وفي موقف ذات دلالات رمزية كبيرة، أجلس الرئيس الروسي ضيفه الفرنسي، على رأس طاولة طويلة جدا، بينما جلس هو على الطرف البعيد الآخر، في لقطة تداولتها وسائل الإعلام بسخرية، وتحدثت فيها عن الرسالة التي أراد إيصالها الرئيس الروسي لأوروبا.
ووفقا لخبراء ومتابعين، فإن المسافة البعيدة بين الرئيسين على “الطاولة الروسية”، ترمز إلى حجم الفجوة بين روسيا وأروبا حاليا، خاصة في ملف أوكرانيا.
إهانة في المؤتمر الصحفي
ولم يكتف بوتن بإجلاس ضيفه على طاولة بعيدة يكاد لا يسمع فيها حديث الرئيس الروسي، بل سبقها موقف غريب في المؤتمر الصحفي الذي جمع الرئيسين.
فبعد انتهاء المؤتمر، تحرك بوتن وخرج من الغرفة، وترك ماكرون يمشي وراءه ليلحقه، على بعد 4 أمتار تقريبا.
ومن عادة الرئيس المستضيف المشي بجوار الرئيس الضيف، وجعله في المقدمة، خلال المؤتمرات الصحفية واللقاءات.
وبدا وكأن بوتن يحاول إهانة الرئيس الفرنسي بهذه الحركة، وجعله يكون “تابعا له”، وهو ما حلله الخبراء.
وكتب ناشط على وسائل التواصل الاجتماعي معلقا على الواقعة: ” عدم انتظار الضيف وعدم مصاحبته عند انتهاء المؤتمر يدل على أن المضيف ماض لتطبيق رؤيته للحل دونما انتظار لرأي الآخر أو حتى مجرد الاستماع له. بالمجمل سيناريو اللقاء يدل على قوة الاختلاف والهوة الكبيرة بين الآراء”.
وكتب آخر: “لن تحدث الحرب. بوتن يرغب بتحقيق انتصارات غير عسكرية (إعلامية) وهذا ما يفعله الآن”.
ونشرت روسيا عشرات آلاف القوّات على حدود أوكرانيا في الأشهر الأخيرة، مما أثار مخاوف أوروبية وعالمية من حدوث غزو.
وبينما تنفي الحكومة الروسيّة أيّ خطط من هذا القبيل، فإنّها تُصر على الحصول على ضمانات مكتوبة في ما يتعلّق بأمن روسيا، بما في ذلك عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي.
الموقف الروسي
وحول هذا الموقف، قال الكاتب والباحث السياسي زاهي علاوي لسكاي نيوز عربية: “الرئيس الروسي لا يتراجع عن مواقفه التوسعية، أعتقد أن هذه الحركة سبقتها أيضا نظرة ساخرة من الرئيس الروسي خلال المؤتمر الصحفي، عندما قال إن الرئيس الفرنسي انهال عليه بالمطالب والأسئلة طوال 6 ساعات، وهي إشارة إلى أن بوتن يظن أن الرئيس الفرنسي بالغ في مطالبه وأسئلته، وهناك رسالة واضحة بأن بوتن مصمم على إثبات الموقف النهائي لروسيا”.
وأضاف علاوي: “زيارة ماكرون يمكن وصفها بأنها لم تكن كما أرادها الرئيس الفرنسي، والأوروبيين لم يستطيعوا فرض أي شيء على روسيا، هناك وعود لأوكرانيا بأن روسيا ستدفع الثمن، ولا وضوح حقيقي لهذه التهديدات”.
وأكمل: “يجب ألا ننسى أن ألمانيا لديها موقف مختلف عن أوروبا، المستشار الألماني كان مبهما بتوجيهه الاتهام لروسيا بسبب موقفها مع أوكرانيا. وهذا يضعف الموقف الأوروبي الذي جاء به ماكرون”.