وحسب تقديرات خبراء تحدثوا لموقع “سكاي نيوز عربية”، فإن إنهاء عملية “برخان” يعد “انتصارا معنويا” للجماعات الإرهابية في دول الساحل من جهة، وللتيار الشعبي المناهض للوجود الفرنسي من جهة أخرى، كما أنه فرصة للتغلغل الروسي والأميركي في المنطقة.
والإعلان عن انتهاء “برخان” تحصيل حاصل، حيث تم الكشف عنه سابقا في يونيو، وانسحب آخر جندي فرنسي من مالي في أغسطس، بعد 9 أعوام من تدخل باريس العسكري في المنطقة.
لكن ماكرون سيلقي في مدينة تولون، الأربعاء، خطابا عن “انتهاء عملية برخان وتكييف القواعد في إفريقيا”، كما أعلن قصر الإليزيه، في إشارة لتصريحات مسؤولين فرنسيين عن إعادة الانتشار في منطقة الساحل، خاصة تشاد والنيجر وبوركينا فاسو.
تاريخ “برخان”
• أطلقت باريس عملية “برخان” في دول الساحل عام 2014 لمكافحة الإرهاب، لتحل محل عملية “سيرفال” التي أطلقتها عام 2013 لمكافحته في مالي.
• عملية “برخان” ذات طابع إقليمي، شارك فيها 3 آلاف جندي فرنسي والمئات من جنود بريطانيا وإستونيا والدنمارك والتشيك.
• غادر الجيش الفرنسي مالي في أغسطس بعد 3 أشهر من انقلاب جاء بالجنرال آسيمي غويتا، المناهض للوجود الفرنسي.
• انتشرت مجموعة “فاغنر” الروسية في مناطق الصراع حيث استعانت بها حكومة باماكو بعد خلافها مع باريس، وحلت محل القوات الفرنسية.
صراع القوى الكبرى
يصف مدير مركز رصد الصراعات في الساحل الإفريقي محمد علي كيلاني، إنهاء عملية “برخان” في هذا التوقيت بأنه “فشل” لاستراتيجية باريس، مستدلا بزيادة المطالب داخل دول المنطقة برحيل الجيش الفرنسي.
وكمؤشر على تراجع نفوذ باريس، فإنها تبدو موافقة على أن تحل واشنطن محلها لمحاصرة التوغل الروسي، حسب حديث كيلاني لموقع “سكاي نيوز عربية”.
ويتفق معه ممثل الحركة الوطنية لتحرير أزواد في موريتانيا السيد بن بيلا، الذي يقول إنه “مع تراجع فرنسا فإن أبرز الرابحين من إنهاء برخان هو الجماعات الإرهابية”، متوقعا أن تزيد هجماتها.
كما لفت بن بيلا إلى أن من وصفهم بـ”أنصار موسكو” في المنطقة سيرون إنهاء “برخان” على أنه “انتصار استراتيجي” لموسكو ولهم في إفريقيا جنوب الصحراء، حيث الموارد والأمن والأسواق.
وتصب في هذا الاتجاه التغيرات المتلاحقة للقيادات صاحبة العلاقات الوثيقة بباريس منذ اغتيال الرئيس التشادي إدريس ديبي، والانقلاب على رؤساء مالي وبوركينا فاسو وغينيا، مما يعني تغيرا في مزاجية السلطة في دول النفوذ الفرنسي، وفقا لتعليقات ممثل أزواد في موريتانيا، التي أدلى بها لموقع “سكاي نيوز عربية”.
ويضيف بن بيلا أن “الجنرالات الجدد يتسمون بموقف عدائي تجاه فرنسا، ما عدا حاكم تشاد، ويسعون إلى علاقات واسعة مع روسيا للظهور بمظهر المقاوم للاستعمار الفرنسي”.
كذلك يرى الأكاديمي الموريتاني المتخصص في العلوم السياسية بون ولد باهي، أن الفراغ الفرنسي سيشعل الصراع الأميركي الروسي في الساحل.
ويوضح في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن واشنطن “تحاول جاهدة الحصول على موطئ قدم في مالي وإفريقيا، لكن التوقيت ليس مناسبا مع تراجعها عالميا”، غير أنه يعتبر أن صراع النفوذ هذا “له إيجابيات إذا أُحسن استغلالها، وكذلك سلبيات”.
تصاعد الإرهاب
وتشهد منطقة الساحل زيادة في عنف الجماعات الإرهابية، الذي تضاعف نحو 4 مرات منذ عام 2019.
ومن بين 135 منطقة إدارية في مالي وبوركينا فاسو وغرب النيجر، شهدت 84 مقاطعة (نحو الثلثين) هجمات عام 2022، وكان هذا الرقم في 2017 أقل من الثلث (40 مقاطعة)، حسب مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية ومقره واشنطن.