وذكرت وكالة “بلومبرغ” للأنباء، الاثنين، أن الصين استوردت في الشهر الماضي ضعف كمية الغاز الطبيعي المسال من روسيا بالمقارنة مع الكمية التي استوردتها في العام السابق، وذلك على الرغم من تراجع الرغبة في عمليات الشراء الفوري؛ بسبب ارتفاع الأسعار.
ورأى مراقبون أن الصين تصطف إلى جانب حليفتها روسيا في الحرب الأوكرانية، لكنها تنتهج سياسة تعتمد على تقديم الدعم بشكل “غير مباشر”، وإعلان الحياد أمام المجتمع الدولي، لتحقيق أكبر قدر من المكاسب للبلدين.
الصين.. المستفيد الأول
ويقول أستاذ الاقتصاد السياسي كريم العمدة “إن حجم التعاون بين الصين وروسيا سيتضاعف إلى حد غير مسبوق في ضوء العقوبات المفروضة على الثانية، بما سيدفع نحو تحقيق طفرة جديدة لبكين التي تجد في منطقة الصراع الروسي الغربي فرصة لتحقيق أهدافها الاقتصادية، منها على سبيل المثال الاعتماد على اليوان بديلا عن الدولار في المعاملات التجارية الخارجية”.
وفي تصريح لـسكاي نيوز عربية، يوضح العمدة أن حجم التعاون بين البلدين على مستوى الاقتصاد والأمن سيشهد طفرة غير مسبوقة، والولايات المتحدة تعلم ذلك ومستعدة للتعامل معه، مشيرا إلى أن فبراير الماضي شهد توقيع اتفاقين جديدين في قطاع النفط والغاز بين روسيا والصين بقيمة 117.5 مليار دولار، فيما يتصاعد الخلاف بين روسيا والغرب.
ويؤكد العمدة أن روسيا التي تعد ثالث أكبر مورد للطاقة في العالم عملت بشكل كبير على تعزيز شراكتها مع الصين، وهي أكبر مستهلك للطاقة في العالم أيضا، في محاولة لإيجاد بدائل لسوق النفط الروسي بعيدا عن أوروبا التي تهدد بوقف وارداتها لتغليظ العقوبات ضد موسكو.
وبحسب العمدة، تعد الصين من أهم المستفيدين من الأزمة الأوكرانية حيث برز دورها كقوة إقليمية قادرة على لعب دور محوري في التحولات الجيوسياسية الدولية، وأيضا كشريك اقتصادي قوي لروسيا ومنافس للولايات المتحدة، مؤكدا أن التحالف الروسي الصيني سيزداد قوة وتوغلا خلال السنوات المقبلة كأحد أبرز تداعيات الأزمة الأوكرانية.
ما أهمية الموقف الصيني؟
وبحسب الكاتب عباس عبود سالم، المختص بالأمن الدولي والإقليمي، في دراسته المنشورة بموقع تريندز للبحوث والاستشارات، تبرز أهمية موقف الصين، لكونها أكبر سوق منفرد للصادرات الروسية، مثل النفط والغاز والفحم والمنتجات الزراعية.
وكشف بوتن، مؤخرا، عن صفقات نفط وغاز روسية جديدة مع الصين، مما يوضح أن جزءا مهما من استراتيجية روسيا لمواجهة العقوبات يعتمد على علاقاتها مع الصين.
وبكين من جهتها لا تريد أن تظهر بمظهر المعادي للدول الغربية، وهذا ما عبّر عنه وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، الذي أعرب عن أمله في أن تبقى بلاده بمنأى عن العقوبات المتعلقة بالأزمة الأوكرانية، مؤكدا أن بلاده لا تريد على الإطلاق أن تنعكس هذه العقوبات عليها كونها “ليست طرفا في النزاع”.
ويرى عبود أن “تأثير العقوبات المفروضة على روسيا يتوقف على عاملين رئيسيين، يتعلق الأول بقدرة الاقتصاد الروسي على الصمود، والثاني يتمثل في قدرة الدول الغربية، خاصة دول الاتحاد الأوروبي، على الالتزام بفرض العقوبات في ظل ارتباط اقتصاداتها واعتمادها بشكل كبير على تجارتها مع روسيا، لاسيما فيما يتعلق بإمدادات الغاز الطبيعي، وتراهن موسكو على عامل الزمن وتصدع جدار العقوبات وحاجة أوروبا للغاز والنفط والفحم والقمح الروسي”.