وحذر خبراء، في حديثهم لموقع “سكاي نيوز عربية”، من أن الإقليم قد يتحول لنسخة مكررة من حكم حركة طالبان في أفغانستان، خاصة وأن الجيش المالي لا يملك قدرات كبيرة في مواجهة حرب العصابات الإرهابية، وسيفقد قدرات تخص الرصد والدعم الجوي التي تقدمها القوات الفرنسية.
وتنشط في “أزواد” جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” الموالية للقاعدة والتي يقودها الدبلوماسي السابق والمطلوب أميركيا أياد أغ غالي، جنبا لجنب مع خلايا داعش.
وأعلنت فرنسا وشركاؤها الأوروبيون المشاركون في قتال المتطرفين بمالي، الخميس، أنهم قرروا البدء في الانسحاب العسكري من مالي، وسيركزون وجودهم في دول الجوار مثل النيجر ودول خليج غينيا.
وشغل “أزواد” الإعلام العالمي في 2012 بعد دخول “الحركة الوطنية لتحرير أزواد”، المشكلة من الطوارق، وجماعة “أنصار الدين” في معارك مع الجيش المالي، وسيطروا على مدن تمبكتو، وكيدال، وغاو شمالا، وأعلنا إقامة إمارة أزواد المستقلة بحجة إنقاذ سكان الإقليم من التهميش.
وسقطت هذه الإمارة بالتدخل الفرنسي العسكري 2013 عبر عملية “سرفال”.
وفي 2014، تشكلت عملية “برخان”، وهي قوات فرنسية حلت محل “فرسال”، لمكافحة الإرهاب في مالي وبوركينا فاسو وتشاد وموريتانيا والنيجر، قوامها ما بين 3000- 4500 مقاتل.
إمارة إرهابية
ويقول الباحث في “مركز راند” الأميركي للاستشارات الأمنية، مايكل شوركين، إن الجماعات الإرهابية ستسعى للاستفادة القصوى من الانسحاب الفرنسي لتوسيع نفوذها والضغط على سلطات باماكو، محذرا من أن تفاوض السلطات مع “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” قد يكرر سيناريو حكم طالبان الأفغانية، خاصة وأن هذه الجماعة تطمح للحكم.
واعتبر أن فرصتها أكبر في شمالي مالي من داعش؛ لأنها تعتمد على مقاتلين محليين والعلاقات بالسكان، فيما يعتمد داعش على مقاتلين محليين وأجانب.
وتخوَّف شوركين من أن تمتد سيطرة “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” إلى العاصمة باماكو، وخاصة أن “جبهة تحرير ماسينا” لديها تمويل قوي، وتبسط نفوذها على السكان في المناطق المنتشرة فيها، موضحا أن هناك اتجاها للقبول بإمارة لهذه الجماعات في شمال مالي.
وتشكَّلت “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” في 2017 من تحالف جماعات: “أنصار الدين” و”جبهة تحرير ماسينا” و”تنظيم المرابطون” و”إمارة منطقة الصحراء“، ونفذت 640 هجوما من 2017-2020، أي 64 في المئة من العمليات في الساحل والصحراء.
زيادة الهجمات
وتوقع الباحث في الشؤون الإفريقية بجامعة باماكو، محمد أغ إسماعيل، أن تستغل الجماعات الإرهابية الفراغ الأمني بعد الانسحاب الفرنسي لتوسيع نفوذها وإرهاب السكان.
ووفقا لتقرير مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية (مقره واشنطن) في يناير، فقد شهدت مالي منذ 2017، 935 عملية إرهابية بينها 318 منذ يناير 2021، واحتجز الإرهابيون رهائن من مالي ودول مجاورة لطلب الفدية التي تشكل مصدرا لتمويلها، بحسب معهد الدراسات الأمنية (ISS).
حال الجيش المالي
ويتفق المحلل السياسي التشادي الدكتور إسماعيل محمد طاهر في أن انسحاب فرنسا سيضغط كثيرا على السلطات المالية؛ لأنه يفقدها دعم سلاح الجو الفرنسي في الرصد والاستطلاع والضربات.
كما لفت إلى أن السلطات في مالي ستفتقر للأموال التي كانت توفرها عمليات وقدرات الجيش الفرنسي.
ومن المتوقع أن يكون الانسحاب الفرنسي فرصة لانتشار النفوذ الروسي عبر إرسال مقاتلين من شركة “فاغنر” لمساعدة الجيش المالي.