وبحسب محللون ومختصون في الشأن الأمريكي، تحدثوا لموقع “سكاي نيوز عربية”، فإن حملة بايدن تواجه العديد من العقبات للحصول على أصوات الناخبين الشباب، وعلى رأس ذلك كبر سنه البالغ 81 عاما، في حين يفضل الشباب المرشحين الأصغر سنًا، فضلًا عن تأثرهم بالحرب الجارية حالياً في قطاع غزة والانتقادات الموجهة إلى إدارته بشأن تأخر التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى وحماية المدنيين.

وفي أواخر العام الماضي، أظهر استطلاع للرأي نشرته شبكة “إن بي سي” الأمريكية، تراجع شعبية بايدن بين أوساط الناخبين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاماً، إذ حصل الرئيس السابق دونالد ترامب على دعم 46 في المائة من الناخبين الشباب، في حين حصل بايدن على 42 في المائة.

كما أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة نيويورك تايمز ومعهد سيينا للأبحاث، أن الناخبين المسجلين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاما قالوا إنهم أكثر ميلا إلى دعم فلسطين في خضم الحرب الجارية، في الوقت الذي أشار 72 بالمئة من الناخبين إلى أنهم لا يوافقون على جهود الرئيس الأمريكي.

خطوات لاستقطاب الشباب

  • اتخذت حملة بايدن عددًا من الخطوات المتعاقبة لاستقطاب الشباب، حيث الرئيس الأمريكي يوم الأحد، حسابا على منصة التواصل الاجتماعي “تيك توك”، بتسجيل مصور مدته 26 ثانية، على الرغم من الانتقادات الحادة من الحكومة الأميركية للمنصة في السنوات الأخيرة، والتي قادها الجمهوريون، وصدر جزء منها أيضا من إدارة بايدن.
  • في التسجيل الذي نشر على حساب حملة بايدن “@bidenhq”، تطرق الرئيس الديمقراطي إلى موضوعات تراوحت بين السياسة والدوري الوطني لكرة القدم الأميركية.
  • ولدى سؤاله عن وجود خطة سرية للتلاعب بنتيجة مباراة نهائي السوبر بول، أكبر حدث رياضي في الولايات المتحدة، لتستغل تايلور سويفت التي تواعد لاعب “كنساس سيتي تشيفس” ترافيس كيلسي شهرتها لدعم بايدن، سخر الرئيس من الفكرة التي يعتبرها البعض نظرية مؤامرة يمينية. ويقول “سأكون في ورطة إذا اخبرتكم”.

قوة تايلور سويفت

  • لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل استعانت حملة بايدن بنجمة البوب تايلور سويفت لكسب أصوات الشباب الأميركي مع تنامي شعبية ترامب، وتفاعل بايدن مع ذلك حيث نشر صورة “غريبة” له على منصة “إكس”، تظهر أشعة ليزر على ما يبدو تنطلق من عينيه، وكتب تعليقا مقتضبا قال فيه: “تماما كما خططنا له”، ليثير التكهنات بشأن قصده من هذه الجملة.  لكن تقارير صحفية ومتابعين لمنصات التواصل الاجتماعي، قالوا إن بايدن كان يرد بسخرية على تقارير أشارت إلى “تلاعب” في مباراة نهائي الـ”سوبر بول”، ما يعني تفاعله مع الموضوعات الشبابية.

معضلة كيس البطاطا

  • اهتم بايدن بالتفاعل مع موضوعات الشباب عبر حسابه على منصة “إكس”، حيث اشتكى من أنشطة الشركات الأمريكية التي تقلل كمية المنتجات الغذائية في عبواتها، بما في ذلك رقائق البطاطس.
  • علق بايدن عبر فيديو نشره على “إكس”، قائلًا: “عندما اشتريتم مقبلات لمشاهدة كرة القدم على الأغلب لاحظتم أن زجاجات المشروبات أصبحت أصغر حجما وهناك عدد أقل من رقائق البطاطس في أكياس رقائق البطاطا، على الرغم من أن السعر هو نفسه. حيث تعمل الشركات تدريجيا على تقليل كمية المنتجات في عبواتها وتعتقد أنه لن يلاحظ أحد ذلك”. ودعا الرئيس الشركات إلى التوقف عن فعل ذلك.

ملاحقة الناخبين في كل مكان

  • قال مستشارو الرئيس إنهم “سيقابلون الناخبين أينما كانوا”، ولن يوفروا أي تطبيق لفعل ذلك، كما ألمحوا إلى إمكانية انضمامهم أيضا إلى تطبيق “تروث سوشيل” المملوك لترامب، إذا اقتضت الحاجة. كما وضعت حملة بايدن إستراتيجية رقمية ستعتمد على المئات من “المؤثرين” على وسائل التواصل الاجتماعي الذين يروجون له، حيث أشار موقع “أكسيوس” إلى أن هؤلاء سيكون لديهم في وقت قريب غرفة إحاطة خاصة بهم في البيت الأبيض.

الشباب.. كتلة فارقة

بدوره، قال المحلل السياسي الأميركي سكوت مورغان، وهو عضو في الحزب الديمقراطي، في حديث خاص لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن تصويت الشباب كان عاملا مهمًا في انتخاب الرئيس الأمريكي، خلال الاستحقاقات الانتخابية الماضية.

وأوضح مورغان أن إحدى الأساليب الدعائية الناجحة التي تم استخدامها لكسب أصوات الشباب، كانت الوعد المتعلق بقروض الطلاب، وكان الوفاء بهذا الوعد مشكلة في الكثير من الأوقات.

وحاول الرئيس بايدن العام الماضي التماهي من تلك القضية، بيد أن المحكمة العليا الأمريكية أبطلت اقتراحه بشأن إلغاء المليارات من ديون الطلاب، حيث ألغى الحكم الخطة فعليا، والتي كانت ستسقط حوالى 10 آلاف دولار عن كل مقترض، وما يصل إلى 20 ألف دولار في بعض الحالات.

وقال بايدن إن الأمر أثار غضب الرأي العام الأمريكي، وتعهد حينها بوضع إجراءات جديدة لتخفيض ديون طلاب الجامعات باستخدام قوانين أخرى قائمة.

عقبة غزة

لكن “مورغان” يعتقد أن الحرب في غزة باتت إحدى العقبات أمام منح الشباب أصواتهم إلى بايدن، مضيفًا: “إحدى القضايا التي تمثل معضلة أمام بايدن في كسب الناخبين الجدد هي الصراع في غزة، وتواصل مع بعض المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي للإعلان عن سياساته والترويج لها، بما يُمكنه من حصد بعض الأصوات الإضافية من تلك الكتلة”.

ويعتقد الخبير الأميركي المتخصص في الشؤون الإستراتيجية أن عامل السن يمثل تحدياً إضافياً أمام بايدن. وقال: “يشعر الشباب بالفارق في التفكير مع الإدارة التي يتجاوز رئيسها عتبة الـ 80 عامًا، وأن أصواتهم غير مسموعة، ويبدو أن هذا هو الجزء الذي قد تعتبره حملة بايدن أمرًا مفروغًا منه”.

ويوضح “مورغان” أن الكثير من تدوينات الشباب الأمريكي على مواقع التواصل تُظهر ذلك جلياً في التعامل مع سياسات بايدن، معتبرًا أن “منشورات وسائل التواصل الاجتماعي قد أكثر موثوقية من بيانات الاقتراع التقليدية”.

بيد أنه أكد أنه في هذا الوقت، من الصعب اتخاذ قرار بشأن من يحسم أصوات الناخبين الشباب سواءً بايدن أو ترامب، وسيكون من الضروري الانتظار حتى عيد العمال (أول يوم اثنين من شهر سبتمبر) لمعرفة توجهات الناخبين الحقيقية بعد شهور من الحملات الانتخابية.

كيف يرى الجمهوريون الأمر؟

في المقابل، يرى عضو المجلس الاستشاري لترامب سابقاً، وأستاذ القانون الدولي الأمريكي، جابريال صوما، في حديثه لموقع سكاي نيوز عربية، أن بايدن يعلم أنه يواجه خطر خسارة الكثير من أصوات الشباب في حملته الانتخابية الراهنة، بسبب العديد من سياساته خلال فترة التي تنقضي هذا العام.

وأوضح “صوما” أن أحد المؤشرات التي يهتم بها الشباب الأمريكي هي مسألة صادرات الغاز الطبيعي المسال، حيث كان من المقرر أن يتم الاستمرار في سياسة التصدير، لكن بايدن تدخل لإيقافه مؤقتاً حتى تتمكن وزارة الطاقة من مراجعة التأثيرات المناخية، لأنه يعلم جيداً أن الشباب خاصة المهتمين بقضايا المناخ وهم يمثلون نسبة كبيرة، لا يريدون تنفيذ هذا القرار.

وفي نهاية يناير، أعلنت إدارة بايدن تعليق إصدار تصاريح لأي منشآت جديدة لتصدير الغاز الطبيعي المسال، في خطوة حظيت بإشادات على اعتبارها ضرورية للتعامل مع أزمة تغيّر المناخ.

ولفت صوما إلى أن بإمكان بايدن استغلال قضايا المناخ لكسب مزيد من التأييد وسط الأوساط الشبابية الأمريكية، مضيفا: “بإمكانه تقديم برنامجاً تفصيلياً يتعلق بالوقود الأحفوري لإخراجه من الاقتصاد الأمريكي، والانتقال لمجال الطاقة النظيفة”.

استعادة زخم القاعدة الشبابية

المحلل السياسي الأميركي ماك شرقاوي، قال في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن الشباب يعتبرون من الشرائح المهمة بالنسبة للديمقراطيين، حيث اعتمد عليهم في وقت سابق الرئيس باراك أوباما وأطلق شعاره الانتخابي “نعم نستطيع” وكان موجهًا بالأساس لتلك الفئة لدعمه، ثم لعبت على هذه الكتلة المرشحة الديمقراطية السابقة هيلاري كلينتون في مواجهة ترامب.

وأضاف شرقاوي أن “الرئيس بايدن يعتمد في خطته الانتخابية على أدوات الحزب الديمقراطي التقليدية مع التجديد بعض الشيئ فيها، وبالتالي دائمًا ما يميل الشباب إلى التصويت للمرشح الديمقراطي، باعتبارهم يميلون إلى الفكر الليبرالي المتحرر، ولكن الأمور تختلف بشكل واضح في الانتخابات الراهنة، حيث تشير الكثير من استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة إلى أن الشباب يرفضون سياسات بايدن خلال الفترة الأخيرة”.

وهذا ما أشارت إلى صحيفة “الغارديان” البريطانية، في تقرير مطلع العام الجاري، حيث أضحت أن الحرب الإسرائيلية على غزة أشعرت الكثير من الشباب الأمريكيين بخيبة أمل في الرئيس الذين صوتوا له قبل 4 سنوات.

واعتمد الديمقراطيون على إقبال الناخبين الشباب لدفعهم إلى الفوز في الانتخابات الرئاسية لعام 2020 والانتخابات النصفية لعام 2022. وينفق الجهاز الديمقراطي عادة ملايين الدولارات على التواصل مع الشباب ومشاركتهم لتعزيز الدعم.

وعاد المحلل السياسي الأميركي للقول بأن “بايدن فقد الكثير من الزخم لدى الشباب، حيث يرفض الكثيرين من أنصاره العمليات العسكرية في غزة ويطالبون بوقف إطلاق النار، واستمرار الحرب الراهنة سيكون لها الكثير من التداعيات خاصة بين فئة الشباب”.

ولا يعتقد “شرقاوي” أن ظهور بايدن وتفاعله على منصات التواصل الاجتماعي لن يجذب له أصوات الناخبين الشباب، ما لم يُغير سياساته خلال الشهور الحاسمة قبل انتخابات نوفمبر المقبل.

skynewsarabia.com