المحامي الأذربيجاني جواد جوادوف صرح لوسائل إعلام أجنبية أن المحكمة المركزية في العاصمة باكو أوقفت رجل الدين الشهير الإمام سردار باباييف، مبرزا أن قاضي المحاكمة قرر سجنه لمُدة أربعة أشهر حسب قانون أمن الدولة.
وكانت السُلطات الأذربيجانية قد اعتقلت باباييف قبل أربعة سنوات، حينما كان إماماً لجامع المسالي وسط العاصمة باكو، ولنفس التُهمة، المتمثلة بالولاء والارتباط بإيران، وحكمت عليه بالسجن لمُدة ثلاث سنوات.
مواقع إخبارية أذربيجانية نقلت أخبار مُتطابقة حول العديد من رجال الدين الذين تم اعتقالهم خلال الأيام الثلاثة الماضية، بينهم على الأقل خمسة أئمة جوامع رئيسية، كاشفة أن السُلطات الأمنية الأذرية قامت بحملة لتفتيش منازل ومكاتب الأشخاص الذين تم اعتقالهم، وصادرت جميع الهواتف وأجهزة الكومبيوتر التي كانت في منازل ومكاتب هذه الشخصيات الدينية، وبنفس الأسلوب، الأمر الذي دفع المراقبين للاعتقاد أن ما يجري هو حملة “انتقام” مُنظمة تقودها السُلطات الأذربيجانية لضبط شبكات إيران داخل أراضيها.
رجل الدين المُتهم بارتباطه بإيران إبلغار إبراهيم أوغلو، خرج في بث مُباشر على وسائل التواصل الاجتماعي، أكد فيه أن رجال الأمن قد فتشوا بيتهم وسألوا عنه ليلة الخميس/الجمعة، متهماً الأجهزة الأمنية بمحاولة اعتقاله لأسباب سياسية، مردفاً أنه خلال الحرب الأخيرة من أرمينيا كان موالياً لبلاده.
عدد من الشخصيات الثقافية والسياسية والدينية الأذربيجانية ردوا مباشرة على إبراهيم أوغلو وغيره من رجال الدين المُعتقلين بتهمة الولاء لإيران. إذ خرج الصحافي البارز في أذربيجان رؤوف ميرغادبروف والمُفتي العام لأذربيجان شكر الله باشازاد، متهمين المُعتقلين بنشر خطابات ودعوات متعاطفة وذات دعاية للنظام الإيراني.
وهذه ليست المرة الأولى التي تعتقل فيها السُلطات الأذربيجانية رجال دين بتهمة الولاء لإيران. فالنظام المدني/العلماني في أذربيجان يتهم جارته إيران ونظامها السياسي باستغلال المشاعر الدينية في البلاد، لاستخدام رجال الدين هؤلاء كجزء من دعايتها السياسية وخلق شبكات من المتعاونين والموالين لها داخل أذربيجان.
الباحث والكاتب آراس فائق شرح في حديث مع “سكاي نيوز عربية” آلية التفكير والعمل السياسي التي تعمل إيران عليها في مُختلف دول المنطقة، والتي تتقصد التدخل السياسي والزعزعة الأمنية في المُحصلة.
وقال: “لم يكن ثمة من ثقة عميقة بين النظام الإيراني وطبيعة الدولة التي تأسست عليها أذربيجان بعد انفصالها عن الاتحاد السوفياتي عام 1992. فدائماً كانت أذربيجان مُتهمة في عين الحاكمين في إيران بأنها دولة تُعزز المشاعر القومية لقرابة 15 مليون أذري من سُكان إيران، ومتحالفة بعمق مع تُركيا والولايات المُتحدة، وفوق ذلك تُقدم نموذجاً مدنياً للحُكم. وكُل ذلك يُقلق مضاجع السُلطة الحاكمة في إيران. هذه السلطة التي تؤسس لشبكات من رجال الدين الموالين والمرتبطين بأجهزتها الأمنية، لتكون قادرة على زعزعة الاستقرار داخل أذربيجان في أي وقت تحتاجه”.
عمليات الاعتقال الراهنة تأتي في ظلال ذروة التوتر السياسي والعسكري بين إيران وجارتها الشمالية، الأمر الذي قد يجعل من هذه الاعتقالات عاملاً لتعمق الشروخ بين البلدين. بالذات لأنها تضمنت إغلاقاً للمكتب التمثيلي للمُرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي في العاصمة باكو.
وكان التوتر بين إيران وأذربيجان قد بدأ منذ أواسط شهر سبتمبر، حينما اعتقلت الأجهزة الأمنية الأذربيجانية عددا من سائقي الشاحنات الإيرانيين، الذين كانوا ينقلون البضائع إلى إقليم كارباخ المتنازع عليه بين أذربيجان وأرمينيا، حيث أن هذه الأخيرة من حلفاء إيران في منطقة القوقاز.
تصاعد التوتر بين البلدين بعدما أقامت إيران مناورات عسكرية بالقرب من الحدود الأذربيجانية، متهمة أذربيجان بالتعاون العسكري مع إسرائيل بُغية خلق ما يشبه الحصار حول إيران، وهو أمر رفضته أذربيجان، مُعتبرة إياه تدخلاً في الشؤون الداخلية للبلاد من قِبل طهران.