كانت أعمال القمة الـ 18 لرؤساء دول وحكومات مجموعة العشرين، انطلقت، السبت، في العاصمة الهندية نيودلهي، للتباحث حول أبرز القضايا الدولية وتسريع التقدم الجماعي نحو التنمية المستدامة ودفع العمل المناخي وتحقيق توازن نمو الاقتصاد العالمي.

ويرى مراقبون ومختصون في الشؤون الدولية في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن قمة نيودلهي استطاعت إيجاد مساحة مشتركة بين الدول الكبرى، خاصة فيما يتعلق بملف تغير المناخ، وتداعيات الحرب الأوكرانية على الدول النامية، كما كان لافتًا خلالها الحضور العربي والإفريقي الذي يعد الأبرز منذ تأسيس التكتل عام 1999.

ماذا اتفق قادة مجموعة العشرين؟

  • أعلن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، أن زعماء مجموعة العشرين، توصلوا إلى توافق بخصوص القضايا التي تواجه المجموعة، خاصة في القضايا المتعلقة بالتغيرات المناخية والتنمية الاقتصادية.
  • عمل الدبلوماسيون بشكل مباشر لصياغة بيان مشترك نهائي في الفترة التي سبقت القمة لكنهم واجهوا عقبات في توصيف الحرب في أوكرانيا، حيث كان الرئيس الأميركي جو بايدن يأمل في إقناع أكبر اقتصادات العالم بالالتفاف خلف أوكرانيا خلال إقامته التي استمرت ليلتين في الهند لحضور القمة، كما ضغط لإنجاز قضايا الاستثمار الأميركي في العالم النامي.
  • يوم السبت، وبينما كانت القمة لا تزال جارية، وافق الزعيمان بايدن ومودي على الإعلان المشترك الذي يعترف بالوضع في أوكرانيا، حيث جاء في الإعلان: “أنه يجب على جميع الدول الامتناع عن التهديد أو استخدام القوة للسعي إلى السيطرة على الأراضي”، دون ذكر روسيا صراحة بشأن الحرب في أوكرانيا.
  • كما ذكرت الوثيقة معارضة استخدام الأسلحة النووية وسلطت الضوء على الآثار الاقتصادية للحرب.
  • في تباين لوجهات النظر بين دول مجموعة الـ 20، أقر البيان بأنه “كانت هناك وجهات نظر وتقييمات مختلفة للوضع”.
  • أثنت واشنطن على نص الإعلان الختامي، إذ وصف مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان البيان بأنه “معلم مهم لرئاسة الهند وتصويت على الثقة بأن مجموعة الـ20 يمكن أن تجتمع معا لمعالجة مجموعة ملحة من القضايا”.
  • يأتي ذلك على الرغم من اختلاف لغة الإعلان عن قمة العام الماضي، الذي نص سابقا على أن “معظم الأعضاء أدانوا بشدة الحرب في أوكرانيا”.
  • دفعت الهند لتوجيه المزيد من الاهتمام لتلبية احتياجات العالم النامي محط تركيز مؤتمر القمة، إذ عمل المنظمون بشكل قوي لعدم هيمنة الحرب في أوكرانيا على مجرى القمة.
  • اتفق زعماء أقوى 20 دولة في العالم، على منح الاتحاد الإفريقي عضوية دائمة، بهدف زيادة تمثيل المجموعة.
  • أعلن القادة دعم الجهود المبذولة لزيادة القدرة العالمية للطاقة المتجددة 3 مرات بحلول عام 2030، متعهّدين بتسريع العمل لمكافحة تغير المناخ.
  • لكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اعتبر أن نتائج قمة مجموعة العشرين المرتبطة بالمناخ “غير كافية”.

اتفاقات ومشروعات جديدة

من بين فعاليات القمة، إعلان الولايات المتحدة، اتفاقها مع الهند على حل آخر نزاع بينهما في منظمة التجارة العالمية، والذي يتعلق بالدواجن، وعلى وجه الخصوص بقيود فرضتها الهند على استيراد بعض المنتجات الزراعية من الولايات المتحدة بسبب مخاوف من إنفلونزا الطيور.

كما كان لافتًا خلال القمة، الاتفاق على مشروع “ممر” طموح من شأنه أن يربط الهند وأوروبا، عبر خطوط السكك الحديد والنقل البحري تمر بالشرق الأوسط، حيث تم التوقيع على اتفاق مبدئي، في نيودلهي، بين الولايات المتحدة والإمارات والسعودية والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا.

ومن المقرر أن يضم المشروع خطوطا للنقل السككي والنقل البحري تربط قارات أساسية بعضها ببعض، ومن شأنه أن يساعد في تعزيز التجارة وتوفير موارد الطاقة وتحسين الاتصال الرقمي.

ووصف الرئيس الأميركي المشروع بـ”الاتفاق التاريخي”، وقالت عنه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لايين إنه “أكبر بكثير من مجرد سكك حديد أو كابلات (…) بل هو جسر أخضر ورقمي بين القارات والحضارات”.

قمة ناجحة

من جانبه، يرى الخبير المتخصص في العلاقات الدولية، أيمن سمير، في تصريحاته لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن قمة العشرين تعتبر ناجحة إلى حد كبير بالمقارنة بباقي القمم الـ 17 السابقة لعدد من الأسباب على رأسها:

  • الرئاسة الهندية للقمة، التي تشكل جسرا وقاطرة بين المجموعتين الرئيستين داخلها، سواء مجموعة الدول الصناعية الـ 7 أو مجموعة بريكس، أو بشكل أدق بين روسيا والصين من جانب، والولايات المتحدة والغرب من جانب آخر.
  • القمة استطاعت خلق مساحة مشتركة حول الحرب الروسية-الأوكرانية، والجزء الخاص في البيان الختامي يشكل توافقا بعكس قمة بالي السابقة، حيث نجحت في إصدار بيان مكون من 34 بندًا تطرق إلى الحرب على الرغم من عدم موافقة أوكرانيا عليه، لكنه كان متوازنًا وطرح وجهة نظر كل الأطراف.
  • القمة نجحت في إظهار بعض الخطوات التي ينبغي العمل عليها الفترة المقبلة سواءً ما يتعلق بملف الديون وإصلاح منظمة التجارة الدولية والمؤسسات المالية الدولية.
  • جرى تشكيل تحالف لإنتاج وتسويق الطاقة الحيوية وهي طاقة نظيفة للوصول إلى صفر كربون وحماية الكوكب من الاحترار المناخي وهذا كان مكسباً لكل البشرية، ويعد جزءًا بارزًا في ملف التغيرات المناخية.
  • ملفات الطاقة والأمن الغذاء كانت حاضرة بصورة بارزة في مناقشات القمة، ويتوقع أن تشهد تحسنا في الفترة المقبلة.

حضور عربي وإفريقي

وبالإضافة إلى السعودية التي تعد عضوًا في مجموعة العشرين، شاركت دولة الإمارات ومصر وسلطنة عُمان في القمة كضيف شرف، من خلال حوارات ولقاءات مع الشركاء الدوليين للتباحث خلالها لمواصلة تعزيز التعاون في عدة قضايا تشمل دفع العمل المناخي والنمو الاقتصادي.

وبجانب جنوب إفريقيا، دعيت دول إفريقية أخرى إلى القمة، وهي موريشيوس ونيجيريا، علاوة على رئيس الاتحاد الإفريقي.

وذكر الخبير المتخصص في العلاقات الدولية، أن الحضور العربي والإفريقي بقمة العشرين له مجموعة من الفوائد، على رأسها أن يكون هناك صوت عربي وإفريقي مؤثر في هذا التجمع الدولي الذي يضم حوالn 85 بالمئة من الناتج العالمي، و75 بالمئة من التجارة الدولية، إضافة لإعلاء مصالحهم وجعلهم شريكا حقيقيا وفاعلًا في صياغة التفاهمات السياسية والاقتصادية المحيطة بهذا التكتل الكبير.

ولفت إلى أن هذا الحضور سوف ينعكس إيجابياً على الدول العربية ليس فقط في مشروعات التنمية والاستثمار والبنية التحتية، لكن أيضا في رؤية الدول العربية فيما يتعلق بقيم السلام والاستقرار وأن تتحول منطقة الشرق الأوسط لمنطقة هادئة تقوم على المصالح المشتركة.

skynewsarabia.com