يستدل الخبراء على عدد من الأحداث والمُجريات التي واجهت حركة طالبان خلال الأسبوعين الماضيين، والتي دلت كلها على صعوبة ما تواجهه مستقبلاً في ذلك الاتجاه.
فبالرغم من كُل الإجراءات الأمنية التي اتخذتها الحركة لحماية مطار كابل الدولي، حتى أنها منعت آلاف الأفغان من الوصول إليه لما قالت إنها أسباب أمنية، إلا أن تفجيراً إرهابياً طال السور الشمال للمطار، وأوقع العديد من الجنود الأميركيين وأكثر من 150 أفغانياً كضحايا. وقد كان ذلك أول اختراق أمني واضح المعالم لمنظومة الحركة. حيث تلته العديد من الهجمات الصاروخية ومحاولة التفجير الانتحارية، التي تم إفشالها أو التصدي لهما من قِبل الجيش الأميركي، وليس مقاتلي الحركة.
الباحث الأفغاني رشيدي أمروز، شرح في حديث مع سكاي نيوز عربية الارتدادات المستقبلية لذلك التفجير، والتطورات المستقبلية المتوقعة لانتقال التنظيمات المقاتلة المُتطرفة إلى أفغانستان، وفي مواجهة حركة طالبان نفسها “نفس الخاصية الجغرافية التي كانت حركة طالبان تتمتع بها في أزمنة سابقة، من حيث استقرارها في بيئات جبلية قاسية وعصية، وحيث صاروا مجبورين على إخلائها بعدما دانت لهم البلاد، ستجذب مقاتلين متطرفين من مختلف أنحاء العالم، سيشكون تحدياً كبيراً للحركة، تظهر علاماته الأولى راهناً. فالحركة بقرابة 70 ألف مقاتل لا تستطيع أن تسيطر على المُدن وأكثر من 30 مليون أفغاني ومعها مساحات شاسعة من المناطق الجبلية، الجنوبية والشرقية بالذات”.
يضيف أمروز في حديثه مع سكاي نيوز عربية “كمثال واضح على صعوبة المهمة، فإن مقاتلي ’داعش خراسان‘ في أفغانستان يُقدرون بألف مقاتل فحسب، ولم تتمكن الحركة قط من القضاء عليهم. في وقت كان هؤلاء المقاتلون المتطرفون لا يتعرضون لطالبان، لكونهم كانوا يعتبرونها تواجه قوة احتلال، وراهناً سوف تتغير المعادلة، وسيبدؤون في مواجهاتها”.
إعلان المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد اليوم الإثنين عن نية الحركة الحفاظ على الجيش الأفغاني بأفراده وخبراته، مع إعادة هيكلته وضم مقاتل حركة طالبان إليه، صنفه المتابعون على أنه بمثابة تسليم من قِبل الحركة باستحالة السيطرة دون الاستفادة من الخبرات الأمنية والجاهزية الميدانية التي راكمها ذلك الجيش خلال السنوات الماضية، وإن الحركة ستقبل به بشرطي تغير عقيدته القتالية وطرد كبار قادته القادرين على تأسيس انقلابات عسكرية.
فاعلان داخليان شديدا التركيب يُصعبان مهمة السيطرة الأمنية على حركة طالبان.
فمن جهة هي تواجه مجتمعاً أفغانياً مختلفاً عما كان عليه في سنوات حُكمه قبل ربع قرن (1996-2001). فالطبقات الشابة والفاعلة من المجتمع الأفغانية يملك تلهفاً لمجموعة من الحاجات والحريات العامة يُستحال على الحركة ضبطها أو عدم توقع انفجارها. خصوصاً وأن هؤلاء الشُبان مسلحون بآليات التواصل عبر التكنولوجيات الحديثة.
المسألة الأخرى تتعلق بالتكوين الداخلي للحركة. فمن جهة ثمة تحالف غامض بين الحركة وبين شبكة حقاني (المُصنفة كمنظمة إرهابي)، وهذه الشبكات من التنظيمات المتطرفة والعصاباتية غالباً من تخلق تكتلات عسكرية وتنقلب على بعضها وتُحدث قلاقل أمنية هائلة.
كذلك تملك حركة طالبان تحالفاً مع الكثير من الزعماء المحليين والأعيان وقادة الجماعات الأهلية. هؤلاء القادرين على خلق مشاكل أمنية في مناطقهم المحلية في أي وقت يطلبون.
الخبير الأمني صقر دوبراني شرح في حديث مع سكاي نيوز عربية الديناميكيات الأمنية المحيطة بالحركة “يبدو جميع خصوم الحركة، بما في ذلك القواعد الاجتماعية الأفغانية، يبدون في حالة انتظار لما سوف تستقر عليه سلوكيات الحركة خلال شهورها الأولى. لذا فإن مجموعة مواجهاتهم الأمنية تبدو مؤجلة، لكنها متوقعة جداً، خصوصاً من المجتمع المدني والمحاور الأهلية في البلاد. فالمسألة الأمنية ليست مجرد مقاتلين وأسلحة كما هو الحال مع المسألة العسكرية، بل تتطلب مزيجاً من الهيمنة الروحية والتوافقات الداخلية والخبرات الحديثة، وكل هذه الأمور مفتقدة لدى حركة طالبان”.