ويقدم توماس ميني، وهو باحث في شؤون السياسة الخارجية بجمعية “ماكس بلانك” الألمانية، وهي مركز بحوث مرموق، رؤيته لمآل الحرب التي تدور رحاها في أوكرانيا.
وبحسب التحليل الذي نقلته صحيفة “نيويورك تايمز”، فإن هناك طريقة واحدة ممكنة لتنتصر أوكرانيا في الحرب وهي أن يجري نشر قوات لحلف شمال الأطلسي “الناتو” على الأرض، ثم تساءل حول ما إذا كان ثمة أي طرف يستطيع القيام بهذه الخطوة.
وأوضح الخبير الدولي أن الولايات المتحدة حريصة على عدم الدخول المباشر في النزاع العسكري مع روسيا، رغم تقديم الأسلحة والدعم العسكري السخي لكييف، وهو موقف عبر عنه رئيس الأركان الأميركي على نحو صريح لا مواربة فيه.
وأشار ميني إلى أن السنة الأولى من الحرب في أوكرانيا، جعلت الرئيس فولوديمير زلينسكي يكتسب الثقة ويرفع سقف التوقعات، فصار يبحث عن “نصر كامل”، في حين كان مستعدا لتقديم تنازلات عندما كانت طبول الحرب تقرع في فبراير 2022.
ويوضح الخبير أن الكرملين أدرك بالفعل صعوبة تحقيق الأهداف التي رسمها في البداية، حين أطلق العمليات العسكرية وهو يراهن على تغيير النظام السياسي القائم في كييف.
أما في الوقت الراهن، فيرى ميني أن موسكو تحرص بالدرجة الأولى على الاحتفاظ بمواقعها في كل من دونيتسك ولوغانسك، مع ضمان جسر ممتد نحو شبه جزيرة القرم.
لكن زلينسكي ليس أمام بشائر تلوح لصالحه في ساحة الحرب، لأن الروس مصممون أيضا على المضي قدما في العملية العسكرية التي أطلقوها في 24 فبراير 2022، ودفعوا ثمنا باهظا لأجلها.
أفق صعب
يقر الخبير في الشؤون الدولي، بصعوبة أن تتمكن أوكرانيا مستقبلا من استرجاع المواقع التي سيطرت عليها روسيا في هذه المنطقة.
ومع ذلك، فإن الوضع ليس قاتما بالكامل أمام كييف، بحسب الخبير، لأن اقتصاد البلاد قادر على الصمود، كما أن أوكرانيا ما زالت تسيطر على سبع من أصل ثماني مقاطعات هي الأعلى من حيث حصة الفرد من الناتج المحلي.
وينبه ميني إلى أن أوكرانيا قد تعرض نفسها للمخاطر وربما خسارة مواقعها في حال شنت هجوما مضادا، في حين قد يصب الاستمرار في القتال لصالح روسيا.
ومن بين تلك المخاطر، أن يطول النزاع فتتحول أوكرانيا إلى ما يشبه “دولة عازلة” بين روسيا والغرب، وهذا الأمر يؤدي إلى إضعاف حظوظها في الانضمام مستقبلا لكل من حلف شمال الأطلسي “الناتو” والاتحاد الأوروبي.
وفي الآونة الأخيرة، قال المؤرخ الأميركي ستيفن كوتكين، إنه من الأفضل أن تتعامل أوكرانيا بذكاء فتختار تعريفا “براغماتيا” للنصر كأن يكون ذلك عبر نيل عضوية الاتحاد الأوروبي، عوض الرهان على استعادة كافة الأراضي التي أصبحت تحت السيطرة الروسية.