المصرفي الأمريكي وتحظر تجارتهم مع الأميركيين وتجمد أصولهم الأميركية.
ومن غير الواضح ما إذا كانت البنوك الروسية ستُضاف لقائمة (المواطنين المعينين خصيصا)، لكن كلا النوعين من العقوبات يمكن أن يلحق ضررا بالغا بروسيا ويجعل من الصعب عليها التعامل بالدولار الأميركي.
والبنوك الكبيرة في روسيا مندمجة بعمق في النظام المالي العالمي، مما يعني أن ضرر العقوبات يمكن أن يتخطى حدودها.
وتُظهر بيانات بنك التسويات الدولية أن مقرضين أوروبيين يملكون نصيب الأسد في حوالي 30 مليار دولار لبنوك أجنبية منكشفة على روسيا.
وبحسب بيانات البنك المركزي الروسي، فإن إجمالي الأصول والالتزامات الأجنبية المصرفية لروسيا بلغت 200.6 مليار دولار و134.5 مليار على التوالي، فيما تبلغ حصة الدولار الأميركي نحو 53 في المئة من كليهما، انخفاضا من 76-81 في المئة قبل عشرين عاما.
الديون السيادية وأسواق رأس المال
أفاد بيان للاتحاد الأوروبي أن حزمة الإجراءات التي يناقشها التكتل تستهدف “قدرة الدولة الروسية والحكومة على الوصول إلى الأسواق المالية وأسواق رأس المال والخدمات في الاتحاد الأوروبي لتقييد تمويل السياسات التصعيدية والعدوانية”.
وهددت بريطانيا، الأسبوع الماضي، بمنع الشركات الروسية من جمع رؤوس أموال في لندن، المركز المالي الأوروبي لمثل هذه المعاملات، رغم أنها لم تفعل ذلك في إعلانها يوم الثلاثاء.
وحتى قبل الأحداث الأخيرة، أصبح الوصول إلى السندات الروسية مقيدا بشكل متزايد.
وجعلت عقوبات أميركية فرضت في 2015 الديون المستقبلية بالدولار في روسيا غير مؤهلة للعديد من المستثمرين والمؤشرات الرئيسية.
وفي أبريل 2021، حظر الرئيس الأميركي، جو بايدن، على المستثمرين الأميركيين شراء سندات روسية جديدة بالروبل، بسبب اتهامات بتدخل روسي في الانتخابات الأميركية.
وخفضت تلك القيود الدين الخارجي لروسيا بنسبة 33 في المئة منذ أوائل عام 2014، من 733 مليار دولار إلى 489 مليار دولار في الربع الثالث من 2021.
ويحسن انخفاض الديون الميزانية العمومية للدولة ظاهريا، لكنه يحرمها من مصادر التمويل التي يمكن أن تساهم في النمو الاقتصادي والتنمية.
الأفراد
معاقبة الأشخاص عن طريق تجميد الأصول وحظر السفر أداة شائعة الاستخدام، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا لديهم بالفعل مثل هذه العقوبات على عدد من الأفراد الروس.
وفرض الاتحاد الأوروبي، الاثنين، عقوبات على خمسة أشخاص لهم علاقة بالانتخابات البرلمانية الروسية في سبتمبر 2021 في شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في عام 2014.
وقال مسؤول إن حزمة العقوبات التي يصوغها الاتحاد الأوروبي قد تتضمن قيودا على الذين شاركوا في قرار الاعتراف بالمنطقتين الانفصالية في أوكرانيا، وهو ما قد يعني جميع أعضاء مجلس النواب بالبرلمان الروسي الذين صوتوا لصالح الاعتراف باستقلال المنطقتين الأوكرانيتين.
في الوقت نفسه، فرضت بريطانيا عقوبات على ثلاثة رجال هم رجل الأعمال الروسي جينادي تيمتشينكو والمليارديران إيجور وبوريس روتنبرغ، وجميعهم من حلفاء الرئيس فلاديمير بوتن، ومن سان بطرسبرغ، وتفرض الولايات المتحدة بالفعل عقوبات على الرجال الثلاثة.
وبينما استخدمت الولايات المتحدة تصنيف قائمة (المواطنين المعينين خصيصا) في الماضي لمعاقبة قلة يُعتبرون “جهات فاعلة سيئة”، أصبحت أكثر حذرا في السنوات الأخيرة بعد أن تسبب فرض عقوبات في 2018 على مالك شركة روسال الروسية العملاقة للألومنيوم في ارتفاع حاد لأسعار الألومنيوم وأجبر واشنطن على التراجع.
وكشف الديمقراطيون في مجلس الشيوخ الأميركي النقاب عن مشروع قانون في يناير يستهدف فرض عقوبات شاملة على كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين الروس، بمن فيهم بوتن. وقال الرئيس بايدن إنه سيكون على استعداد للنظر في فرض عقوبات شخصية على الرئيس الروسي.
وتقول موسكو إن أي تحرك لفرض عقوبات على بوتن نفسه لن يضرب الرئيس الروسي شخصيا، لكنه سيكون “مدمرا سياسيا”.
شركات الطاقة ونورد ستريم 2
تفرض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالفعل عقوبات على قطاعي الطاقة والدفاع في روسيا حيث تواجه شركة الغاز المملوكة للدولة”غازبروم” وذراعها النفطي ومنتجي النفط لوك أويلوروسنفت و”سورجوتنيفت غاز” أنواعا مختلفة من القيود على الصادرات والواردات وجمع ديون.
ويمكن توسيع العقوبات وتعميقها مع خيار محتمل يتمثل في منع الشركات من التسوية بالدولار الأمريكي.
كما أن خط أنابيب “نورد ستريم 2” الذي تم الانتهاء منه في الآونة الأخيرة بين روسيا وألمانيا كان ينتظر موافقة الهيئة التنظيمية في الاتحاد الأوروبي والسلطات الألمانية قبل أن تجمد برلين المصادقة عليه.
ويضعف اعتماد أوروبا على إمدادات الطاقة الروسية يد الغرب عند التفكير في فرض عقوبات في هذا القطاع.
كبح الرقائق
أبلغ البيت الأبيض صناعة الرقائق الالكترونية الأميركية أن تكون جاهزة لقيود جديدة على الصادرات إلى روسيا إذا هاجمت موسكو أوكرانيا، بما في ذلك احتمال عرقلة وصول روسيا إلى الإمدادات الإلكترونية العالمية.
واتُخذت إجراءات مماثلة خلال الحرب الباردة، عندما أبقت العقوبات التكنولوجية الاتحاد السوفيتي متأخرا تقنيا وأعاقت النمو الاقتصادي.
وقف نظام التحويلات المالية (سويفت)
فصل النظام المالي الروسي عن نظام التحويل أو التراسل المالي الدولي (سويفت) سيكون أحد أقسى الإجراءات. فالنظام تستخدمه أكثر من أحد عشر ألف مؤسسة مالية في أكثر من 200 دولة.
وفصل سويفت البنوك الإيرانية في عام 2012 مع تشديد العقوبات الدولية على طهران بسبب برنامجها النووي. ويقول مركز “كارنيغي موسكو” للأبحاث إن إيران خسرت نصف عائدات تصدير النفط و30 في المئة من تجارتها الخارجية.
قالت ماريا شاجينا، من مركز “كارنيغي” في موسكو إن الولايات المتحدة وألمانيا ستكونان من بين الدول الغربية التي ستمنى بأكبر خسارة جراء هذه الخطوة لأن بنوكهما هي أكثر مستخدمي “سويفت” مع البنوك الروسية.
وبعد صدور دعوات لفصلها عن نظام سويفت في عام 2014، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم، قامت موسكو بتطوير نظام بديل للتراسل هو “إس.بي.إف.إس”.
وبلغ عدد الرسائل المرسلة عبر “إس.بي.إف.إس” نحو خُمس الحركة الداخلية الروسية في عام 2020، بحسب البنك المركزي الذي يستهدف زيادة هذه النسبة إلى 30 في المئة في 2023. لكن هذا النظام يجد صعوبة في ترسيخ نفسه في المعاملات الدولية.