وفي أحدث محطة من محطات عنف الأسلحة في الولايات المتحدة، أطلق رجل أميركي من أصل آسيوي النار في قاعة للرقص قرب لوس أنجلوس، بينما كان الضحايا يحتفلون بالسنة القمرية الجديدة.
وأقدم المسلح المسن، وعمره 72 سنة، على إطلاق النار على نفسه قبل أن تقبض عليه الشرطة، تاركا وراءه حصيلة ثقيلة من 11 قتيلا وتسعة جرحى.
يقول الكاتب الأميركي المختص في الشؤون السياسية، أوجين روبنسون، إن هذا العنف قابلٌ للحل عبر طريقة واحدة فقط، وهي تضييق الخناق على “أدوات القتل”.
وجزم الكاتب في مقال بصحيفة “واشنطن بوست”، “هناك طريقة واحدة فقط لتفادي حوادث إطلاق النار الفردية والجماعية أو الانتحار وهو إبقاء قطع السلاح القاتلة بعيدا عن أيدي الأشخاص الذين قد يستخدمونها بغرض تصفية الآخرين”.
والحادث الأخير هو الأكثر دموية منذ هجوم يوفالدي في ولاية تكساس، في مايو 2022، عندما قام شاب في الثامنة عشرة من عمره بمهاجمة مدرسة، فأطلق النار موديا بحياة 19 طفلا واثنين من البالغين، مستخدما في ذلك سلاحا شبيها ببندقية هجومية من طراز “آر 15”.
مرضى وعنصريون
ثمة دوافع عدة تدفع بعض الأشخاص لأن يضعوا اليد على الزناد ويطلقوا النار، بحسب الكاتب، ومن أبرزها الإصابة بأمراض نفسية وعقلية، إذ ليس ثمة شخص سعيد ومتزن في حياته، بحسب قوله، قد يفكر في أن يؤذي الناس بطريقة دموية وعشوائية.
وفي بعض الأحيان، قد يكون الهجوم المسلح نابعا من قناعات عنصرية، كما حصل في بوفالو بولاية نيويورك، العام الماضي، وفي بعض الأحيان قد يكون الهجوم من غير دوافع واضحة أيضا.
وفي جميع الحالات، استطاع المهاجمون أن يحصلوا على أسلحة هجومية حتى ينفذوا خططهم القاتلة، على نحو قانوني، ودون عقبات كثيرة.
وبحسب هيئة البحوث المختصة في شؤون الأسلحة “Small Arms Survey”، فإن الولايات المتحدة توجد فيها 393 مليون قطعة سلاح، وهو رقم كبير للغاية، ويعني أن الأميركيين يواجهون خطرا داهما.
ثغرات قاتلة
تعد كاليفورنيا من بين الولايات التي تفرض أكثر القوانين تشددا ضد حيازة السلاح، كما أنه تمنع حيازة السلاح الذي استخدم في إطلاق النار، مؤخرا، وهو سلاح شبه آلي.
ولا يعرف المحققون حتى الآن كيف استطاع المهاجم أن يحصل على السلاح، لكن الأمر ليس صعبا، إذ كان بوسعه أن يشتري البندقية في ولاية تسمح ببيعها، ثم يأتي بعد ذلك إلى كاليفورنيا.
وبوسع المسلح أيضا أن يشتري السلاح بشكل خارج عن القانون، حتى وإن كانت ولاية كاليفورنيا لا تسمح بحيازة البندقية شبه الآلية.
وفي يونيو الماضي، وقع الرئيس الأميركي، جو بايدن، ما وصف بالتشريع الفيدرالي الأكثر حزما ضد عنف الأسلحة منذ 1994، من أجل زيادة تمويل برامج التدخل في حالة الأزمات، فضلا عن تعزيز صلاحيات سحب الأسلحة من الأشخاص الذين قد يشكلون خطرا، إلى جانب تشديد عمليات البحث والتدقيق بشأن من ينوون شراء الأسلحة.
لكن هذه الإجراءات تغض الطرف عن “بيت الداء”، بحسب الكاتب، لأن المشكلة ستظل مستمرة ما دام شراء أسلحة قاتلة يفترض استخدامها في الحروب فقط، أمرا ممكنا وربما أسهل من شراء سيارة أو استصدار جواز سفر.
وذكر الكاتب أن من وضعوا الدستور الأميركي، لم يكونوا يتوقعون أن التعديل الثاني الذي يتيح حيازة السلاح لأجل الدفاع عن النفس، سيتحول إلى هذه الفوضى، لأن الغرض من التعديل كان هو السماح بأسلحة بسيطة ذات رصاصة واحدة في الأيدي، بعيدا عما تحدثه الأسلحة الحديثة من فظاعات، نظرا إلى قدراتها الكبيرة في الفتك.
ويشدد روبنسون على أن الخطوة المطلوبة بشكل عاجل هي حظر الأسلحة الهجومية، لأن من شأن ذلك أن يؤدي لتراجع عنف السلاح بالبلاد التي تشهد مقتل الآلاف من المدنيين الأبرياء كل سنة.