كانت خيرسون المطلة على البحر الأسود أول مدينة أوكرانية رئيسية تسقط في أيدي القوات الروسية، وقد لعبت دورًا حاسمًا في سيطرة تلك القوات على مناطق جنوب أوكرانيا.
والثلاثاء، قالت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، إن “خبراء وحدات بثّ القوات المسلحة الروسية غيّرت خاصيات آخر برج من بين سبعة أبراج في منطقة خيرسون، لتتمكن قنوات التلفزة الروسية من البثّ”.
وأشارت إلى أن نحو مليون من سكان المنطقة بات بإمكانهم الآن مشاهدة “مجانًا” القنوات الروسية الرئيسية، لا سيما تلك التابعة لشركة البث التلفزيوني والإذاعي لعموم روسيا الرسمية التي تنقل بشكل دائم سياسة الكرملين.
استفتاء وشيك
ونقلت وكالة “تاس” الروسية الرسمية، الثلاثاء، عن أحد المسؤولين الموالين لروسيا الجدد في خيرسون كيريل ستريموسوف أن روسيا قد تضمّ هذه المنطقة “قبل نهاية العام.
وأضاف: “سنجري استفتاءً هذا العام. وبعد هذا الاستفتاء، سنتوجه إلى قادة الاتحاد الروسي كي يقبلوا انضمامنا إلى روسيا”.
وفي وقت سابق، قال نائب رئيس الإدارة الروسية في خيرسون كيريل ستريموسوف إنه لا توجد خطط لإنشاء “جمهورية خيرسون الشعبية” على غرار إقليمي دونيتسك ولوغانسك في أوكرانيا، لكنه أشار إلى أن هناك خططًا لمطالبة الرئيس الروسي بضمه للاتحاد الروسي، مضيفًا: “خيرسون هي روسيا”.
بدوره، قال سكرتير المجلس العام لحزب روسيا الموحدة الحاكم أندريه تورتشاك، إن بلاده دخلت هذه المنطقة وستبقى فيها إلى الأبد، “لا ينبغي أن يكون هناك شك في ذلك”، مؤكدًا أنه لن تكون هناك عودة إلى الماضي، وأن بلاده ستعمل على “تطوير هذه المنطقة الغنية”.
“روسنة” الشرق والجنوب
تعقيبًا على ذلك، قال المحلل المتخصص في الشؤون الأمنية والاستراتيجية ليون رادسيوسيني إن خيرسون تعد أحد أكبر المكاسب لروسيا منذ بدء الحرب وكانت أحد الأهداف الرئيسية لتأمين مياه عذبة إلى شبه جزيرة القرم التي استولت عليها موسكو في 2014.
وأضاف رادسيوسيني، في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”، أن “موسكو تعمل على روسنة مناطق الشرق والجنوب عبر تغيير الهوية والديمغرافية السياسية والاجتماعية في تلك المناطق بهدف إنشاء بيئة مؤيدة لروسيا بالكامل، ومن ثم بسط سيطرتها على الساحل الأوكراني، وهو أمر ليس بالصعب في بعض المدن التي تعتبر تاريخيًّا جزءًا من روسيا”.
وأشار إلى أن “تقسيم أوكرانيا وإضعافها هما أحد أهداف العملية العسكرية وخيرسون لن تكون الأخيرة، والخطوة المقبلة ستكون أوديسا التي تعد العاصمة الساحلية لأوكرانيا، وتسهم بنحو 20 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، كما تمثل مكانة رمزية لروسيا كونها أحد أهم الموانئ في فترة الإمبراطورية الروسية”.
واعتبر أن موسكو تعمل على “خنق الاقتصاد الأوكراني والتجارة البحرية، وهو ما ينعكس سلبًا على العالم ومن ثم الضغط على الغرب لرفع العقوبات”.
ما أهمية خيرسون؟
تقع خيرسون في جنوب أوكرانيا، وتعتبر ميناء مهمًّا ورئيسيًّا على البحر الأسود وعلى نهر دنيبرو، ويبلغ عدد سكانها نحو 300 ألف نسمة، وهي عاصمة مقاطعة خيرسون المتاخمة لشبه جزيرة القرم، التي سيطرت عليها روسيا عام 2014، وتكمن أهميتها في كونها تقع على مصب نهر دنيبرو، وتطل على بحر آزوف من الجنوب الشرقي، والبحر الأسود من الجنوب الغربي، علاوة على أنها تشكل بذلك حلقة وصل بين شبه جزيرة القرم وإقليم دونباس شرقي أوكرانيا.
وتمتلك خيرسون أكبر ميناء في أوكرانيا لبناء السفن في البحر الأسود، وهي مركز رئيسي للشحن، وقد نمت المدينة بشكل مطرد خلال القرن التاسع عشر، بسبب الشحن وبناء السفن، وظلت مركزًا رئيسيًّا لبناء السفن طوال القرن العشرين.